بنك أهداف وبنك أموال

بقلم: فايز أبو شمالة

في اللحظة التي يفتح فيها الكيان الصهيوني بنك الأهداف على مصراعيه، ويراجع الأسماء التي ستقصفها الطائرات، في اللحظة ذاتها، تغلق بنوك المال الفلسطينية أبوابها في وجه الموظفين، ليبدو فتح بنوك الأهداف لا يكتمل إلا بإغلاق بنوك المال!.
تقول تجارب الشعوب: في زمن الحروب يتقاسم الناس اللقمة، وتشخص أنظار الشعب إلى عدو لا يشغله إلا سحقهم، في زمن الحروب تذوب الأحقاد بين الناس، وتسود المحبة والتسامح، ويقف من عنده فضل زادٍ، إلى جانب من لا زاد له، في زمن الحروب لا تقدم الحكومات الرواتب لنصف الشعب وتقطع المياه عن النصف الآخر، في زمن المواجهة يضحي هذا بنفسه ليفتدي ذاك، ويتسابق هذا إلى الشهادة كي يعطي الحياة لذاك.
فما الذي يجري على أرض فلسطين؟ وأين دور القيادة السياسية في زرع بذور التكاثف والتحالف والتلاحم والتوافق؟ أين القيادة التي ترى أن مصير الشعب الفلسطيني واحد؟ أين هي القيادة التي تحرص على سلامة الوطن، وتخوض معاركه على قلب رجل واحد؟.
كان الأجدر في هذه المرحلة التي تتعرض فيها القدس للحرق، وتتعرف فيها الضفة الغربية للذبح والسلخ، وتتعرض فيها غزة للعدوان، كان الأجدر أن يكون رد السلطة مزيداً من الحرص على التلاحم بين أبناء الشعب الواحد، وهذا التلاحم لا يتحقق مع وجود التمايز في التعامل والتفرقة بين الناس؛ ليبدو سكان غزة وكأنهم شعبين، شعب أبيض اللون له الحق بتسلم الرواتب من البنوك، وله الحق أن ينام آمناً في بيته، وشعب أسود اللون لا يحق له إلا تسلم القذائف من الطائرات |لإسرائيلية، وعليه أن يفتش له عن ملجأ آمنٍ تحت الأرض.
فهل صارت فلسطين ملكاً لنصف الشعب فقط، وهو المطالب بالتضحية والدفاع عنها، بينما النصف الآخر لا علاقة لها بما يجري، ولا واجب وطني يلقى على كاهله؟
الحرب أيها الفلسطينيون لا تميز بين أسود وأبيض، والعدو الإسرائيلي حين يبطش لا يميز بين موظف له راتب في البنك وآخر ليس له راتب، والعدو الإسرائيلي الذي يحرص على النصر في معاركه لا يهزم طرف فلسطيني ليتقدم بالشكر إلى طرف آخر، العدو الإسرائيلي يكره الأسود والأبيض من الفلسطينيين، ويعرف أن هزيمته في المعركة الراهنة تشكل خطراً على مستقبله برمته، وتهدد وجوده كما قال رئيس الموساد.
لقد دقت الحرب طبولها، وصارت الوحدة الوطنية والإسلامية غاية كل حر ومربط فرس الوفاء والانتماء، الذي جسده الشعب الفلسطيني على الأرض، وهو يمارس حدته الميدانية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وفلسطيني 48 رغم أنف الإسرائيليين، ورغم أنف السياسيين، ولسان حاله يقول: إن الكراهية والأحقاد التي تربت بين أحضان الحكومات الإسرائيلية المتطرفة قد ارتدت على الشعب الفلسطيني سجناً وقتلاً ونسفاً، واضطهاداً ومصادرة للأرض.
ويبقى السؤال الأهم: ماذا تقول السلطة الفلسطينية عن الشباب الذين استهدفتهم الطائرات الإسرائيلية، وقضوا نحبهم، هل هم شهداء ام ليسوا شهداء؟