الجلي والمؤكد أننا نمر بمرحلة صعبة فى بناء الانسان الفلسطيني ، فسنوات الانقسام العجاف كان لهم أثر كبير من ناحية السيكولوجية النفسية وكانت النتائج سلبية مما يستدعي علاجها وخاصة ما بين منتسبي الأجهزة الأمنية ، حيث نشأت اشكاليات لا يجب اخفاؤها أو التهرب منها وخاصة فيما يتعلق بالأداء الأمني وقد حاول المتحاورون فى القاهرة وبوجود المخابرات العامة المصرية وضع حلول عامة عبر تعاريف كأنها أساس للمستقبل الأمني الفلسطيني وهي :
1- عقيدة قوي الامن :
تنطلق عقيدة الاجهزة الامنية وفق ما نص عليه القانون الاساسي المادة (84) مع اضافة جملة وحماية حقوقه المشروعة .
2- مرجعية قوي الأمن :
تكون المرجعية وفقا لما تم الاتفاق عليه فى مهام الأجهزة الامنية .
3- مجلس الأمن القومي :
يرجع للمجلس التشريعي لاصدار قانون لمجلس الأمن القومي الفلسطيني .
ويكمل دكتور مجدي شقورة فى الجزء الثالث والاخير من ورقته كالآتي :
تحديد المشكلة الحالية والتي تكمن في :
1- العدد الكبير والضخم للمنتسبين لقوي الامن وذلك نتيجة لاستيعاب آلاف من المنتسبين الجدد فى محافظات قطاع غزة نتيجة الانقسام مضافين علي الاعداد التي كانت منتسبة للأجهزة الامنية قبل الانقسام .
2- الأجهزة التي استحدثت فى القطاع ومرجعياتها " جهاز الامن والحماية والامن الداخلي " وكيفية اتمام عملية الدمج فى الاجهزة المنصوص عليها فى القانون الاساسي واتفاق القاهرة .
3- عقيدة العمل بالاجهزة اخذين بالاعتبار الاتفاقيات والامكانيات المتوفرة .
4- عملية الدمج ومن أين نبدأ ؟ وكيف نبدأ ؟ وبأى عدد ؟ وبأى اجهزة ؟ .
5- الامكانيات المادية لتغطية النفقات " الرواتب وادوات العمل والمقرات .
التنفيذ الميداني وآليات دمج وتسكين المنتسبين للأجهزة فى شقي الوطن ، من خلال :
1- يتم الاتفاق أولا علي أسماء الاجهزة وعددها وتخصصاتها ومجال عملها واصدار مرسوم قانوني ملزم بما تم الاتفاق عليه .
2- الاتفاق علي تسكين قيادات الاجهزة ونوابهم ومساعديهم بعد ان يتم الاتفاق علي اسمائهم وكذلك مدراء الدوائر الرئيسية ونقترح ان يكون لكل مدير جهاز نائبين ، نائب للمحافظات الشمالية ونائب للمحافظات الجنوبية .
3- مدراء الاجهزة الجدد يجب ان لا يكونوا ممن شغل هذه المواقع فترة الانقسام ويفضل ان يكونوا من ذوي الخبرة والمهنية ويمتازوا بالنزاهة والوطنية حتي لو كانوا من المتقاعدين الحاليين .
4- تسكين الكادر المؤهل من حملة الرتب الامنية او العسكرية شرط ان يكونوا مؤهلين ومهنيين لاستلام مهامهم علي وجه السرعة وليسوا بحاجة الي اعادة تاهيل جديد وذلك وفق معايير تنظيمية منصوص عليها فى اللوائح التي تم الاتفاق عليها .
5- اعادة تسكين ضباط وضباط صف ممن لديهم الخبرة والكفاءة المهنية وممن تنطبق عليهم المعايير وفق اللوائح الخاصة بالمنتسبين للاجهزة الأمنية .
