لسنا بشر مثلهم، نحن "غوييم" بنظرهم، وماذا عن أطفالنا؟؟

بقلم: رشيد شاهين

الهجوم الذي قام به عشرات الشبان على احد مراكز الشرطة في رام لله، لم يكن وليد اللحظة، وواهم من يعتقد بان الأمر يتعلق بحالة من الغضب "اللحظي" انتاب هؤلاء، فقرروا صبه على المركز، بمن فيه وبما يمثله.

ففي ظل ما تقوم به قوات الاحتلال من إذلال ممنهج، ومن ممارسات عدوانية ضد كل ما هو فلسطيني، وفي ظل ممارسات المستوطنين مدعومين ومحميين في معظم الحالات من قبل جيش الاحتلال، أتت تصريحات الرئيس أبو مازن فيما يتعلق بإدانة عملية "اختطاف" المستوطنين الثلاثة، لتصب الزيت على نار غضب هؤلاء الشبان، ليحدث ما حدث، وهو في اعتقادنا ليس سوى تعبير "صغير" عن غضب كبير، يعتمل في صدور الفلسطينيين بسبب قهر الاحتلال.

فبينما يقوم الرئيس الفلسطيني وفي أكثر من مناسبة، بإصدار التصريحات المثيرة، وغير المقبولة للشارع الفلسطيني، والتي يَعتقد "الرئيس"انها قد تخفف من غلواء وغطرسة المحتلين، تزيد قوات الاحتلال من أعمالها العدوانية، وتمارس المزيد من أعمال القتل والاغتيال ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات.

وبالمقابل، يقوم نفتالي بينيت، وهو جزء من الائتلاف الحاكم، بوصف الرئيس الفلسطيني بالإرهابي الكبير، كما ان نتانياهو، لا يتردد عن تمجيد الأعمال العدوانية لقواته، ويبارك للقتلة أعمالهم وما ترتكب أيديهم من قتل وسفك لدماء شعبنا.

رهان أبو مازن على تغيير المزاج والمواقف لدول وساسة الغرب، يراها الكل الفلسطيني "بما في ذلك كثير من أبناء حركة فتح" انه رهان خاسر، خاصة في ظل مواقف تتسم بالنفاق من قبل هؤلاء، وهنالك العشرات من المواقف التي يمكن سوقها في هذا الإطار، والتي ليس آخرها رسائل التضامن مع المستوطنين الثلاثة من ساسة الغرب، برغم ان دولة الكيان تختطف شعبا بأكمله منذ قرن من الزمن.

ليس هذا فحسب، وإنما الكثير من الصهاينة والذين عبر عنهم المحلل السياسي حنان كريستال في حديث للإذاعة العبرية حين قال" لو قدم عباس رؤوس قادة حماس على طبق من الذهب، فلن يتوقف الاستيطان، ولن تقام الدولة الفلسطينية"

ما جرى في رام الله يعكس المزاج الشعبي الذي "قرف" من الاحتلال، والذي لا يريد ان يسمع أو يرى، لا تنسيقا امنيا، ولا تعاونا بأي شكل مع الاحتلال، خاصة وان التجارب أثبتت وبشكل ملموس، ان هذا عدو لئيم، متغطرس، لا يعرف معنى للعهود والوعود، وانه الطرف الوحيد المستفيد من هذا التنسيق.

أقوال الرئيس حول "بشرية" المخطوفين، لا يقابلها الفهم ذاته من قبل هؤلاء المستعمرين، فإذا كان هؤلاء بشر بالنسبة للرئيس عباس، فان الأمر ليس كذلك بالنسبة لهم فيما يتعلق "ببشريتنا"، فنحن وكل الآخرين، وحتى أولئك الساسة الغربيين من المنافقين، ليسوا سوى "غوييم" خلقنا لخدمة اليهود، وان ما نقوم به كفلسطينيين من تنسيق امني وسواه، هو واجب ومفروض علينا، واننا لا بد من ان "نشكر الله على منحنا هذه الفرصة لخدمة شعبه المختار".

أما عن المستوطنين الثلاثة، فقد أصبح واضحا ان ما يقوم به الاحتلال من تنكيل على مدار الساعة بمختلف المناطق المحتلة، لا يهدف أبدا الوصول إلى هؤلاء "وتحريرهم"، وإنما إلحاق اكبر قدر من الإذلال والأذى بأبناء الشعب الفلسطيني.

قيام قوات الاحتلال وبأعداد كبيرة جدا، باقتحام قرى ومخيمات ومدن في غارات ليلية ونهارية، لم تفلح بإيجاد هؤلاء المستوطنين، ويعلم قادة الكيان انها عبثية، على الأغلب لن تؤدي لإيجادهم، خاصة وان تحركات فواتهم مكشوفة للفلسطينيين الذين يكونون بانتظارهم، فيشتبكون معهم في معظم المناطق التي يقتحمونها نهارا أو ليلا.

ما يقوم به نتانياهو، وكل هذا الإرهاب ضد شعبنا، وفي حال أثمر بالتضييق على من بحوزتهم المستوطنين، فان حياتهم ستكون في رقبته، لان من يأسرهم يرمي إلى الاحتفاظ بهم أحياء، من اجل تحقيق أهدافه الرامية لتحرير الأسرى في السجون الصهيونية، على غرار شاليط، فإذا ما شعر هؤلاء بان أمرهم قد كُشِف، وان هنالك إمكانية مهما كانت لتحرير المستوطنين من قبل الاحتلال، فهم لن يترددوا في قتلهم والإجهاز عليهم، لأنهم يعلمون ان مصيرهم أنفسهم هو القتل أيضا.

وعلى ذلك، فإننا نعتقد، إن على نتانياهو إذا ما أراد فعلا ان يعود هؤلاء أحياء لذويهم، إعادة حساباته، وأن لا تأخذه العزة بالإثم، وألا يستند إلى غرور القوة، وأن يكتفي بما قام به من تنكيل وقتل واعتقال ضد الأبرياء من الناس.

نتانياهو الذي لم يقم يوما ولا غيره من ساسة الاحتلال، بتقديم اعتذار أو بالتعبير عن الأسف لما تقوم به قواته، من قتلٍ وتدمير، عليه ان يُقر وأن يَعترف، بأن كل ممارسات قواته لم تستطع أن تكسر شوكة الفلسطينيين، وان المزيد منها لن يزيدهم إلا قوة وإصرارا على التخلص من الاحتلال وإقامة الدولة وعاصمتها القدس.

أخيرا ولمن يتباكى من قادة العالم ودولة الكيان على هؤلاء المختطفين، والقول بأنهم ليسوا سوى مجرد فتية أو أطفال، نسأل، أين كانت ضمائركم عندما كان يتم قتل الأطفال منذ عقود؟ وماذا عن مئات أطفالنا القابعين في سجون الاحتلال؟ وأين هي ضمائركم من كل القمع الذي يلحق بأطفالنا؟ هذا القمع الموثق صورة وصوتا على الشبكة العنكبوتية، حيث مئات إن لم يكن آلاف الفيديوهات التي تصور ذلك.