ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عملية اجرامية تقودها حكومة الاحتلال على مرآى ومسمع العالم والتي يذهب ضحيتها العديد من الشهداء ، إنها حرب تتركز في الوقت الحاضر على منطقة معينة هي الخليل والضفة الفلسطينية الهدف الواضح منها استكشاف إلى أي حد يمكن الذهاب في مخطط واضح الهدف، هذا الهدف يتمثل بمنع انهاء الانقسام الفلسطيني ومنع قيام حكومة توافق وطني تحت حجة خطف ثلاثة مستوطنين صهاينة ، وهي عملية جس النبض للعالم، وهي عملية أظهرت إلى الآن أن هذا العالم في غير وارد التنديد بما تقوم به حكومة الاحتلال أو القول لها أن ما يرتكب هو أقرب إلى جريمة تطهير عرقي من أي شيء آخر.
ان ادعاء الاحتلال الإسرائيلي بخطف ثلاثة مستوطنين ، كان معد له سلفا من قبل حكومة الاحتلال حتى تستبيح مدن الضفة الفلسطينية ومدنها وقراها ومخيماتها، اعتقلت وقتلت، روعت الأطفال والمسنين والمرضى والنساء، والمؤسف أن الموقف العربي مخزي ولم يبدي حراكا في مواجهة الهجمة العدوانية، ولهذا نقول من الخطأ الكبير المهادنة أمام العدوان الإسرائيلي ، من اجل إبقاء الأبواب مفتوحة مع حكومة الاحتلال من اجل العودة الى مسار عقيم يسمى المفاوضات ، لان ما يجري تم الإعداد له ضمن ما يسمى ببنك الأهداف الإسرائيلية، وتنفيذ الخطة الأحادية الجانب التي تحدث رئيس وزراء الاحتلال عنها والتي تشمل وضع الضفة في كنتونات معزولة عن بعضها البعض، وفصلها عن غزة، وضلاب اتفاق المصالحة الوطنية.
ان التصريحات التي تصدر عن قادة فلسطينيون تصب الزيت على النار ولا تساهم بالمطلق في تحقيق الوحدة الوطنية التي تحظى بإجماع وطني وشعبي ، مما يتطلب الوقوف امامها والمحاسبة ووضع حد لذلك ،لأن هذه التصريحات تتساوق والحملة الشرسة التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني وقواه المناضلة.
لقد مرت أيام صعبة وما زالت على الشعب الفلسطيني منذ اغتصاب وطنه وتحمل كل قساوة الاحتلال والاستيطان وتهويد الارض والمقدسات بينما كل ضمائر العالم لم تهتز امام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني ، واليوم تقدم مدن ومخيمات وبلدات الضفة الشهداء من الشباب والاطفال ، وتوجه الاحتلال والتصدي لاقتحاماته على المنازل التي تجاوزت الألف، فيما الاعتقالات تجاوزت الثلاثمائة وخمسين ، ولكن نقول لكل العالم ولبعض من يصف القتلة الصهاينة بانهم جيران ، هذا الشعب قد عبر في الماضي عن رفضه لممارسات الاحتلال المذلة والمهينة بثورة معاصرة وكفاح مسلح وبانتفاضات وبأشكال متعددة من المقاومة رافضا ومتحديا وليقول للعالم أنه لن يسقط حقوقه الوطنية من حساباته ولن يوفر وسيلة أو جهدا في سبيل انتزاع تلك الحقوق، التي في سبيلها قدم التضحيات والتحديات، فكيف يصمت شعبنا اليوم على هذا العدوان الاجرامي .
