المواطن الصحفي" والتغريدة التي أحرجت المسؤول ..

بقلم: مازن صافي



تخيل انك الآن تجلس في أحد مقاعد الطائرة وهي تطير على مستوى ارتفاع يزيد عن ألف كيلومتر عن سطح الأرض، كيف سترى الأرض، في الحقيقة أنت لن ترى إلا الغيوم وكأنك في قلب السماء ووسط الغيوم البيضاء وغيرها .. الآن أصبح باستطاعتك أن تنقل كل ذلك مباشرة إلى العالم والى أولادك وزوجتك وكل أصدقاؤك .. وتنقل أحاسيسك وربما دهشتك أو خوفك .. نحن الآن في عصر الانترنت .. عصر "المواطن الصحفي" .. فكما أصبحت المواقع الإلكترونية أسرع من الصحف الورقية في نقل الخبر والتفاعل معه .. أصبح "المواطن الصحفي" على قدرة في كتابة سرد الأحداث والتقارير الغير نظامية أو تلك التي لا تخضع لقوانين وأنظمة الصحافة، لكنها تصبح أيضا مادة دسمة يتم استخدامها في التقارير الرسمية ..
ومن ينكر تطور عوامل نقل الخبر وتفاعل الناس معه وربما تحويله إلى قضية عامة قبل أن يصل إلى المسؤولين، فليعيد التفكير مرة أخرى في نكرانه، وعلى المسؤولين أن يعرفوا أن هذا "المواطن الصحفي" يمكنه نقل ثلثي الخبر عبر صورة يلتقطها أو ينسخها من أي مكان آخر وبإضافة بعض كلمات يتحول الخبر متداول وربما يصبح خبر رسمي سليم من الناحية البروتوكولية .

يمكن لأحد المواطنين الهواة أن يسجل تفاصيل الحوادث ووصفها بكل دقة، و لربما هذا ليس غريبا، ولربما تكون أنت أحد المواطنين الصحفيين، ومتى كنت على مقدرة وخبرة بسيطة في الكتابة فإنك سوف تحتل دور الريادة في تغطية أي حادث أو خبر أو حتى مشادة أو حتى مباراة في كرة القدم، وحين تمتلك جهاز هاتف ذكي به كاميرا بقوة ومميزات ممتازة، فإن الصورة التي تلتقطها وبدون أي احتراف سوف تؤثر في المشاهد .. إننا في عالم مختلف، لم تعد التصريحات الصحفية أو تلك المقابلات المعدة مسبقا، أو تلك البيانات المرسومة سلفا، تناسب الأحداث الكبرى او التحديات الحقيقية من ناحية سرعة النشر والتأثير، فكثير من أدوات الصحافة وخبرات الصحفيين الرسميين تناسب الصحافة التقليدية، التي تنتظر أن يصحو صاحب البيت لكي يتفقد الصحيفة في صندوق حديدي معلق عند مدخل بيته، أو تقدم له في الدقائق الأولى لجلوسه على مكتبه، او تكون عبارة عن برستيج أنيق، التفاعل هنا أصبح سيد الموقف، ومن التفاعل وصناعة الخبر يمكننا أن نقول أن تسجيلك لفقرة قصيرة لا تكاد تشمل 30 حرف قد تؤثر في كبار المسؤولين وقد تصيبهم بالأرق والإرباك وتعقد الاجتماعات والتهديدات والكثير من فقدان السيطرة لكي يتم السيطرة على هذه الحروف الثلاثين، والقصة لا تبدأ بتلك الحروف، بل لتخطيها أنظمة المنع والحجب والقمع والتبعية والإذلال، وتتعدى ذلك وتقدم للقارئ المتفاعل مادة سريعة ومؤثرة وربما تغير من قناعاته ومواقفه وتشكل رأي عام قوي .
إن التغريدات والمدونات والصفحات الالكترونية في تويتر والفيسبوك وكثير من المواقع الأخرى والتي يشارك بها "المواطن الصحفي" بجمل قصيرة أو صور أو مقاطع فيديو لا تحتاج إلى دروس للتعليم، أو وقت طويل في ممارسة هذا الفعل الصحفي العام، بل يشكل ذلك واقع مختلف وقوي يجب الاهتمام به وعدم الاستهانة به او الاعتقاد أنه يمكن معالجته، فالجمهور المتصل بشبكة الإنترنت في شتى أرجاء العالم يتابع الأحداث لحظة بلحظة، ويسجل انطباعاته وقناعاته وأفكاره وتغريداته بنفس اللحظات.

ملاحظة: تغريدة لأحد الموظفين قدمته إلى لجنة تحقيق، فقد تقدم بإجازة نظرا لألام شديدة في عينيه وظهره، وبعد نصف ساعة كان يملأ شبكة التواصل الاجتماعي بصوره وهو يستجم مع أسرته ويلعب الكرة مع ابنه الصغير، فقد اكتشف المدير ان الموظف تقدم بأسباب مرضية مزيفة.
د.مازن صافي