6- دمج الجنود او أفراد الشرطة والأجهزة الامنية ممن تنطبق عليهم المواصفات والمعايير المهنية وفق اللوائح التي تم الاتفاق عليه " لياقة والوضع الصحي والعمر والسيرة والسمعة والدورات الخاصة والتحصيل الأكاديمي ".
7- أما بخصوص من يتم تسكينهم من الضروري ان يمروا بمعسكرات تدريب وتعايش لمدة لا تقل عن شهرين ويفضل ان يكونوا فى بعض الدول العربية الشقيقة ويتم التركيز علي العقيدة العسكرية .
8- حل مشكلة من لا يتم أخذه علي قيود الأجهزة الامنية والشرطية ، تقاعد مبكر او صرف مكافأة مالية أو احالة علي كشوفات الوزارات المدنية ويمكن توزيع حملة الشهادات الجامعية الي العمل فى الوزارات المدنية .
وعلي ما سبق تعتقد وزارة الداخلية انه من الأجدر البدء بالقضايا الاكثر يسرا وسهولة ، فيمكن البدء بالشرطة المدنية فى قطاع غزة علي ان تضم كافة العناصر المدربة والجاهزة للعمل بغض النظر عن انتماءها وتاريخ التحاقها فى العمل قبل أو بعد الانقسام وفقا لمعايير محددة معمول بها ومتعارف عليها .
أ- تحديد معايير العدد اللازم لجهاز الشرطة :
يخضع التقدير السليم لتحديد حجم ضباط وأفراد الشرطة كما ونوعا فى أى بلد لعدة معايير منها :
1- العدد المثالي وفقا للمعايير الدولية المتعلقة بعدد السكان وهو ما يتطلب ان تعمل اللجنة الامنية العليا انطلاقا من المعايير والمقاييس الدولية فى هذا الشأن بحيث يتناسب أعداد المنتسبين للشرطة الفلسطينية مع عدد السكان مع مراعاة الظروف الأمنية الخاصة بالمجتمع الفلسطيني .
2- تحليل للانشطة الآنية والمستقبلية التي تتضمن طبيعة النشاط البشري والظروف الأمنية ، أى طبيعة الظواهر والظروف والمتغيرات وعلاقاتها بالعمل الامني .
3- الامكانيات المادية القادرة علي تغطية النفقات والاحتياجات لممارسة الشرطة لعملها بكفاءة عالية لتلبية حاجاة الجمهور فى الامن ومنع الجريمة وبالتوازي عدم بناء جهاز شرطي يستنزف الامكانيات المادية لخزينة السلطة .
ب- معايير لاختيار ضباط الشرطة وأفرادها :
ينبغي الاستناد الي مجموعة من المعايير لتحديد ضباط وأفراد الشرطة الفلسطينية التي ستستمر فى العمل بعد استعادة الوحدة ونقترح المعايير التالية :
1- الاولوية لخريجي الكليات الشرطة مع الاخذ بعين الاعتبار طبيعة الوظيفة التي يشغلها .
2- خريجي الدراسات العليا حسب التخصصات المطلوبة فى عمل جهاز الشرطة .
3- المحافظة علي المتخصصين كالعاملين فى المختبر الجنائي وهندسة المتفجرات .
4- التركيز عند الاختيار علي العناصر الشابة فى الشرطة بحيث يتم التركيز علي العمر بالنسبة الي الافراد وضباط الصف كالمحافظة علي من هم دون سن الثلاثين عاما وذلك لطبيعة الاعمال التي يقومون بها التي تستلزم جهدا ونشاطا كالحراسات والقوات الخاصة " مكافحة الشغب " .
5- الكفاءة المهنية والخبرة فى مجالات العمل التخصصية فى جهاز الشرطة .
6- السمعة الحسنة أثناء تأديته الخدمة فى الشرطة وكذلك أثناء فترة الاستنكاف .
7- القدرة علي تحمل الأعباء والقدرة علي الابتكار والتطوير .
