بدر وبدرية ..وحكايا لا تنهي ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

بدرية ..فتاة مسكينة كل من يراها يدرك أنها ذات إعاقة عقلية فلا تدرك الأشياء حولها ، ولا تعلم عن الحياة أي شيء سوى أن لها أنفاس حائرة ترافقها أينما ذهبت..وجسد قد نضج بسرعة فائقة، وهي لم تزل بسن مبكرة فتكورت تضاريسها البارزة بصورة كبيرة كما الثمار التي تفور بفعل الأسمدة الكيماوية قبل أوانها ..كانت بدرية ترتدي جلابية ممزقة متسخة ،تجرجرها على الأرض ،وراءها فتتعلق بها بقايا الأوساخ الملقاة..كانت تمشي كل يوم فتجوب الطرقات الضيقة بشعرها المنكوش والمتناثر كأسلاك الجلي الخشنة ،كانت دوما تعبث بأطراف أصابعها ،ولا دخل لها بما يدور حولها ..بدرية لم تكن تؤذي أحداٌ أبدا سواء من جيرانها أو من سكان الحي ..بل كان الناس يسخرون منها ،وكان الأولاد الصغار أحيانا كثيرة يقذفونها بالحجارة ،والشتائم فتهرب منهم تارة فتختفي عن أنظارهم .. وكثيرا ما كانت تتصدى لهم بكل ضعف فتقف في وسط الطريق وتُقطع أثوابها الممزقة ،وكأن التعري وسيلة قوية تدافع بها عن نفسها.. لأنها بكل فطرية تعلم أن المارة عندئذ يتجمهرون بسرعة لخلاصها ،و لتأمينها حتى تصل بيتها .. لكنها لم تكن تدري أن من المارة من كان يتحرك تطوعا فتأخذه الحمية والغيرة والشهامة ليستر عورتها بسرعة من باب الدين والقيم والأخلاق.. ومنهم من كان يهرول ليشبع غريزة شهوانية حيوانية تسري في عروقه فيكتفي بالنظرة المحرمة .. وفي أحد الأيام.. أفاق سكان الحي على خبر اختفاء بدرية ،ولم يعلموا أين اختفت.. وما سر ذاك الاختفاء المفاجئ..الغريب أنه بعد أيام قلائل .. جاب نفس الطرقات التي كانت تسير بها بدرية ..رجل مسكين هو الآخر لم يعلم الناس من أين أتى كانت قيثارته الحزينة التي يرددها على أوتارها والدموع تنساب من عينية .. جرو أبوه.. جرو أبوه ، والأغرب من ذلك أنه كان ُيدعى بدرا..!!