طالما كانت حماس إرهابية، وهي عدوة إسرائيل رقم واحد، فلماذا لا يمارس جيش الصهاينة هوايته، ويقوم بقطع رأسها، واقتلاعها من جذورها، واحتلال قطاع غزة بالكامل؟
وطالما كانت حماس عدوة لبعض الدول العربية، وطالما كانوا يتأففون من الجلوس معها، ولا يطيقون النظر في عينيها الزائغتين، فلماذا لا يتركون صديقهم الصهيوني يقضي عليها، ويلقي بلحمها للطير؟
وطالما كان رجال حماس في نظر بعض الفلسطينيين هم تجار حروب، فلماذا يتحركون لوقف إطلاق النار؟ لماذا لا يتركون تجار الحروب في سعير المواجهة، ويركنون عصاهم حتى تخلصهم من تجارتها صديقتهم إسرائيل؟
وطالما كانت حماس إرهابية، فلماذا يبدي الرئيس الأمريكي استعداده للوساطة، وتحقيق التهدئة بين حركة إرهابية وبين إسرائيل؟ لماذا يرسل أوباما وزير خارجيته"جون كيري" إلى المنطقة بحثاُ عن تهدئة بين الإرهابيين الفلسطينيين وبين عشاق السلام الصهاينة؟
لماذا يحرص وزير خارجية ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والنرويج للمشاركة في التهدئة بين الصهاينة والمقاومة؟ لماذا كل هذا الاهتمام بالتهدئة؟
لقد علمتنا التجارب أن الضعفاء لا قيمة لهم، وأن المهزوم محتقر من أقرب الناس إليه، وأن الجبان ذليل وهو في حضن زوجته، لذلك فإن الحرص على التهدئة يجيء بعد أن أثبتت المقاومة الفلسطينية نفسها، وصارت نداً يستعصي على الهزيمة والانكسار.
ولما كان النصر الذي تحققه المقاومة على الصهاينة عابر للحدود، وله أجنحة ترفرف كرامة وبطولة في كل ميادين العرب، ولما كانت المقاومة الفلسطينية هي نبض الأمة العربية والإسلامية، وهي شريان الحياة الغاضب في عروق رام الله ونابلس والخليل، لذلك فإن التحرك الذي يسعى إلى تهدئة الأوضاع في قطاع غزة يهدف إلى تهدئة الأوضاع في كل المنطقة، ولاسيما أن المزاج العربي قابل للتفجر والاحتراف في وجه الظلم في كل لحظة..
استعراض تاريخي:
سنة 1982، احتلت إسرائيل جنوب لبنان بكامله، وقصفت، وقتلت، ودمرت، وشردت، وذبحت، وحاصرت بيروت سبعين يوماً تحت سمع وبصر العالم العربي والعالم الغربي والشرقي، فلماذا لم تأت الوفود في ذلك الوقت للتهدئة، لماذا لم يتدخل أحد، باستثناء الموفد الأمريكي فيليب حبيب، الذي التقي مع الدكتور نبيل شعبث، وبحث معه أليه خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، دون رحمة أو رأفة أو خجل من دموع الفلسطينيين واللبنانيين. في سنة 1982 كانت تل أبيب في مأمن من القذائف الفلسطينية، وكان المجتمع الإسرائيلي يسهر أثناء الحرب على شاطئ البحر، ويشرب الوسكي في الحانات، ويشاهد أخبار الحرب عبر شاشات التلفزيون.