إننا على ثقة أن الشعب الفلسطيني وكافة قواه وفصائله الوطنية بمواجهة الاحتلال الصهيوني ، ومع انعدام النصير الشقيق أو الصديق الذي يعمل على رفع هذا الظلم والضيم عنه فإن هذا الشعب لن يتردد عن تفجير انتفاضته ضد محتليه،ولقد اشتاق العرب وأحرار العالم إلى مشهد مثل هذا الحراك الطبيعي الذي أثبت الفلسطينيون أنهم رواده وسيبقون،وليس أمام هذا الفلسطيني البائس سوى الانتفاضة، إنه الحل الذي يرسم ملامح مرحلة وينهي وضعا شاذا لايمكن إنهاءه إلا بهذه الطريقة.
وإذا كان الحرص على الثلاثة المختفين قد بلغ حد القلق الشديد على حياتهم ولقى هذا التعاطف، فنسأل ماذا يفعل أهالي آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون في سجون العدو وبينهم أطفال ونساء ومحكومون بأحكام جائرة، وإذا كان الإحساس العالمي قد فقد أمام مشاعر أهالي الأسرى الفلسطينيين، فليس من حق أي ضمير أن يتفوه بكلمة بعد الآن إزاء أي اختفاء لأي إسرائيلي.
وفي ظل هذه الظروف نسأل الحريصين على الشباب المختفين ، ان العدو الصهيوني يرفض الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة ويقيم المستعمرات اليهودية فيها ويعمل على تهويدها وتهويد المقدسات العربية والمسيحية، ويرتكب الإبادة الجماعية وتدمير المنازل والأحياء والقرى والمدن والمنشآت الزراعية والصناعية، اضافة الى الغارات الجوية على قطاع غزة ، في ظل انحياز الولايات المتحدة ودفاعها عن احتلال الكيان الصهيوني للأراضي الفلسطينية وعن تهويد القدس العربية، التي يجلب لها الملايين من المستوطنين وترحيل العرب الفلسطينيين.
فكل شعب من شعوب الأرض سواء أكان صغيراً أم كبيراً له كامل الحق في الحرية والاستقلال والسيادة وحق تقرير المصير، وهذه الحقوق مبادئ دولية معترف بها في جميع أنحاء العالم ولدى شعوب العالم كافة، والشعب العربي الفلسطيني أسوة ببقية شعوب العالم له الحق في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعودته إلى وطنه تطبيقاً لقرارات الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية.
ونحن هنا نسأل ماذا فعلت المفاوضات على مدار عشرون عاما ، هل حققت اهداف الشعب الفلسطيني ، الكل يعلم بما فيها المفاوضين ان حكومة الاحتلال تنكرت ولا تزال تتنكر لتنفيذ مبادئ وقرارات الشرعية الدولية حول قضية فلسطين وتخاذلت الأمم المتحدة في حمل حكومة الاحتلال على تطبيق قراراتها منذ صدور القرارين 181 و194 في العام 1948 ، وكافة القرارات الدولية ولم تستخدم الفصل السابع من الميثاق الذي يتضمن قيام مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية عليها وطردها من عضوية المنظمة الدولية واستخدام القوة العسكرية لإجبارها على تنفيذ القرارات وإنهاء الاحتلال والتوقف عن الاستيطان والترحيل والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
وإزاء موقف الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية من سياسة حكومة الاحتلال الإرهابية العنصرية والاستعمارية لم يتمكن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وكنس الاحتلال الإسرائيلي البغيض والعودة إلى الى ارضه وممتلكاته التي هجر منها.
من هنا نقول ان من حق الشعب الفلسطيني ان يمارس حقه في تقرير المصير وطرد الغزاة وإنهاء الاحتلال والعنصرية يختار الأساليب التي يراها مناسبة للوصول إلى ذلك ومنها المقاومة بكافة اشكالها، لانها ليست بالأسلوب الجديد على حركات التحرر الوطني في العالم على ضوء تجاربها في النضال من أجل التحرير من الاستعمار ، وأن أسلوب المقاومة حق من حقوق الشعب الفلسطيني بعد إخفاق الأمم المتحدة والأساليب السياسية والدبلوماسية والاتفاقات الموقعة وهو الأسلوب الثوري الوحيد لطرد قوات الاحتلال من فلسطين والجولان وبقية الاراضي اللبنانية المحتلة.في مزراع شبعا وكفرشوبا.
