تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي لليوم السابع على التوالي حربا مدمرة على قطاع غزة أسمتها "الجرف الصامت" وبدأت هذه الحرب بحملة جوية قاسية أصعب من ضربات حلف الناتو علي ليبيا الذي أطاح بالنظام الليبي خلال أيام وقتها وإسرائيل وحليفتها أمريكا تعتبر هذه الحرب مبررة ذلك بالرد على إطلاق صواريخ فلسطينية على إسرائيل. ادت هذه الحملة الدموية حتي الان إلى سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى معظمهم من المدنيين بينهم عدد كبير من الأطفال نهيك عن قصف عشرات المنازل فوق رؤوس ساكنيها ولم ترحم لا شيخ ولا مرأة ولا طقل . وفي الوقت نفسه تميزت ردود الفعل العربية والدولية على المجازر التي يرتكبها الاحتلال بالسلبية إلى حد كبير، حيث اكتفت الحكومات العربية بإصدار الإدانات وبشكل خجول جداً لبعض الانظمة فيما ساوى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والحكومات الغربية بين الضحية والجلاد إلا أننا لو تفحصنا ما يجري ألان علي ارض الواقع نكتشف انه ليس عدوانا على قطاع غزة فحسب بل على الشعب الفلسطيني كله دون استثناء وفي جميع أرجاء الوطن إلا أن قطاع غزة ينال النصيب الأكبر كالعادة من انتقامهم لأنه الحلقة الأضعف حسب اعتقاداهم فيحملوا علية فشلهم وحملاتهم الانتخابية وخلط الأوراق في حالة حشرهم في مأزق الزاوية ومن عادة إسرائيل ان تبادر هي بخرق الهدوء وخرق الاتفاقات ,وكما من الملاحظ نجد إن إسرائيل تقوم كل سنتين بحملات دموية كهذه إلا ان هذه المرة اختلف الوضع تماماً. فالوضع جد خطير بكل ما تحمله الكلمة من معني حيث تبحث إسرائيل في هذه الأثناء عن تحقيق انتصار لترضي جمهورها الذي لم يعد يثق بحكومتها التي جعلتها مهزلة أمام صواريخ المقاومة والتي أجبرت خمسة ملاين إسرائيلي على النيام في الملاجئ وأنابيب الصرف الصحي وكما تسعي أيضا حكومة إسرائيل إعادة قوة الردع والهيبة للجيش الإسرائيلي في الشرق الأوسط وكما يقول المثل (اضرب الصغير يخاف الكبير) إلا أن الوضع اختلف أيضاً هذه المرة لان الصغير كبر وأصبح يأكل الأخضر واليابس وفي المقابل ستصمد فصائل المقاومة ضد هذا العدوان حتي تعلن انتصارها علي العدو ونحتفل جميعا بهذا النصر , لكن ما اخشاه بعد هذا الدمار والشهداء والجرحي إضافة الي عدد البيوت التي ستضاف الي البيوت التي ‘دمرت في الحربين السابقتين فلم تعمر حتي ألان واخشي ما اخشاه ان يترتب علية استخدام البعض لهذا الصمود والنصر بهدف توسيع هوة الانقسام ليباعد بين افراد الشعب لان جميع اطياف اللون السياسي الفلسطيني وبدون استثناء او نكران لا أي احد منهم هم جزء أساسي من المعركة مع الاحتلال وفي مقدمة الصفوف للتصدي للعدوان الغاشم على شعبنا، والمقاومة تضم جميع فصائل العمل الوطني ولم ولن ولا تقتصر علي فصيل دون الاخر كما يصور الاعلام او من يملك اعلام اكثر فالمقاومة في الميدان والجماهير هي ظهير لهذه المقاومة وحاضنة توفر لها كل عوامل الصمود والنجاح، وبالتالي في ظل هذا العدوان فإن الخلافات السياسية والفصائلية انتهت وتلاشت ، لانه عندما يتعلق الامر بالدفاع عن شعبنا وقضيتنا وهويتنا الوطنية، فإن وحدتنا الوطنية في الميدان يكون صوتها اعلي من صوت المدافع والصواريخ . فانا اخشي كما اسلفت أن نري الشعب أكثر ضغينة علي بعضة واتمنى أن لا تصل لدرجة تخريب الصف الوطني والتي قد تصل إلي درجة تخوين الأخر وإتهام الاخر بالتخاذل خلال هذه الحرب كما حدث في الحروب السابقة وهذا ما بدئنا نشهده ونسمعه من المحللين الحزبين الذين لا يكترثون الا بالظهور على الفضائيات فقط ,وعليه اتمنى ان تحافظ المقاومة على وحدة الصف الفلسطيني ولا تسمح لهؤلاء العابثين بتخريب الجبهة الداخلية وسلامتها وعدم السماح للمشككين واصحاب الالسنة الناعقة بالخراب دائماً من بث الفرقة من جديد على بعض المنابر بين افراد وابناء هذا الشعب الصامد والذي ضحي ويضحي كل يوم بأغلي ماعنده وتكون بذلك المقاومة حققت نصراً اخر يبقي ثقة الشعب في المقاومة في اعلى مستوياتها بل وتكبر يومًا بعد اخر وبالذات ان وحدة الصف الفلسطيني وكلمته وسلامة جبهتيه الداخلية والسياسية هي مبتغى وهدف كل فلسطيني شريف .
د.هشام صدقي ابويونس
كاتب ومحلل سياسي
عضو الأمانة العامة لشبكة كتاب الرأي العرب