جلست بجوار الصديق اللواء عرابي كلوب في احياء الذكرى السنوية الأولى لرحيل القائدين أبو علي شاهين والفريق الركن عبد الرازق المجايدة في قاعة الهلال الأحمر بمدينة غزة، سألني إن كنت قد تسلمت الكتابين الذي تناول الأول منهما سيرة القائد اللواء سعد صايل فيما خص كتابه الثاني بسيرة الفريق الركن عبد الرازق المجايدة، أومأت بالايجاب للأول وبالنفي للثاني، بدأ صديقي معاتباً من قصور المؤسسة الرسمية والتنظيمية المتعلق بتسجيل سيرة حياة القادة الذين كانت لهم البصمات الواضحة في تاريخ الثورة الفلسطينية، أصدر الصديق عرابي كتابه عن حياة اللواء سعد صايل، حيث تكفل الأخ يحيى يخلف بمساعدته في طباعته من خلال مركز صخر حبش، فيما تكفل الكاتب طباعة كتابه عن حياة الفريق عبد الرازق المجايدة على نفقته الخاصة.
عتب صديقي له ما يبرره، حيث أنه يرصد في كتبه سيرة قادة نقشوا بعطائهم وتضحياتهم صفحات مشرقة في تاريخ الثورة الفلسطينية، وأقل ما يمكن فعله وفاءً لهم أن نخلد ذكراهم بكتب تحمل تفاصيل محطات حياتهم، والأهم أن السيرة الذاتية لهؤلاء القادة تشكل معيناً تنهل منه الأجيال الشابة، يقول صديقي والحسرة تتملكه أنه أتم كتابة خمسة كتب تناول فيها سيرة القادة، اللواء احمد مفرج «ابو حميد» واللواء عبد المعطي السبعاوي واللواء زياد الأطرش والعقيد عبد الله صيام والقائد منذر أبو غزالة، ولم تر هذه الكتب النور لغياب المؤسسة التي تتكفل بطباعتها، ومن غير المعقول أن يتحمل الكاتب تكلفة ذلك، خاصة وانه يؤرخ سيرة قادة أعطوا الوطن كثيراً، ولا يكتب رواية قد تسجل نجاحاً او اخفاقاً يتحمل دون سواه نتاج ما خطته يداه.
في سنوات الانتفاضة الأولى لم نجد بين أيدينا سوى كتاب يرصد حياة القائد خليل الوزير «ابو جهاد» كتبه الصديق محمد حمزة، جعلنا من الكتاب مادة تثقيفية نطوف بها على الجيل الشاب، أن تسمع عن قائد شيء وأن تعيش معه شيء آخر، لم يحالف الكثير شرف أن يعيشوا على مقربة من هؤلاء القادة، وبالتالي قد يمثل الكتاب فرصة لهم لأن يتعرفوا وهم يقلبون صفحاته تفاصيل حياة القائد، لذلك من الأفضل لنا أن ننفق القليل في الكتابة عنهم من الكثير الذي ننفقه على مهرجانات لا طائل منها.
تقرير مؤسسة الفكر العربي يشير إلى أن متوسط قراءة المواطن الأوروبي تصل إلى نحو 200 ساعة سنوياً فيما متوسط قراءة المواطن العربي لا تتجاوز 6 دقائق سنوياً، وإن كان التقرير يشير إلى تراجع القراءة في أمة اقرأ، فمن المؤكد أن الكتابة هي الأخرى تراجعت بشكل كبير، وحالتنا الفلسطينية لا تختلف كثيراً عن ذلك، مؤكد أن وزارة الثقافة تتحمل القسط الوافر من هذا القصور على المستوى الرسمي، ويشاركها في ذلك مفوضية التعبئة الفكرية والدراسات على المستوى التنظيمي.
لطالما تحدث الكثير حول ضرورة الاستفادة من خبرة المتقاعدين العسكريين، واعتقد أنه من المفيد للوطن عامة ولحركة فتح خاصة أن يتم استيعاب هذه الطاقات في مركز يعنى بالدراسات الأمنية والتوثيقية، وأن يرفد بالامكانات التي تمكنه من القيام بمهامه.