حسابات إسرائيل من معركة الشجاعية وإدارة الحرب

بقلم: عبد الرحمن صالحة

لقد دارت معركة عنيفة ودامية في حي الشجاعية بين المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام مع جنود لواء "غولاني"، التابع لقوات الجيش الإسرائيلي، ووصف الجيش الإسرائيلي معركة الشجاعية بأنها أصعب المعارك منذ أن بدأ الجيش الإسرائيلي توغله البري على القطاع وأصعب معركة بالنسبة لإسرائيل منذ حرب لبنان في عام 2006م وهذه المعركة راح ضحيتها سبعون شهيداً جلهم من المدنيين الأبرياء نتيجة القصف المدفعي المتخبط على مدينة الشجاعية.

 استبسلت عناصر المقاومة في مواجهة القوات الإسرائيلية حيث كانوا مستعدون ويترقبون دخول جنود لواء "غولاني"، ونصبوا لهم كمينا فاجأهم. وقامت المقاومة بإطلاق صواريخ مضادة للدبابات ضد ناقلات جند إسرائيلية مدرعة، مما أدى الى مقتل ثلاثة عشر جندياً في غضون ست ساعات ومنذ تلك اللحظة، انهارت خطة الجيش وتركز الجنود في عملية إنقاذ مصابيهم والدفاع عن أنفسهم وفي نفس الليلة، وقعت حادثتان فتاكتان للقوات الإسرائيلية في شمال وشرق غزة مما شكل ذلك نقطة تحول في مجريات الحرب لصالح المقاومة الفلسطينية وكان هدف قيادة الجيش الإسرائيلي من معركة الشجاعية جس نبض قدرة المقاومة في منطقة تصفها إسرائيل معقل حركة حماس، وتمر من تحت هذه المنطقة أنفاق تصل الى إسرائيل ومخازن للصواريخ.

إسرائيل تبدي للعام إنها تغضض بصرها قبل بدء العملية البرية التي تعتبرها نتاج إطلاق الصواريخ من غزة وتبرر للعالم أنه لا يمكن لها الصبر والاحتمال أكثر من ذلك، وبالعفل لقد استطاعت أن تقنع العالم بمدى الضرر الذي يلحق بها نتيجة استمرار إطلاق صواريخ المقاومة المنهمرة عليها، بالإضافة استطاعت أن تبدي للعالم  خلال العدوان حسن النية اتجاه استعدادها لوقف إطلاق نار، لكن حركة حماس والمقامة لا تريد ذلك الأمر وتكرر المشهد أيضا في موافقة إسرائيل على هدنة لمدة  خمس ساعات وأظهرت للرأي العام بإن المقاومة هي من خرقت الهدنة والتي كان الهدف منها إخلاء الجثث وإجلاء المصابين ولكن الحقيقة عكس ذلك. بدون شك إسرائيل تحاول أن تناور وتعلب في عقول الرأي العام بهدف التغطية على جرائمها التي بلغت حدود الخيال ولكسب الشرعية والتأييد الدولي للحرب على الرغم أنها لا تنظر لأي شرعية في سبيل تحقيق أهدافها.

إسرائيل تضع أهداف غير واقعية لعمليتها العسكرية وفضفاضة فحسب الرواية الإسرائيلية المعلنة أن الهدف من العملية هو الكشف وتمدير الأنفاق وضرب قدرة حماس على إطلاق الصواريخ. لكن المتفحص لمجريات الحرب الدائرة يقلل من إمكانية تحقيق إسرائيل أي أهدف أو إنجاز في ظل قدرة المقاومة المتصاعدة وقدرتها على تسديد ركلات مميزة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وخير دليل علي ذلك ما قامت به المقاومة من عمليات وفنون قتالية مميزة خلف خطوط الجيش وأسر الجندي شاؤول وتفجير عبوات ناسفة في أكثر من رتل عسكري للجيش الاسرائيلي واستمرار الخسائر الإسرائيلية فحصيلة القتلى في صفوف الجيش تعلو خاصة من الوحدات المميزة له.

ترغب إسرائيل المضي قدماً في تصعيدها العدواني الشرس على قطاع غزة في ظل بيئة إقليمية ودولية مريحة حيث أكثر العالم العربي مشغول بمشاكله الخاصة، وتبدي للمراقب وللرأي العام من ناحية عدد القتلة اليومي أن معدل القتلة اليومي في سوريا والعراق يفوق بكثير عدد القتلة في القطاع، بالإضافة لدور مصر وبعض الدول العربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية الداعم للعملية العسكرية الإسرائيلية والتي تأمل بتسديد ضربة موجعة لحركة حماس والتي تتفهم انه لا يمكن لدولة ان تعيش بخوف في ظل إطلاق الصواريخ نحو مدنها على مر السنين، كما وترغب إسرائيل بتكرار مشهد الشجاعية الدموي في أكثر من منطقة قريبة من الحدود الزائلة لأنها لا تجد سوى دماء المدنيين لكي تتظاهر أما العالم إنها حققت وأحرزت انتصار في ظل عجزها على استهداف المقاومة أو النيل منها.