ما وراء جريمة إعدام الفتي محمد أبوخضير

بقلم: مازن صافي

ان الجريمة التي اقترفها قطعان المستوطنين بحرق وقتل الفتي محمد أبوخضير تؤكد على ان المعركة على الشعب الفلسطيني وقراره السياسي وحريته لم تنته بعد ، و حتى اللحظة مجرمي الحرب لازالوا يمارسون أعمالهم الإجرامية ضد هذا الشعب الصامد .. وهنا يمكن لنا أن نسجل عدة محاور يريد بها الاحتلال أن يشعل بها المنطقة ويعطل الحياة الفلسطينية ويستمر في عدوانه وسياساته الاحتلالية والإجرامية ضد أبناء شعبنا الفلسطيني.

ومن هذه المحاور، تحاول (إسرائيل) كشف قوة الوحدة الوطنية وواقع الشعب الفلسطيني بعد إعلان حكومة التوافق الفلسطينية، وهو بذلك اختار التوقيت الحساس وعمد إلى التفتيت الداخلي ومنع تنفيذ آليات المصالحة الفلسطينية بصورتها الحقيقية، وهو في هذا المحور يطبق تكتيكات واستراتيجيات وممارسات معرَّفة لدى شعبنا، ولطالما نادينا مع كل عدوان فلسطيني الى ترسيخ الوحدة والالتحام الفلسطيني الشعبي والقيادي والأحزاب والحركات في سبيل صد أي عدوان مفاجئ او مبرمج ضد شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، والمحور الثاني يعمد إليه الاحتلال الإسرائيلي وهو منع التقدم والتنمية الاقتصادية والسياسية وعرقلة أي اتجاه نحو إعادة ترتيب واقع البرامج الفلسطينية، وكذلك حرمان الشعب الفلسطيني من الاستثمار العربي أو الأجنبي بإظهار الأراضي الفلسطينية مناطق ساخنة لا تنجح فيها المشاريع الاستثمارية، وأما المحور الثالث فهو استنزاف قوات الأمن الفلسطيني وإظهارها وكأنها ضعيفة بلا قوة او قدرة على حماية أبناء شعبها، وكذلك العمل على كشف قدرة المقاومة الفلسطينية في مواجهة القوة العسكرية المعادية، وفي هذا يحقق هدفين، الأول نزع الهيبة لقوى الأمن الفلسطينية، وانعكاس ذلك بردود فعل غير محسوبة النتائج وتضعف البنيان الفلسطيني، والهدف الثاني تعطيل أي تنمية للمقاومة ووضعها في حالة استعداد مستمر وطاريء في سبيل صد العدوان، وبالتالي إنهاكها وتغيير مسار برامجها وخططها، وأحيانا يكون حجم العدوان كبير جدا بحيث يصبج ضحايا الشعب الفلسطيني أكبر من قدرة الاستيعاب، لغرض تعريض قوة  المقاومة للتساؤل لدى الشارع الفلسطيني المنهمك من الحصار والعدوان وتعطيل عجلة الاقتصاد، أما المحور الرابع فهو تعطيل مسارات قيام الدولة الفلسطينية، وتعطيل الدبلوماسية والحراك الفلسطيني باتجاه الأمم المتحدة ودول العالم، وتحويل ذلك الحراك الى دعوات وشكاوي ولجان ضد العدوان والضحايا الفلسطينيين، والمحور الخامس هو تعمد إحداث شرخ بين القيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فحجم الجريمة يفوق دوما قوة الدبلوماسية على تلبية رغبات الجماهير، وبالتالي فبشاعة إعدام الطفل أبوخضير كانت بحاجة الى الخروج عن كافة المعايير والضوابط الدبلوماسية والسياسية، لكي لا تصل الرسالة واضحة الى (إسرائيل) أن استهداف أي فلسطيني، يعني استهداف قيادات الشعب الفلسطيني، فالكل الفلسطيني واحد أمام جرائم الاحتلال وبالتالي واحد في مواجهته وصد العدوان، وفي هذه المعادلة يعمد الاحتلال الى إرباك أبعاد المعادلة، ونشر الإشاعات والأخبار المسمومة بين أبناء الشعب وتناقلها لغرض إضعاف هيبة القيادة الفلسطينية وتصويرها بأنها عاجزة او غير قادرة على مواجهة الاحتلال، وأخيرا فإن استهداف (إسرائيل) للأطفال ليس بجديد، والعشرات من المجازر الصهيونية التي نفذت بحق أطفالنا شاهدة على بشاعة الاحتلال وعنجهيته وانعدام أي إنسانية من قطعان مستوطنيه، وعلينا ان نقرأ أنه ومنذ 14 عاما قتلت (إسرائيل) أكثر من 1500 طفل فلسطيني، وناهيك عن الجرحى والمعتقلين، ومن تركوا بعاهات جسدية مستمرة وأمراض نفسية، وهذا الاستهداف الإجرامي لا يمكن ان يكون عابرا أو نتيجة للعدوان بل هو استيراتيجية مبرمجة ومقصودة وموجهة ضد النشء والفتيان الفلسطينيين بغرض إرهابهم وردع ذويهم (..؟!) لأجل ثنيهم عن النضال ضده، وصد العدوان، وكذلك للتأثير المستقبلي في التركيبة السكانية وفارق عدد السكان الذي لا ينفك قادة الاحتلال من ذكره كعامل استراتيجي مهدد لكيان الاحتلال .

إذن الحرب لم تنته ومازالت المعركة مستمرة طالما الاحتلال مستمر، لنستمر في قوتنا ووحدتنا ولنقولها للجميع، لا صوت يعلو فوق صوت الدولة الفلسطينية المستقلة ، ويجب أن يستمر الحراك الدولي والدبلوماسي والإعلامي لفضح جرائم الاحتلال وتقديم القتلة إلى محكمة الجنايات الدولية، وعلى العالم أن يعي تماما أن الأجيال لا يمكن أن تسلم الراية، فحقنا مكفول والاحتلال إلى زوال، و البيوت شاهدة على أصحابها كما الأرض، والبيت الفلسطيني لن يموت لأن صاحبه موجود حي جيل بد جيل.