بعد إعلان كيان اليهود العثور على جثث الجنود الذين كان قد أعلن عن خطفهم، تصاعدت الهجمة اليهودية العسكرية على أهل فلسطين، بعدما ارتفعت لهجة التهديد لدى أمراء الحرب فيه، إلى حد أن رئيس وزراء الكيان اليهودي نتنياهو قال "إن الثأر للأطفال المغدورين، لم يخلقه حتى الشيطان" (موقع فلسطين برس). وفي السياق نفسه أجرى رئيس السلطة الفلسطينية عباس اتصالات هاتفية مكثفة مع الادارة الأمريكية وعواصم أوروبية لثني إسرائيل عن القيام بأي عملية انتقامية ضد الشعب الفلسطيني، حسب الخبر.
***
إن اليهود الذين أقاموا كيانهم على جماجم المسلمين في مجازر وجرائم متتابعة طالت البلاد والعباد والمقدسات، يشنون عدوانا عقديا على فلسطين وأهلها، وبالتالي فهو عدوان على الأمة الإسلامية بأسرها. وهم يشنون عدوانهم بذرائع سياسية وأمنية أو بدونها، ولكنهم في كل مرة يحاولون تمرير العدوان تحت غطاء من ردود الفعل على أعمال الفصائل الفلسطينية.
إن عدوان اليهود على المسلمين لا يصح أن يعرض إعلاميا وكأنه رد فعل أمني يستند إلى حجج ومعلومات استخباراتية، بل وتستضيف بعض الفضائيات الناطق باسم جيش العدو لعرضها وسردها بشكل فج.
وتزيد تلك الفضائيات جريمتها الإعلامية عندما تكتفي بالتحليل الاستخباراتي والأمني للحدث وكأنه يحصل في بقعة نائية لا تمت للمسلمين بصلة، وتصر على تجاهل تناول الموقف المبدئي والشرعي من عدوان اليهود، وخصوصا وهو يطال الأرض التي ربطها الإسلام بعقيدة الأمة.
إن ذلك التناول الإعلامي للعدوان اليهودي إذ يسمح بعرض الرواية اليهودية بينما يحجب عرض الحل الإسلامي تجاه كيان اليهود وعدوانه، ليثبت أنه إعلام أنظمة متآمرة على قضية فلسطين وأهلها.
وهو إعلام يمرر تعاظم جرائم اليهود وتعاظم تحديهم للأمة الإسلامية بما يتماشى مع حالة استنعاج الحكام أمام هذا التغول والتوحش اليهودي الأجوف. وإلا فكيف يمكن أن يمر الإعلام على كلمات نتنياهو وأفعاله الوحشية والإجرامية ولا ينقل مشاعر الأمة العفوية وأفكارها المبدئية في وجوب التصدي لهذا العدوان بالجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام؟
إنه لولا استنعاج الحكام واستحمار الإعلام لما كان يمكن لعقل واع مدرك أن يتصور أن يتحدى بضعة ملايين من البشر الجبناء ما يقرب من ملياري مسلم؟ أو أن يتصور جرأة نتنياهو وهو يتحدى مشاعر أمة تمتد على جناحي عقاب من إندونيسيا إلى المغرب ومن السودان إلى أذربيجان؟
إن الموقف المبدئي تجاه هذه الهجمة اليهودية وذلك التحدي العقدي، لا يمكن أن يخرج عن سياق الآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾.
وهو خطاب يجب أن يقرع قلوب الصائمين في هذا الشهر الفضيل، وخصوصا من أبناء الأمة في القوات المسلحة من الذين يملكون السلاح الذي يلقم نتنياهو ويقضي على جيشه الجبان.
إن الجهاد حكم شرعي قطعي، ولكن الإعلام والحكام يصرون على تغييبه عن المعركة مع اليهود، ومن هذا المنطلق يحشر رئيس السلطة الفلسطينية الذي يقدس التنسيق الأمني مع المحتل اليهودي رد فعله باتصالات مع من أسس هذا الكيان اليهودي ورعاه، لأنه يدرك دوره في شرعنة هذا الاحتلال وفي تمرير جرائمه، بل يشاركه في تلك الجرائم.
وأمام هذه الجرائم السياسية للسلطة الفلسطينية وفي ظل الهجمة الوحشية اليهودية، آن لكل مخلص من أبناء فلسطين بغض النظر عن فصيله وتياره أن يستعيد عنوان المعركة الشرعي، وأن يأخذ على أيدي المفرطين ممن يصرون على نهج التنازلات وحماية أمن الاحتلال حتى وهو يقتل أبناء فلسطين، حتى يعود لقضية فلسطين عنفوانها الجهادي وعنوانها العسكري.