إن الظروف الراهنة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 تقتضي في الأقل تعليق التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ، كمطلب وطني وشعبي عليه شبه إجماع فلسطيني إن لم يكن إجماعا تاما.
لذلك فإن الشعب الفلسطيني بتبنيه للمقاومة هو في حالة الدفاع المشروع عن النفس في مواجهة الهولوكوست الإسرائيلي ومن أجل تحرير وطنه وممارسة حقه في العودة إلى وطنه وإقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس.
لقد صح ما توقعناه نحن وكل قوى التحرر العربية والعالمية، من أن الحريق إن أُشعلت ناره الادارة الامريكية والقوى المتحالفة معها والمجموعات الارهابية التي تغذيها في المنطقة هدفها التغطية على جرائم الاحتلال في فلسطين ، وهو ليس على الإطلاق ما أسماه البعض بالثورة الشعبية، لأن الثورة الشعبية لا يمكن أن تكون طائفية أو مذهبية، ولا تسلخ أجزاء من الدول، لإنشاء كيانات محله، أو اقتطاع أجزاء من بلد آخر وضمها إلى أجزاء الى بلد اخر، وإن جوهر الحرب الاستعمارية التي تقودها الولايات المتحدة بنفسها والحشد العالمي والإقليمي والعربي لجميع القدرات والإمكانات هو محاولة لتمرير تصفية القضية الفلسطينية وفرض أمر واقع جديد على المنطقة
من هنا، ان ما يجري في المنطقة من قبل القوى المتطرفة التي تدعي داعش ،تتطلب مواجهة المشروع الام الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية والتي تستخدم فيه جميع أدوات التخريب والإرهاب ، ولا بد من التنبيه إلى أن قوى المقاومة في المنطقة وسائر الأحزاب المناهضة للهيمنة الاستعمارية والرافضة للمشروع الصهيوني، معنية بالنهوض إلى مستوى مواجهة الهجمة العدوانية الصهيونية الاستعمارية التي تستهدف فلسطين والمنطقة، وأن تبتكر أساليب الرد التي تمكّنها من قلب المعادلات، وكسر حلقة الاستنزاف في التوقيت المناسب، حتى لا تستمر القوى الاستعمارية في استثمار الاستعصاء القائم في ميزان القوى، لقد تعلمت الجماهير العربية بقواها الديمقراطية والتقدمية والقومية وكافة مكونات المجتمع المدني ،كيف تواجه الاستبداد والتبعية ،وان تدافع عن كرامتها واستقلالها الوطني ،بعد أن ارتفع كل يوم وعيها السياسي والعملي، ولم تعد تحتاج لوصاية من أحد فالجماهير هي المعلم الأول والمعلم الأخير من اجل احراز انتصارات متلاحقة في مجابهة الحلف الأميركي الإسرائيلي التكفيري.
ان المطلوب فلسطينيا هو تطبيق اليات المصالحة وانجاز بقية الملفات ، وتعزيزالوحدة الوطنية فورا و مواجهة كل ما يحاك ضد الشعب الفلسطيني و فضح الممارسات الاسرائيلية على كافة المحافل و وضع الدول العربية امام مسؤولياتها رغم حالة الفوضى و الدم التي تهدف ضمن اهدافها الى تمرير المشاريع الصهيونية .
ختاما : نعتقد أن لدى الشعب الفلسطيني قدرات هائلة يجب توظيفها بشكل عقلاني ، وهذا يحتاج لإستراتيجية وطنية نستند لكافة اشكال النضال متفق عليها ورافعتها الأساسية الشعب الفلسطيني الذي لن يرفع الراية البيضاء ، ولن يستسلم مهما كان جبروت الاحتلال .
كاتب سياسي