الشعب الفلسطيني ينتفض من مخيم شعفاط

بقلم: عباس الجمعة

الشعب الفلسطيني ينتفض من مخيم شعفاط ليقول للعالم كفاكم ممارسة سياسة الكيل بمكالين ، فالقدس تتعرض لأوسع عملية تهويد وأسرلة، والاستيطان يتكثف ، والحصار الخانق لقطاع غزة يتواصل مع استمرار العدوان، والاجرام الصهيوني وصل الى حد لا يمكن السكوت عنه من خلال جريمة اختطاف الطفل محمد أبو خضير من شعفاط وقتله بدم بارد.

ما يحدث حاليا في مخيم شعفاط والقدس والخليل وجنين وكل ارجاء الضفة من فعاليات كفاحية منتظمة هو "بروفة" للانتفاضة القادمة، فالانتفاضة الثالثة ستولد من رحم الانتفاضة الثانية ولكنها ستأخذ أشكالاً متعددة ومتدرجة وتبدأ بهبات وتتصاعد وصولاً إلى انتفاضة شاملة .

هنالك قانون طبيعي يفعل فعله باستمرار هو أن لكل فعل رد فعل مساويا له في الـمقدار ومعاكسا له في الاتجاه، وهذا القانون يفرض أن تكون هنالك ردة فعل طبيعية على ما يقوم به الاحتلال من جرائم قتل واغتيال ومخططات لضم وتهويد أكبر مساحة ممكنة من الارض الفلسطينية الـمحتلة وما يتعرض له الـمسجد الأقصى.

وهنا السؤال لماذا البعض يسلم بحرارة، على من يقتل شعبه، وهنا أجزم أن الصدمة والترويع، بكل ما افتعله المستوطنين الارهابين من قتل واحراق لجثة الشهيد محمد ابو خضير، لن يدفع شعبنا للرضوخ، والانحناء والركوع عند أقدام أعدائه، ولا العدوان على قطاع غزّة، التي يرمي إلى تدمير القضية الفلسطينية، والإجهاز على أي أمل بنهوض المقاومة ، ولهذا رأينا شرارة الانتفاضة الثالثة المرتجاة المنتظرة، تندلع في مخيم شعفاط ، والخليل، وقرى ومخيمات الضفة، وفي عمق فلسطين التاريخية عام 48، تعضدها مخيماتنا في لبنان، وسوريا رغم الجرح النازف ومخيمات الاردن وفي كافة اماكن اللجوء والشتات والمنافي ، لان الدماء الفلسطينية غزيرة ، لم تذهله عن طريقه وخياره، وإن أوجعته، فإنها ضاعفت من كراهيته وحقده على هذا العدو، وعلى المتخاذلين المتفرجين على جراحه ونزف دمه و كل ما يحدث على ارض فلسطين، من احتلال، ومن نهب ارض، ومن قتل لا يتوقّف، ومن هدم بيوت، وتغيير للطبيعة وتدنيس للمقدسات ، هؤلاء المتخاذلين يضللون الشعوب بعيدا عن الأعداء الحقيقيين، ولا يهز ضمائرهم التأمر على سوريا حاضنة المقاومة ، ولا على تدمير ليبيا ، ولا على الموت العراقي اليومي في بلد أسهموا في تخريبه، واستباحته، وتدميره، فتوفقوا مع حليفهم الامريكي الصهيوني الاستعماري بدعم مجموعات الارهاب التكفيري المسمى داعش أي عروبة وإسلام هذا، هؤلاء هم أنفسهم من رأيناهم في حرب تموز عام 2006 حين أماطوا الأقنعة عن وجوههم وانحازوا علنا للعدو الصهيوني، هم من يكشفون عن وجوههم من جديد، وكل أمنياتهم أن يستلم الشعب الفلسطيني ليحذفوا القضية الاساس من قموساهم ، فهم لا يعلمون ان من لحم ودم محمد ابو خضير ومن دماء الشهداء تنبت ثورة وانتفاضة ، وها هي من جديد الحجارة في شوارع مدن وقرى ومخيمات الضفة، تمهيدا لاندلاع الانتفاضة الثالثة التي ستنهي (حقبة) ، لتنطلق فلسطين بكل شعبها، لتقف وجها لوجه مع الاحتلال، ومن يدعمونه، وفي المقدمة الانحياز الأمريكي، والتواطؤ والانحياز الرسمي العربي، وهذا يتطلب خطاب شعبي عربي من كافة القوى والاحزاب اليسارية والتقدمية والقومية بدعم صمود الشعب الفلسطيني في معركة فلسطين، وخيار المقاومة، وخاصة بعد ان راينا الفرصة التي مهد لها شباب فلسطين لانتفاضة ثالثة، تنهي أوهام السلام مع عدو مجرم لا يريده ، تنهي حالة الترهل، وتطوي صفحة المفاوضات العقيمة، انطلاقا من الوضوح الذي يرتقي إلى مستوى الدم الفلسطيني .

وإذا لـم تدرك القوى الفلسطينية الـمختلفة أن الأمور تسير نحو التصعيد والـمواجهة، وأن عليها أن تستعد لذلك لكي تقود الانتفاضة القادمة عندما تنضج شروطها، وحينها لن ينتظر شباب فلسطين إذنا من أحد، ولا قراراً من أحد، فالانتفاضة عمل شعبي كبير تندلع عندما تنضج العوامل الذاتية والـموضوعية لاندلاعها.

ان المواجهة اصبحت ضرورية مع الاحتلال والاستيطان والانتفاضة لن تكون الا منظمة ولها أهداف سياسية واقعية متفق عليها في المواجهة مع حكومة الكيان العنصري، تبدأ بتركيز الجهود في البداية على المقاومة الشعبية الشاملة، كخط إستراتيجي لا ينتهي سوى بتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بإنجاز الحرية والعودة والاستقلال ، مع تمسك الشعب الفلسطيني بحقه في الـمقاومة بكافة اشكالها .

وفي ظل هذه الظروف ومن ضمن الاستعداد الفلسطيني الـمطلوب للانتفاضة الثالثة عدم العودة الى مسار الـمفاوضات، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتقل ملف القضية الفلسطينية الى الامم المتحدة لمطالبتها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولة ذات الصلة، فحكومة الاحتلال تريد استئناف الـمفاوضات لأنها تحقق لها مزايا هائلة من ضمنها قطع الطريق على اندلاع انتفاضة شعبية ثالثة، تحدث أزمة شاملة بالـمنطقة تستدعي تدخلاً عربياً ودولياً يضغط على إسرائيل، ويمكن أن يجبرها على قبول حل المرحلي بانهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية 1967، ويحقق الحد الأدنى من الحقوق والـمصالح الفلسطينية.

إن أهم خطوة ضرورية لكي تعطي الانتفاضة القادمة نتائج حاسمة لصالح الشعب الفلسطيني ولا تجهض مثل سابقاتها، تتمثل بإعطاء الأولوية القصوى لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على أساس إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني واعتماد الشراكة على أسس ديمقراطية في إطار عمل وطني موحد مشترك،لانه لا يمكن مقاومة الاحتلال والانتصار عليه ونحن منقسمون.

ختاما : ها هو مخيم شعفاط يواجه قوات الاحتلال ورصاصها المطاطي وقنابل غازها وإرهابها ، فيكتب امجاد النضال ، فإرادة شعب فلسطين تنهض لتقاوم ، وإرادة هؤلاء الأبطال،الذين يواجهون بصدورهم العارية ترسم خيار المقاومة والنصر القادم.