الأهداف الاستراتيجية وراء الحملة العسكرية الاسرائيلية بالضفة ...؟

بقلم: هاني العقاد

لا اعتقد ان احدا في الاحزاب والكتل السياسية الاسرائيلية اليمينية او الوسط أو حتى اليسار سوف يفلح باستخدام حادثة اختفاء المستوطنين الثلاثة اكثر من نتنياهو بالرغم من تباكيه كذبا على اختفائهم امام الجمهور الإسرائيلي وهذا فقط لإقناع الجمهور الاسرائيلي انه يفعل كل ما في جهده لاستعادة المختفيين احياء لكنه في الحقيقة يستخدم هؤلاء الناس لأغراض قذرة تتعلق باستكمال مشروع التطرف والعداء للفلسطينيين ويتعلق باستراتيجية العلاقة السياسية مع الفلسطينيين والوجود العسكري الاسرائيلي في الضفة الغربية بالأخص في مناطق تعتبر استراتيجية لإسرائيل حتى في ظل الحل النهائي للصراع , نتنياهو يثبت مرة بعد أخري أنه كذاب وفاشل ويسخر كل عذابات الشعب اليهودي لمشروعه اليميني المتطرف الذي يزيد حالة العداء في الاقليم دون اي حسابات تأخذ بالحسبان التعايش بين الشعبين وبالتالي فإنه يتمنى أن تطول فترة اختفاء المستوطنين ليحقق اهدافه المرحلية المتعلقة بإضعاف القوي الفلسطينية على اختلاف الوانها السياسية اولاً وينفذ السيناريو الاستراتيجي اليميني المتطرف ثانياً على اعتقاد انه يجعل من اقامة دولة فلسطينية متواصلة الاطراف امرأً مستحيلا ويقضي بالتالي على المشروع الوطني الفلسطيني .
يتعدى السيناريو الاستراتيجي اليوم للحملة مجرد الادعاء بتطهير الضفة والعثور على جنودهم لتحقيق حالة من التغيير السياسي والجغرافي الكامل على الارض والتعامل مع المتغيرات الدولية التي حققها الرئيس ابو مازن وسيكون من اهدافها بالضفة ايضا اضعاف كل من سلطة الرئيس ابو مازن وحماس لتفكيك التحالف الجديد وتحقيق الفصل الكامل بين الفلسطينيين ولا يستبعد ايضا ان يكون هناك عمل عسكري حربي بالمستقبل تكون وجهته غزة لتصفية القوة المسلحة للمقاومة الفلسطينية ,واعتقد ان حادثة اختفاء المستوطنين تعتبر صيد سمين كان ينتظره نتنياهو منذ فترة ليغطي على فشلة السياسي ويبرهن يهوديته امام الجمهور الاسرائيلي وبالتالي يقتنع الإسرائيليين ان العيش بسلام مع الفلسطينيين يستحيل الا من خلال هذا السيناريو الذي يمكن الجيش الإسرائيلي من السيطرة على كل مجريات الامور بالضفة وغزة والتحكم باي نشاط امنى او سياسي, ومن خلال هذا السيناريو والخطة التي اعتبرها اكبر خطة سياسية قذرة سيقول للإسرائيليين والعالم ان الصراع مع الفلسطينيين انتهى والى الابد , و بنود هذه الخطة هو فصل مناطق الضفة الغربية عن بعضها لتكون ثلاث تجمعات سكانية فلسطينية بالشمال والوسط والجنوب وهذه عبارة عن استكمال لمخطط شارون 2005 الذي بدا في غزة واعتبر غزة الاساس للحل الامثل ,والان يعتمد نتنياهو اعتماد كلى على اعتبار قطاع غزة البقعة الابعد عن الاشتباك مع اسرائيل وبالتالي هي المكان المناسب لإبعاد نشطاء حماس وبعض الاسري الاداريين بالإضافة لبعض قيادات السلطة غير المرغوب في بقائهم بالضفة ليكونوا تحت الرادارات الاسرائيلية ويسهل تحديد تحركاتهم داخل هذا السجن الكبير الذي انشأته اسرائيل بموجب مخطط شارون السابق.
اكد ضابط اسرائيلي كبير النوايا المتطرفة هذه بقولة ان ما يقوم به الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية كان قد خطط له منذ فترة طويلة بدون اية علاقة للسبب الرسمي المعلن وهو اختفاء المستوطنين الثلاثة وعلى غراره أكد وزير الامن الاسرائيلي هذا المخطط عندما قال ان الحملة العسكرية ستستمر على الضفة حتي لو تم العثور على المستوطنين المختفيين , ولعل هذا التأكيد ينسحب علي سيناريو خطة نتنياهو الاستراتيجية الكبرى التي يحاول اقناع العالم بها بالتزامن مع الحملة العسكرية, وقد تفرض اسرائيل الخطة في المستقبل كأساس لأي مفاوضات تقود الى دولة فلسطينية محدود الوجود في هذه المناطق الاربعة تدار من غزة فقط على أن تبقي هذه الكنتونات مرتبطة ارتباطا كليا مع اسرائيل فيما يتعلق بالمداخل والمخارج والامن والاقتصاد دون استقلالية كاملة او سيادة على الارض , أما القدس فهي خارج الحسابات الحالية الاسرائيلية لان اسرائيل تعمد الى تهويدها وتصفية الوجود الفلسطيني فيها وتقاسم مسجدها الاقصى مع الفلسطينيين ليقيم اليهود هيكلهم المزعوم ويؤدوا طقوسهم الدينية على حساب المسلمين وحرمة مقدساتهم .
بالطبع هناك اهداف مرحلية تقود للتنفيذ السيناريو الاستراتيجي لحملة القمع الاسرائيلية الكبرى بالضفة الغربية وحصار محافظاتها واعتقال كل من يعتقدوا انه لا يقبل الاحتلال ويقاومه باي طريقة كانت ومن هذه الاهداف توسيع الشقاق بين حماس وفتح من خلال تركيز وجود حماس فقط في غزة لتجسد اسرائيل الانقسام وتبقيه وبالتالي اعاقة عمل حكومة الوفاق التي مازالت في المهد ومن هنا حاصرت اول ما حاصرت هذه الحكومة وخلقت العديد من المعيقات لنفس الغرض السابق لان اسرائيل لا تريد جبهة فلسطينية واحدة ولا حكومة فلسطينية واحدة ولا حركة ولا فصيل قوي بعيدا عن خدمة مصالحها وامنها المزعوم , لكن مهما خططت ونفذت إسرائيل فإنها في النهاية ستبقي العدو الاكبر لأنها كيان احتلال لا يعنيه الا توسيع كيانه اليهودي العنصري على حساب حقوق الشعب المحتل ولا يعنيه ان يعيش بأمن واستقرار متساوي مع الفلسطينيين وما يعنيه فقط هو ان يقبل العالم الاحتلال الاسرائيلي بجرائمه التي ترتقي الى جرائم حرب ويتعايش الفلسطينيين والعرب مع هذا الاحتلال على انه واقع السلام الإسرائيلي الامثل.
[email protected]