لو قررت قيادة الجيش الإسرائيلي مهاجمة قطاع غزة ستقف جميع تنظيمات المقاومة صفاً واحداً في وجه العدو الغازي، هذ الحقيقة تؤكد أن المقاومة في قطاع غزة ستقاتل دفاعاً عن الشعب، ولن تكسر عنق البندقية مهما كلف الثمن.
فلماذا ينتظر رجال المقاومة في قطاع غزة حتى تختار إسرائيل الزمان والمكان المناسب لشن عدوانها؟ لماذا لا تفاجئ المقاومة الفلسطينية إسرائيل، وتبادر إلى شن هجوم ضدها؟
سيقول البعض: هذا تفكير مجنون! أين نحن من قوة إسرائيل؟ وما مصيرنا إذا حركنا الوحش الرابض على حدود قطاع غزة، لينقض على الناس قتلاً وسفكاً؟ وكيف لا نقرأ الخريطة السياسية في المنطقة، والمتغيرات الإقليمية التي أربكت حسابات المقاومة؟
كل ما سبق من تساؤلات لا تصمد أمام الحسابات الإسرائيلية، فلو كان أي عدوان مسلح ضد قطاع غزة يخدم إسرائيل، لما كانت قد تأخرت للحظة، ولكن الدراسة الاستراتجية الإسرائيلية تؤكد على ضرورة عدم التورط في مستنقع غزة، حتى لو خرجت كل غزة من حدودها، واجتازت المسافة الفاصلة بين الهدوء والاشتباك.
إن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بحاجة قصوى في هذه الأيام للتأكيد على أن قيادة الشعب الفلسطيني تقررها البنادق، وليس اجتماع وزراء الخارجية العرب، وإن وحدة الترابط المصيري بين الضفة الغربية وقطاع غزة يقررها عدم صمت المقاومة على الممارسات الصهيونية ضد مدن وقرى الضفة الغربية.
وإذا كان سلاح المقاومة في غزة غير قادر على هزيمة الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة، فإن سلاح المقاومة قادر على إرباك المخطط الإسرائيلي، وخلط الأوراق من جديد، ويكفي أن ترسل المقاومة في هذه المرحلة رسالة عز وثورة إلى الجماهير العربية، التي ستدرك أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تشتبك مع الصهاينة في معركة للدفاع عن الضفة الغربية، إن مثل هذه المقاومة جديرة بأن تكون محور اهتمام وإسناد ودعم على المستوى الشعبي والرسمي في كل بلاد العرب والمسلمين.
إن سلاح المقاومة في قطاع غزة لقادر على المبادرة، والتصعيد العسكري، ورفع وتيرة القذائف التي تهدد مئات آلاف المستوطنين الصهاينة، سلاح المقاومة قادر على الصمود عدة أسابيع في حالة تصعيد العدوان الإسرائيلي إلى أقصى مدى، وهو قادر على مفاجئة العدو، وإرباك خططه العسكرية، فإذا طال زمن المواجهة ـ وحتماً ستطول ـ فلن تقف الجماهير العربية موقف المتفرج على شلال الدم العربي الناهض كرامة وحرية.