لقد أصبح من الواجب على بعض الكتاب والمختصين الرد على أولئك المحللين والكتاب وأساتذة الجامعات الذين يرون أنه يجب وقف إطلاق النار أولاً في فلسطين وبعدها يقدم كل طرف من أطراف الحرب الدائرة مقترحاته أو مطالبه وشروطه للاتفاق على بنود تهدئة جديدة، لأنه في ظل الوضع القائم لا يستطيع أحد الطرفين أن يفرض شروطه لأنه لم يحقق انتصار ساحق وحاسم وينزل الهزيمة في الطرف الآخر ليفرض عليه شروطه للاتفاق. وكل متحدث يضرب أمثلة على ذلك من تاريخ الحروب والصراعات سواء في وطننا أو في مناطق أخرى!
خلاصة ما يقولونه إلى الآن صحيح فذلك هو المتعارف عليه في تاريخ الحروب ما لم يتم إنزال الهزيمة وحسم الأمر واستسلام طرف من الطرفين لا يمكن للطرف الآخر فرض شروطه ولكن يمكن لهم وقف إطلاق النار والتفاوض على اتفاق، والصحيح أيضاً أنهم لا يقولون ذلك حرصاً منهم على دماء أبناء فلسطين ولكن حرصاً على دماء الصهاينة المحتلين وهيبة جيش العدوان الصهيوني الذي أصبح صديق للحكام العرب وفئة ضالة من شعوبنا أصبحت تجاهر بعدائها وكرهها لأشقائهم الفلسطينيين ويعلنون صداقتهم لأعداء الأمة والدين سيبقوا شرذمة وليس أصل! ولكننا نسأل أولئك:
هل ذلك سنة إلهية من سنن الله في الخلق والكون لا يمكن لأحد الاعتراض عليها أو محاولة تغييرها أو كسرها أم أنها سنة بشرية قابلة للتغيير والتعديل والكسر؟! إن كانت سنة سماوية معهم حق وعلينا أن نذعن ونقبل بها، وإن كانت سنة بشرية لماذا لا نجتهد في تغييرها أ و كسرها وتعديلها وتاريخ فلسطين الحديث يشهد في بعض ثوراته وملاحم بطولاته أنه أحدث بعض التغييرات في سنن الثورات ومعادلات الصراع بين المحتل والثوار وشعوبهم؟!
ثم لم يقل لنا أولئك الأساتذة الجامعيين والمحللين: هل القضية الفلسطينية مثلها مثل كل قضايا الاحتلال التي حدثت في تاريخ العالم القديم والحديث أم أنها مختلفة؟ لماذا لا يقولوا لنا لماذا أنهت الأمم المتحدة كل الاحتلالات في العالم والقضية الوحيدة التي لم ولن يتم إنهائها هي قضيتنا نحن؟!
وليقل لنا أولئك المختصين: كم اتفاقية إطار أممي منذ قرار التقسيم مروراً بقرار 242 وليس آخرها المشروع القطري الذي قُدم باسم جامعة الدول العربية منذ ثلاثة سنوات تقريباً وتم التنازل فيه عن حق عودة اللاجئين ولم يرضي العدو الصهيوني؟! وكم اتفاق إطار تم التوقيع عليه منذ اتفاق أوسلو 1993 إلى اتفاق الإطار الأخير في نيسان/إبريل 2014 الذي وضعه كيري ولم يتم التوقيع عليه وقع عليه الفلسطينيون على أن يتم استكمال مناقشة بنوده وتفاصيله وكلها ذهبت أدراج الرياح واللاحق ينقض السابق فيها وحقوقنا تضيع بصمتنا؟! وليقل لنا أولئك المختصين كم شعب في تاريخ العالم بقي يفاوض على لا شيء أو على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في أول انفاق إطار ومر عشرون عاماً ولا هو بقي في حالة حرب ولا حافظ على ما كان باقياً من وطنه وقتها ولا هو توصل إلى اتفاق وانتهت المفاوضات، طبعاً لا يوجد إلا سلطة رام الله؟! ليقل لنا المحترمون منذ بدء انتفاضة الأقصى عام 2000 كم اتفاق وقف إطلاق نار وتهدئة آخرها اتفاق 2012 في القاهرة تم توقيعه وينقضه العدو الصهيوني قبل أن يجف حبره وليس قبل أن تستكمل مناقشة بنوده والأنظمة العربية الراعية لها أو الضامنة لا تحرك ساكناً؟!
ليقل لنا أولئك إلى متى سنبقى نوقع اتفاقيات وقف إطلاق نار معلوم مصيرها دون أن نتعلم شيء أو نحاول تغيير تلك المعادلة والسنة البشرية والحمد لله أنها ليست إلهية ونكسرها لصالح حقوق شعبنا في حياة آمنة كريمة في ظل الوضع العربي الشريك للعدو الصهيوني في كل ما يحدث لنا؟! ألا يوجد لدى أولئك أي فارق بين ما هو متعارف عليه في تاريخ العالم وبين ما يجب أن يكون عليه تاريخنا، وأنه من حقنا أن نكسر تلك المعادلة الظالمة التي فرضتها علينا الأنظمة العربية والعالم لصالح خدمة استكمال المشروع اليهودي – الغربي ضد الأمة والوطن؟!
يجب على المقاومة في فلسطين كسرها هذه المرة وإن النصر صبر ساعة، وإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله لا يرجون! وهذه الأخيرة تحتاج أن تكونوا على قلب رجل واحد وأن تنبذوا الفرقة والأطماع الحزبية فهذه معركة الشعب والأمة من ورائكم، كل الأمة تريد أن تفرح بنصر ولو جزئي يمرغ في عيد فطرها أنف وغطرسة عدوها الذي طغى وتجبر في رمال ووحل غزة.. اتحدوا واتفقوا واخلصوا لله لأن النصر يحتاج الإخلاص والوحدة والبعد عن النزاعات.
على أولئك الأساتذة والمحللين والكتاب أن يتذكروا جيداً أن أهل فلسطين على قدر الواجب وإلا ما رماهم الله تعالى بأشد الناس عداوة للذين آمنوا وأجرم من خلق، إنهم شتات من كل شعوب العالم يعبدون إله يعشق وينتشي برائحة الدم دينهم وتاريخهم المزيف كله قتل وسفك دماء بلا رحمة ولا شفقة، ولو كان هناك عدالة دولية لكان عشرات بل ألوف من قادتهم السياسيين والعسكريين معلقين على حبال المشانق بتهم جرائم ضد الإنسانية، وذلك ما يجب أن يسعى له الفلسطينيين وكل أحرار العالم. وقد أثبت أهل فلسطين طوال سنوات النكبة وما لحق بهم من العدو الصهيو - غربي ومن الأنظمة العربية أنهم أهل للمهمة التي اختاهم الله لها، وأن هذه هي السنة الإلهية التي عليهم أن يفهموها ويدركوها وأنها لن تنكسر ولن تتغير مثل سننهم البشرية، وآن الأوان لأهل فلسطين أن يكسروا إرادة العدو الصهيوني وأن يفرضوا شروطهم عليه قبل وقف إطلاق النار وبدون هزيمة تامة وحاسمة واستسلام منه لأن ذلك سيكون إن شاء الله قريباً عندما تأخذ الأمة دورها في المعركة.
التاريخ: 23/7/2014