عندما نطلق مصطلح المصالحة، فهي تعني الوصول لحل مشترك او حل متوافق في الحقل السياسي الفلسطيني بعد انقسام دام سبع سنوات يسميها البعض سبع عجاف في إشارة للانقسام، ولعل كلمة الانقسام جاءت بعد أحداث مترامية بين حماس وفتح بعد مشاركة الاولى في الانتخابات، فأصبح لدينا حكومتين ف غزة والضفة، وعندما قرر المتحاورون أن يتحاوروا لإنهاء معاناة الانقسام فإنهم تعاملوا مع الانقسام كأحداث ميدانية بعيدا عن البحث عن أسبابه ومسبباته.
الحالة الفلسطينية منقسمة مع بدايات الانتفاضة الفلسطينية وبالتحديد منذ عام 1988م، عندما تم اعلان الاستقلال بشكل أحادي من الجزائر في الوقت نفسه كانت الفصائل في الأراض الفلسطينية تنتفض، فتركز القرار والمصير من جهة واحدة أو فصيل بعينه يحتكر منظمة التحرير التي أصبحت مسميات وتسميات ورقية لا وجود لها ميدانية بعد ذلك.
وتلا ذلك اتفاق مدريد 1991 الذي جاء بالتزامن مع تطور العمل المقاوم للفصائل المقاومة في ظل انتفاضة الحجارة، مما جعل الاحتكار في القرار بيد فصيل واحد أيضا مرة أخرى دون الحديث عن توافق فلسطيني بكامل أطيافه، وعقب ذلك من اتفاقيات كأوسلو والقاهرة وكامب ديفيد2000، مع التأكيد على احتكار القرار وتغييب للفصائل الأخرى.
كل هذا المشهد كان في السابق وحركة حماس وبعض الفصائل مغيبة بشكل سياسي عن الساحة السياسية الفلسطينية، وعندما قررت حماس الولوج للنظام السياسي الفلسطيني تصادمت مع احتكار القرار والمرجعية بيد فصيل واحد مازال يتمسك به ويصر عليه، مما واكب ذلك أحداث ميدانية هنا وهناك لعدم تقبله استيعاب حماس في النظام السياسي الفلسطيني.
حماس في اتفاق القاهرة 2005 انطلقت بشكل صحيح بالانخراط في النظام السياسي عندما بحثت عن المرجعية قبل أي شيء، ولكن الأحداث المتسارعة بالانتخابات التشريعية الثانية، ومن ثم تشكيل الحكومة أثقلت حماس في تفكيرها بمتابعة التمثيلية الأساسية الفلسطينية " المرجعية"، وبسبب الأحداث الميدانية هنا وهناك لعدم قبول فتح لحماس في بيت واحد حدث الانقسام الميداني لا السياسي، فالانقسام السياسي قائم منذ زمن حله يؤجل دائماً، والهدف من تأجيله هو
تخوف الفصيل الذي يحتكر المنظمة من تعاظم قوة حماس في المنظمة مما قد يؤثر على وجوده في الساحة الفلسطينية واندثاره كما فصائل أخرى في الستينيات والسبعينات.
إذن عندما نقول مصالحة فإنها تعني التوافق على" مرجعية وحدوية شاملة" في اطارها السياسي العام، لذلك فإن تهميش هذا الأمر والاستمرار في ذلك يهدد أي جهود قد تبذل هنا أو هناك لا ترتقى فقط إلا للمستوى الميداني معرضة للهدم بأي لحظة، لأن الطاولة الفلسطينية حتى اللحظة منقسمة بلا مرجعية موحدة، تحفظ الشراكة بين الفصائل، نستطيع اسقاطها ميدانيا على الأصعدة الإدارية والميدانية والسياسية والمقاومة.
إذن فالمصالحة ليست بحكومة أو توافق على حكومة موحدة، المصالحة هي التوافق على التمثيلية الفلسطينية " المرجعية " تحت اطار فلسطيني واحد جامع، لا احتكار فيه لفصيل دون آخر .