مضي الشهر الاول من عمر حكومة الوفاق الفلسطيني , ولم تتقدم مسيرة المصالحة الا تقدم السلحفاء التي تخاف الحفر, وتقدم مسيرة المصالحة على الارض بهذه الطريقة تحتاج الى عشر سنوات حتى يسمح للحكومة بسط سيادتها وتوحيد مؤسسات الدولة , وتحتاج المسيرة ضعفهم لتنهي خلاف فتح وحماس ,دون الاكتراث بما تسبب فيه الانقسام مصائب ارهقت كاهل الشعب الفلسطيني واستنزفت قواه الوطنية وشلت خطواته الاستراتيجية , ولابد ان يدرك الجميع ان إسقاط الدولة وإعاقة بسط سيادتها على مؤسساتها بغزة والضفة يخدم اسرائيل التي اعتبرت الانقسام حق سياسي لها لا يتوجب ان ينتهي بأي شكل من الاشكال لتنفذ مشروع تصفية الصراع على طريقتها وبما يخدم مخططاتها الصهيونية .
جمل المحامل هي حكومة الوحدة الوطنية وهناك من يعتقد انها اكثر ويحملها اكثر مما تستطيع حمله ويقول انها جاءت لتنقذ الكل من الهلاك وهذا صحيح لكن ليس قبل ان تتولى كل زمام الحكم , وبالتالي اعتبر حكومة الوفاق حكومة انفاق والا فهي حكومة فاشلة ولو اخذناها بمقياس الانفاق فإنها تحتاج الى ميزانية الولايات المتحدة الامريكية ليرضي عنها الناس ويرضي عنها من حملوها اكثر من طاقتها ووزنها الافتراضي وهم بالأصل لم يستطيعوا حمل نصيبهم من معادلة الانقسام فالقوا بها في حضن حكومة الوفاق , كان المطلوب تخفيف الاحمال عن حكومة الوفاق التي كنا نتأمل ان يأخذ الكل بيديها ويضعوها على الطريق , فقد اصبح المعيق امام عمل الحكومة رواتب موظفي غزة الذين ما تركت حركتهم احد منهم الا وجعلت منه مدير و وزيرا على اهله وتريد هذه الحكومة ان تقبل به على حاله حتى لو استدعي الامر التشكيك في وطنية هذه الحكومة, لا يقبل احد بحالة الوسط ولا يقبل احد بعدالة وقانونية الوضع الوظيفي , فلا عودة لموظفين السلطة الذين منعوا من التوجه لوزاراتهم الا اذا تم قبول طوابير الموظفين حسب تسكين حركتهم السياسية .
تَبقى خمسة شهور للانتخابات التي هي حق وطني ديموقراطي لتعديل مسارنا الداخلي ولا اعتقد ان الحكومة بهذا الجهد وهذه الالغام تستطع ان تنجز ملف الانتخابات في فترة زمنية تقارب هذا التاريخ بل سوف تتعداه وقد تتعدي العام , لان الحكومة حتى اللحظة ما تمكنت من اعادة هيكلة الاجهزة الامنية وما استطاعت ان تزيل ولو غبار الانقسام وما نسمعه ونراه هو المصالحة اسما لا غير ذلك , عندما قرر مجلس الوزراء تكليف الوزراء بإعادة الموظفين الى عملهم قامت الدنيا على راس الحكومة ولم تقعد حتى الان بحجة ان هذا ليس ما تم الاتفاق علية وهذا خارج الاجماع الوطني ..! , غزة يعتدي على مصارفها وتكسر وتهشم كاميرات المراقبة تحت جنح الليل و كأن الامن فيها لا يعرف من هم وراء هذا...! , وهذه رسالة بأن لا رواتب ستصرف من البنوك للموظفين الا بصرف رواتب حكومة غزة التي نفضت يديها من قضيتهم وما زالت تحكم فعليا على الارض .
تأثرت كل ملفات المصالحة ببطيء تقدم عمل الحكومة السيادي, المصالحة المجتمعية لم تتقدم ولم يتحدث فيها احد على اعتبار ان الامور باتت مصالحة بلا مصالحة ولا سعي لإنجاز هذا الملف لأنه يحتاج الى اموال و مبالغ بالملايين من الدولارات وما دفع احد لهذا بعد وما علينا الا ان نبحث عن العافين عن الناس وشعبنا والله بخير وصاحب نخوة واصاله , وملف الحريات فتح وما اطلق من الحريات هي الصحف اليومية فقط ,والمعتقلين السياسيين بقي حالهم على ما هو عليه و كأنهم مجرمون قتلوا الوحدة الوطنية وهم من تسبب بالانقسام , والعيب ان يكون لدينا حكومة واحدة ويبقي هناك معتقلين سياسيين لدي كل طرف , الاطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية لم ينجح أحد بتحديد جلسته الاولى حتى الان على الاقل ليشتغل المتناكفون في بعضهم داخل هذا الاطار ويتركوا الحكومة في حالها ويجدوا حلا لقضية رواتب موظفي غزة من خلال هذا الاطار حتى تستطيع الحكومة حل قضيتهم عبر اللجنة القانونية الفنية الإدارية التي تم تشكيلها لدراسة كل ملفات هؤلاء الموظفين .
سمعنا بالمصالحة ما عرفنا الا اسمها والجمل الذي سيحمل كل اثقال سبع سنوات من الانقسام ما استطاع حتى الان الوقوف على قدمية بسبب ثقل الاحمال التي حُملت على ظهرة وبسبب اقدام الطرف الاسرائيلي على (تزميل هذا الجمل) أي ربط ركبتيه في قدميه حتى لا يتمكن من الوقوف والمسير, لا نريد ان تبقي المصالحة مجرد اسم في عالم يتوق الى رؤية الايدي تتشابك ليخفف احمال جمل المحامل ,ونري ايدي تتشابك لتحل قضية موظفي غزة بالمنطق المتاح ليعيش هؤلاء الناس دون استغلالهم كثوابت فصائلية , ونري ايدي تتشابك لتمهد الطريق امام مسيرة هذه الحكومة ,ونري حركات وفصائل تعود الى خطوطها الحقيقية ولا تقف في وجه الحكومة على انها هي من بيدها القوة على الارض فمن يسقط الحكومة من خلال اجراءات يعتقد انها لصالحه فهو يسقط نفسه, لقد بات ضروريا ان تتقدم الحكومة وما يقرره مجلس الوزراء يقبله الاخرون دون معارضة ودون وقفه في وجه مسيرة التوحيد ومسيرة المصالحة المجتمعية ومسيرة اطلاق الحريات العامة ومسيرة دمج الاجهزة الامنية واعادة هيكلتها وهذه كلها مظاهر انقسام قتلت من الشعب الفلسطيني اكثر ما قتل الاحتلال , وبات ضروريا ان يتوقف التناكف والتراشق الاعلامي بل ويحرم الى الابد احتراما لكرامة وصمود المواطن الفلسطيني الذي دفع ويدفع كل يوم من دمة لتبقي كرامة الوطن فوق الجميع .
[email protected]