إن ما أقدمت عليه عناصر تابعة لحركة حماس , سواء منها من كان بالزي الشرطي , أو باللباس المدني , من منع موظفي غزة الذين يتقاضون رواتبهم من رام الله من تسلم رواتبهم عن شهر مايو الماضي, والقيام بإغلاق البنوك احتجاجا على عدم تسلم رواتبهم من حكومة الوحدة الوطنية المشكلة منذ أيام قليلة لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة , إنما ينم عن جهل هذه العناصر , بما تم الاتفاق عليه بشأن مسألة رواتب أكثر من أربعين ألف موظف مدني وعسكري , قامت حكومة حماس بتوظيفهم في مؤسساتها المدنية والعسكرية على مدار سنوات الانقسام الماضية , أو أن الأمر تم تدبيره بليل من بعض المحرضين المتنفذين لابتزاز الحكومة الجديدة وقيادة السلطة الفلسطينية في رام الله , والضغط عليها من أجل القبول بصرف رواتب موظفي حماس , دون التقيد بما تم في الاتفاقات بشأن تشكيل لجان قانونية وإدارية لفحص كشوفات وملفات هؤلاء الموظفين , أو أن هناك متضررين من المصالحة ويريدون من وراء هذا العمل تخريب المصالحة , والعودة بالوضع إلى ما كان عليه سابقا , حيث أصحاب المشروع الانقسامي المتضررون من المصالحة .
ما أقدم عليه موظفو حماس , يؤكد ما ذهب إليه العديد من المراقبين , بأن المصالحة التي أقدمت عليها حركة حماس في غزة , كانت تحت الضغط المالي , بعد عجزها منذ ستة أشهر عن الإيفاء بتوفير الرواتب لموظفيها , بعد أن تعرضت مواردها المالية للنضوب , إثر إغلاق الأنفاق , التي كانت تدر عل خزينتها ملايين الدولارات شهريا , وكذلك توقف الدعم الايراني لحركة حماس بعد موقفها من النظام السوري , ووقوفها إلى جانب المعارضة , وتحالف تركيا وقطر , وعدم تمكن هاتين الدولتين من إرسال أية أموال لغزة .
أما البيان الصادر عن نقابة الموظفين بغزة التابعة لحركة حماس , فإنه ينم عن جهل وعدم دراية , أو أنه ينم عن تحريض لتعبئة الموظفين التابعين لها , من أجل تعكير أجواء المصالحة , ووضع العراقيل أمام حكومة الوفاق الوطني , فهذه الحكومة لا يمكنها أن توفي في يوم وليلة برواتب 40 ألف موظف إضافي لم تصلها كشوفات أسمائهم , أو وضعهم الاداري , وأنه لا بد من الوقت الكافي لدراسة ملفات هؤلاء الموظفين , ثم البحث عن موارد جديدة لتغطية رواتب هؤلاء الموظفين , فهذه الحكومة لم تأت من كوكب آخر , وليس لديها العصا السحرية لحل مشاكل سبعة أعوام في سبعة أيام .
لقد كان على المسؤولين السابقين في حكومة حماس التعميم على موظفيهم , بأن مشكلة الرتب والرواتب لن تحل فور تشكيل حكومة الوحدة الوطنية , وبدلا من تحريضهم عبر التصريحات والبيانات المضللة , لأن ذلك لن يصب في مصلحتهم , أو مصلحة المصالحة , التي كان يبدو أنها عند البعض للمصلحة وليس للمصالحة.
ولا بد هنا من توجيه بعض الأسئلة , حتى يكون الأمر واضحا للجميع , فلقد قامت حركة حماس , ومع اقتراب موعد المصالحة , بحركة ترقيات وترفيعات لموظفيها المدنيين والعسكريين , استباقا لتشكيل الحكومة , من أجل الحصول على أكبر مكاسب مالية وإدارية في حال عودة الموظفين السابقين , الذين التزموا بقرارات الشرعية الفلسطينية والتزموا بيوتهم , فهل يعقل أن تتم ترقية موظف غير مؤهل إلى درجة مدير عام مثلا , واستحقاقه الحقيقي أن يكون رئيس شعبة , وهل يعقل أن تتم ترقية شاب برتبة ملازم , لم يخدم في سلك الأمن سوى ست أو سبع سنوات إلى رتبة رائد أو مقدم , لاحتلال موقع من سيعود من أجهزة الأمن الشرعية من المؤهلين واصحاب الخبرة .
هذا نداء واضح من أجل تدارك الوضع من قبل المسؤولين في حركة حماس , لتوعية عناصرهم وعدم خلط الأمور , فهذه الحكومة ليست حكومة رتب ورواتب , وليست قادمة من وراء الكواكب , وقد رأينا من أول يوم ما تعرضت له من حصار ومقاطعة اسرائيلية , بالإعلان عن وقف تحويل أموال الضرائب , وحصارها بكل الطرق والسبل لإفشال المصالحة , لأن اسرائيل هي المتضرر الوحيد من وحدة الشعب الفلسطيني , ولا بد من نظرة ثاقبة بعيدا عن الصغائر , وما يمكن أن يفسد الفرحة بإنهاء الانقسام وعودة الوئام.