أزمة موظفي حماس .. نصائح وخيارات

بقلم: رائد موسى

مارس جزء من موظفي حماس بدعم وتوجيه وتبرير من "نقابة موظفي غزة" أعمال احتجاجية ارتقت لمستوى أعمال تعطيل وتخريب وتعدي على مؤسسات خاصة (البنوك) في اليوم الثالث من تشكيل حكومة الوفاق الوطني بهدف الضغط من اجل صرف رواتب لهم، وكانت أعمالهم الاحتجاجية العنيفة مدعومة من شرطة حماس مما يدلل على إنها ناتجة عن قرار من مستويات عليا بحركة حماس، وهناك العديد من قادة حماس قد برروا وتفهموا تصرفات عناصر وموظفي حماس واعتبروها احتجاجات شعبية مشروعة، كما رأينا في وسائل الإعلام، ومع هذا التأييد والتفهم ممن يحكمون غزة بشكل فعلي ازدادت وتيرة أعمال الاحتجاج لتصل إلى تكسير الصرافات الآلية للبنوك مما يشكل اعتداء لا يمكن تبريره بأي عرف أو قانون أو أخلاق، فان تم تبرير ذلك الفعل اليوم، يعني انه يمكن تبرير وتكسير ونهب ممتلكات أي مواطن غدا.
المفترض دائما ان أي فعل يكون له هدف، فان كان الهدف من مهاجمة البنوك هو الضغط على الحكومة من اجل صرف رواتب فذلك يعني ان أول خطوة احتجاجية (لموظفي غزة) كانت من خلال استخدام وسيلة (الابتزاز) ولا اعتقد انه ممكن تسمية ما حصل بغير ذلك المصطلح السلبي الذي يفقد صاحب الحق كما يعتقد حقه أو يضعف من مشروعية مطالبه.
فلذلك نصيحتي لموظفي غزة والذين اعتقد بان اغلبهم يرفضون وسيلة الابتزاز في تحقيق مطالبهم أن يتعاملوا مع الأزمة بحكمة، وان يشكلوا مجموعة ضغط حكيمة وبعيدة عن أي مصلحة حزبية أو انتماء حزبي بل تراعي مطالبهم الوظيفية فقط، وهناك وسائل عديدة لتشكيل هكذا جماعة ومن الممكن أن تبدأ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن بشكل موضوعي بعيدا عن الشتائم والتخوين، فصاحب المطلب عندما يستخدم وسائل عنيفة لفظيا وفعليا لن يحقق سوا مزيدا من التصلب أمام مطالبه، وعلى صاحب المطلب أن يعلم بان خصمه في الطرف الآخر لديه صقور وحمائم، فباستخدامه العنف اللفظي والفعلي سيعزز من آراء ومواقف الصقور عند خصمه وبذلك ستشتد الأزمة ولن تحل، واعتقد انه من الحكمة أن يعلن موظفي غزة ترحيبهم بأي قرار من قرارات الحكومة وخصوصا بعودة الموظفين الذي أقصاهم الانقسام عن أعمالهم، فعندما يعمل الجميع معا من المنطقي والبديهي أن يصبح حل أزمة رواتب موظفي غزة موضوع ملح وضروري أما إذا أصر موظف غزة الجديد بالاستفراد في مكان العمل وعدم السماح لأحد من الاقتراب قبل ضمان قيده الوظيفي، فسيبقى معزولا وفئويا مما يسهل للطرف الآخر إهماله وتلافيه وفي هذه الحالة ماذا سيحصل ؟ لا شيء سوا مزيدا من التدهور والفقر، وسيزداد الشرخ بين موظف غزة الجديد والحكومة مما سيصعب الحلول، وارجوا ألا ينسى جميع الموظفين بأن أغلبية الموظفين هم بطالة مقنعة ومن كلا الطرفين فوزاراتنا معظمها غير إنتاجية والوزارات الخدماتية أغلبية موظفي السلطة قد عادوا لها سابقا كالصحة والتعليم فلذلك الإضراب في معظم الوزارات لن يشل البلد، سينغص فقط على بعض معاملات الجمهور والتي تعد معاملات لها فائدة على من يحكم لتساعده على المتابعة والتنظيم وجمع الضرائب أكثر من فائدتها على المواطن.
وهنا يتبقى خياران لدى موظفي غزة
أولا: الرضوخ التام لكل قرارات الحكومة، كواجب شرعي وقانوني وأخلاقي من أي موظف عمومي، والصبر على المطالب، ومن ثم ممارسة أعمال احتجاجية سلمية مشروعة بعيدة عن الابتزاز أو التعدي على حقوق الآخرين، وللعلم بان صور ووسائل الاحتجاج المشروعة متعددة ومتنوعة ولها أشكال راقية ومحرجة للحكومة بشكل ايجابي ومثير لتعاطف وفرض احترام كل الأطراف، وهذا الخيار باعتقادي هو الذي يجني ويحقق أقصى حد ممكن من المطالب وبأقرب وقت ممكن.
ثانيا: مواصلة أعمال الاحتجاج بالابتزاز واستخدام العنف والتشكيك والتهديد وشل غزة اقتصاديا ورهن مصالح كل الشعب في غزة مقابل تحقيق المطالب، وهذه الوسيلة لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصلب وخصوصا من التيار المتشكك من جدية المصالحة، بذلك سينحدر مستوى الاحتجاج وتبريراته إلى درجات أدنى من تحطيم وتخريب أملاك الآخرين، وسندخل في دوامة عنف لن تنتهي إلا بإقصاء طرف من الطرفين المتخاصمين وحظره بشكل كامل.