كما قلت سابقا من الضروري ان يكون اصلاح المؤسسات جميعها فى اطار التحول الديمقراطي وبناء وحدة وطنية شاملة والبحث عن شراكة سياسية حقيقية بهدف تمكين الدولة الفلسطينية القادمة من تحقيق الاهداف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بعيدة المدي لمنع تكرار ما حدث من انقسام والقضاء علي آثاره ونتائجه السيئة.
والهدف الأسمي العام من الاصلاحات المؤسساتية هو ازالة الأسباب التي أدت الي حدوث النزاع ونتائجه المريرة الانقسام والوسائل التي تمكن من بلوغ الهدف هي :
1- ازالة التمييز علي أسس حزبية وخاصة فى الوظيفة العمومية .
2- اعادة هيكلة مؤسسات الدولة وخاصة التي تواطأت فى اعمال العنف والانتهاكات .
3- منع مرتكبي الانتهاكات من الاستمرار فى شغل مناصب فى المؤسسات العمومية .
ويجب أن يكون الاصلاح تدريجي ويتمتع بالنزاهة والمهنية ويكون متوائما مع حجم القدرات المحلية من حيث البنية المؤسساتية والموارد البشرية والمادية وحتي لا تقع انتكاسة للاصلاح والاجراءات يجب ان تكون بحذر شديد ووقف اسلوب عادل وشفاف بمشاركة شعبية واسعة عبر مؤسسات المجتمع المدني مع وجود تدابير تهدف الي الحد من احتمالات النكوص والارتداد ، وهي عملية طويلة الأمد تحتاج الي سنوات .
وسأنقل حرفيا ما تم كتابته حول هيكلة واصلاح الأجهزة الامنية الفلسطينية عبر اوراق عمل قدمت من بعض القيادات الأمنية والسياسية ونواب ودبلوماسيين وهمساتي الآن تخص الدكتور مجدي شقورة حيث قدم ورقة عمل حول هذا الموضوع .
- هيكلة واصلاح الأجهزة الامنية الفلسطينية :
الاصلاح عملية سياسية وادارية معقدة وطويلة تحتاج الي مشاركة جميع الاطراف المعنية ومساهمتها علي اعتبار ان مشاركتها عاملا محوريا من عوامل النجاح كما ان شرعية وقبول الاجهزة الامنية فى الاوساط الشعبية تمثل اطارا ضروريا لتقييم الخيارات المحددة للاصلاح فهي أداة تساعد فى التأكد من ان المسار العام لهذه العملية يخدم المصالح الوطنية الفلسطينية علي المديين الحالي والبعيد ولا ينحصر فى المصالح الفردية والحزبية الضيقة كما يتطلب اصلاح الاجهزة المدنية حشد الدعم العام المطلوب لتنفيذ سياسة قد تستلزم الكثير من المال والوقت قبل ان تؤتي ثمارها ولا نستثني فى عملية الاصلاح المشاركات المجتمعية والحوارات مع القوي الحية وورش العمل التي تنعقد علي نطاق واسع الي جانب التوصل الي الاجماع المنشود والحلول التوفيقية كشروط اساسية لا غني عنها لاستدامة اصلاح الجهاز الأمني وبالتالي ربط النجاح فى هذه المضمار بالاتفاق بين كافة الأطراف .
تأتي عملية اصلاح واعادة هيكلة الأجهزة الامنية علي خلفية الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي وقع صيف 2007 ، انقسام شكل تهديدا جديا لوحدة الشعب الفلسطيني طيلة فترة نضاله الطويل وشكل أيضا أكبر ضربة وجهت للمشروع الوطني علي المستوي الدولي والعربي كذلك أثر الأمر بشكل كبير علي طموحات الشعب الفلسطيني فى تحقيق حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
وانطلاقا من أهمية المصالحة التي احتضنتها ورعتها الشقيقة مصر والتوجه الايجابي للاطراف المنقسمة بتوجههم نحو انهاء الانقسام وانجاز الوحدة علي ارضية توافقية تمثل بتوقيع ما أطلق عليه " اتفاق الشاطئ" وقبل البدء بالحديث عن الاليات والوسائل لاعادة هيكلة المؤسسة الامنية بات من الضروري ان نجيب جميعنا علي السؤال الكبير : أى مؤسسة أمنية نريد ؟ أخذين بعين الاعتبار طبيعة المرحلة التي نمر بها وماهية التهديدات الخارجية والداخلية .
نرد علي هذا السؤال بالحقائق التالية :
1- رؤيتنا فى وزارة الداخلية تنطلق من قاعدة ان الامن الفلسطيني لن يتحقق بشكل كامل دون انهاء الاحتلال فهو المعيق الحقيقي لبناء مؤسسة أمنية وطنية مستقلة بعيدة عن الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها نتيجة بقاء اجزاء واسعة من اراضينا ومئات الألاف من مواطنينا تحت حكم الاحتلال فى المحافظات الشمالية ، فالاحتلال يعيق تقديم الخدمات الامنية ويعرقل قيام المؤسسة الامنية الفلسطينية بواجباتها تجاه مواطنيها .
2- رسالتنا لشعبنا بأن المؤسسة الأمنية الفلسطينية وجدت من اجل تحقيق الامن والامان لهم جميعا وتحت كل الظروف من خلال تسخير كل الامكانيات المتاحة سواء للذين لا زالوا محتلين فى عام 1967 أو أولئك الذين يعيشون فى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية .
3- الهدف النهائي انهاء الاحتلال من خلال تضافر كل الجهود الوطنية الفلسطينية وليس لوزارة الداخلية الا المساهمة فى هذا المشروع من خلال التزامها بالقانون والعقيدة الامنية .
لذا يجب ان تقوم سياستنا الأمنية علي اساس التوافق الوطني وان تصاغ هذه السياسة فى مؤسسات فعالة وملتزمة بالقانون لننتقل من مفهوم الأمن كنقطة خلافية فى اوساط مجتمعنا وأطيافه السياسية قبل الانقسام وبعده الي مفهوم وطني جامع وهنا تكمن ضرورة التعريف المشترك للأمن الفلسطيني الذي نريده .
وهمساتي لها بقية ..