اما بخصوص مدير الشرطة فينسب من قبل وزير الداخلية لمجلس الوزراء وبعد موافقة مجلس الوزراء يتحتم وجوب اصدار مرسوما من قبل الرئيس .
خلاصة :
شكلت ظاهرة تعدد الأجهزة وعدم وضوح صلاحيات كلا منها وغياب قيادة مؤسساتية تشكل مرجعية لها بالترافق مع غياب قانون واضح منظم لاعمالها واستمرار بقاء نفس الاشخاص علي قمة هرم كل منها ، كل ذلك ساهم فى تحويل هذه الاجهزة الي اقطاعيات لمسؤوليها ومركز نفوذ لقادتها ، حيث لم يعد واضحا دورها ومبرر وجودها أمام عدد واسع من المواطنين مما افقدها مصداقيتها علي ضوء هذه الحقيقة وهدد السلم الاجتماعي فى غياب الشعور بالامن والامان بالرغم من الكلفة المالية التي كان يدفعها المجتمع لتغطية نفقات هذه الاجهزة .
ان اعادة تنظيم المؤسسة الامنية بجوانبها القانونية والمؤسساتية والسياسية علي أهميته وأولويته لا يضمن وحدة معالجة اشكالية حالة الفلتان والتدهور الامني حيث لابد من معالجة عدد من الاشكاليات المسببة وذلك فى اطار حوار وطني داخلي بين القوي والاحزاب والسلطة بهدف الوصول لحلول متفق عليها واليات واشكال عمل ورقابة وطنية بشأنها مع المحافظة علي ما يعزز التعددية وحرية التعبير فى المجتمع الفلسطيني مع وجود سلطة واحدة وقانون واحد وآمن للجميع يخضع العاملون فيه للمستوي السياسي وتخضع أعماله وموازناته لرقابة المجلس التشريعي ، كما انه من الضروري استكمال الحوار للاتفاق علي صيغة لمفهوم المقاومة وبشكل محدد أشكالها واليات ممارستها ووقف حالة فوضي السلاح علي قاعدة ان الجسم الرسمي المخول بحمل السلاح هو الامن الرسمي مع تحريم استخدامه خارج اطار الوظيفة مما يستدعي معالجة موضوع الاستعراضات العسكرية الضارة وكل مظاهر العسكرة بما فيها ظاهرة الميلشيات المحلية المسلحة وضمان حماية الاشخاص والمجموعات التي جري مطاردتها بفعل المقاومة والانتفاضة وايجاد حلول وطنية وتنظيمية لها فورا واحترام الالتزامات الفلسطينية الامنية علي ضوء الاتفاقات الاقليمية والدولية الموقعة وعلي ضوء التفاهم بين القوي والاحزاب والفصائل الفلسطينية .
مقومات نجاح الجهاز الامني
لقد عانت الاجهزة الامنية من التسييس والولاءات الشخصية القوية التي كانت تحكمها وتضخم اعدادها وتدخل المهام والمسؤوليات المنوط بها وعدم تعاون هذه الاجهزة مع بعضها البعض وذلك لافتقارها للخبرات الادارية المؤهلة حيث انعكس ذلك علي تلك الاجهزة وضعف المرجعية القانونية وانعدام الرقابة البرلمانية علي تلك الاجهزة .
ان جهاز الأمن هو من الاجهزة السيادية المهمة والضرورية التي يقع علي عاتقها تحقيق الأمن والامان للمواطنين بما يستلزم تطوير هذه الخدمات واستمرارها لأهميتها بالنسبة للتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي ويتطلب استمرار هذا الجهاز وتطوره مداومة قياس فعاليته للتأكد من تحقيقه لأهدافه ولارتباط هذه الاهداف والفعالية بتحقيق أهداف وفعالية جميع المنظمات بالدولة وبالتالي نظام الحكم .
ولهمساتي بقية ...