أبوك الشعب الفلسطيني يا غزة، وأمك المقاومة، وشقيقتك الضفة الغربية، وعائلتك الكرامة التي صارت بنادق مشرعة في وجه إسرائيل، أما عشيرتك فهي الأمة العربية التي تتحفز لرفض المذلة والهوان، ومخطئ كل من يظن أن غزة يتيمة دون محمود عباس، فغزة هي التي تمنح الأمومة، وفقير كل من تنكر لها وإن كان غنياً بأموال إسرائيل..
إن غزة التي تقاتل الإسرائيليين ليست بحاجة إلى من يدعي أبوته لها، فغزة التي قصفت تل أبيب، لما تزل قادرة على منازلة عدوها، ولا خوف عليها، والخوف كله سينزل على رأس أعدائها، وحلفاء أعدائها، وكل من يتآمر على قضيتها.
لقد أعطت غزة المصالحة، وقدمت لمحمود عباس فرصة نادرة كي يطهر نفسه من عفن المفاوضات، وللخروج مع الشعب الفلسطيني بمواقف وحدوية وطنية صادقة، وقد كان بإمكان محمود عباس أن يأتي على غزة رئيساً، وأن يصطحب معه رئيس وزرائه، وكان بإمكانه أن يعلن عن نهاية الانقسام العملي، وأن يتقاسم اللقمة بين موظفي السلطة وموظفي غزة، كان بإمكانه أن يطفئ جمرة الأحقاد، وأن يزرع وردة المحبة بين الناس، ولكن الرجل أبى، وأصر على إفساد جهود المصالحة، قبل أن تبدأ، فسعى لفرض سياسته على الحكومة قبل أن تتشكل، وسعى إلى فرض وزرائه رغم أنف الجميع؛ الذين أبدوا حرصاً شديداً على إنهاء الانقسام.
لقد تعمد محمود عباس تعطيل المصالحة بعد أن عجز عن إفشالها، فهو الذي تعمد إرجاء دعوة المجلس التشريعي للانعقاد، وهو الذي لم يلتزم بدعوة الإطار القيادي لمنظمة التحرير، وهو الذي لم يأمر بتسلم حرس الرئاسة معبر رفح، وهو الذي لم يعترف بحق موظفي غزة بالحياة.
إن الرد المناسب على سياسة محمود عباس تجاه غزة وسكانها يجب أن يكون جماعياً، بحيث تلتقي كل التنظيمات الوطنية والإسلامية وعلى رأسها شرفاء حركة فتح، وحركة حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، وباقي التنظيمات الفلسطينية والقوى السياسية والوطنية، بما في ذلك المؤسسات الشعبية، والوجهاء والشخصيات الوطنية، والمفكرون، والمثقفون، على الجميع أن يلتقي في مؤتمر وطني عام، تشارك فيه قوى فلسطينية من الضفة الغربية والشتات عبر الفيديو كونفرس، ليتدارس المشاركون أوضاع غزة، وما وصل إليه حال القضية الفلسطينية بشكل عام، وليتحمل المؤتمر مسئولياته الكاملة عن حياة الناس في قطاع غزة، وفي كل فلسطين.
من حق المؤتمر الوطني انتخاب قيادة سياسية للشعب الفلسطيني، قيادة وطنية مؤقتة، تنطق باسم الشعب الفلسطيني كله، وتكون قادرة على مخاطبة جامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، والمنظمات الإنسانية.
على حركة حماس أن تكون جزءاً من المؤتمر، وأن تحرص على عدم العودة إلى تحمل مسئولية حياة الناس في قطاع غزة لوحدها، فقطاع غزة جزء من أرض فلسطين، وفلسطين قضية جميع الفلسطينيين، بما في ذلك شرفاء حركة فتح الذين ثاروا على سياسة محمود عباس.
غزة أمانة في يد كل شرفاء فلسطين، وتنتظر المبادرة.