مصر عربية رغم أنف الصهاينة، ومصر إسلامية بثقافتها وحضارتها رغم أنف اليهود، ومصر مع فلسطين الوطن والشعب والمقاومة رغم أنف العملاء والمأجورين، هذا ما يؤكده الكتاب والمثقفون والمفكرون والعلماء والضباط والجنود المصريون الذين رفضوا أن تكون مصر رهينة في يد حفنة من الأبواق الإعلامية التي باعت نفسها لبني صهيون، وحتى لا يكون في حديثي تجديفاً في صحراء المعرفة، فقد تتبعت عشرات الصحف والمواقع المصرية، وقرأت عشرات المقالات، واستمعت لعديد اللقاءات والأحاديث التي تؤكد جلها أن لا قيمة حضارية وإنسانية لمصر دون فلسطين، وأن لا حضور لفلسطين دون إسناد مصر، وإذا كانت مصر تمثل الحضن الدافئ للأمة العربية فإن فلسطين بمثابة النبض الدافق.
سأختصر ما يقوله أهل مصر ورجالها بالمقال الساخر الذي كتبه الكاتب المصري محمد حلمي، الذي قال في بداية العدوان: سقط أكثر من 15 قتيلاً إسرائيلياً خلال المواجهات مع المقاومة الفلسطينية بغزة، وبالأصالة عن نفسي وعن الشعب المصري أغتنم هذه الفرصة الأليمة الجميلة، وأتقدم بخالص العزاء لعائلات أديب والحديدي والخياط وعيسى وموسى وجيهان منصور فى مصابهم الأليم، وأود الإشارة إلى عزاء خاص لأصهار القتلى؛ الابراشى والحسيني وعكاشة والدرديرى وسرحان وخرسا وعبد الرحيم والغيطى، ولميس جابر التي احترق دمها وقلبها على الصهاينة، واللهم لا تجعلها آخر أحزانهم، سيحيى ليلة المَلْطَمَة بمدينة الإنتاج الإعلامي فضيلة الشيخ حسين الجَسْمِى على أنغام بشرة خير!.
هذا هو المزاج المصري الساخط بحنق على المندسين في المشهد الوطني المصري، وهذه هي مصر الذي يمثلها ملايين المصريين الذين تنبض قلوبهم كرامة مع انتصار المقاومة الفلسطينية، وهذه هي مصر التي ترفض أن يحاصر نخوتها وبندقيتها أبواق الصهاينة.
وللتأكيد على رؤية الشعب المصري السياسية المدركة لأبعاد المعركة الدائرة على أرض غزة، سأستشهد بآخر فقرة وردت في مقال الكاتب المصري محمود سلطان في صحفية المصريون، والتي قال فيها: الشعب الفلسطيني اعتاد على تقديم تضحيات كبيرة تفوق قدرة أي شعب على التحمل.. وهذه المرة فإن تضحياته أكثر جسامة، ولكنه لأول مرة سيحقق انتصارا عسكريا وأخلاقيا على الجيش الأفضل تسليحا في المنطقة، وبات في الحكم المؤكد بأنه سيحقق ايضا انتصارا سياسيا مذلا للإسرائيليين، وللقوى الإقليمية والدولية المتواطئة معه.
سأضيف فقرة واحدة، وأضعها أمانة في يد كل عربي حريص على نشر الحقيقة التي يحجبها عملاء إسرائيل، سأضيف فقرة من الحاضر لها علاقة بالماضي، وأقول:
إن الذي يجري على أرض غزة من قتل وذبح وتدمير وتشريد للفلسطينيين يشكل دحضاً للمقولة التي روج لها الصهاينة، ورددها من بعدهم بعض العملاء العرب، حين قالوا: إن الفلسطينيين قد باعوا أرضهم لليهود سنة 48، والفلسطينيون باعوا قضيتهم!
فهل رأيتم أيها العرب كيف يخرج الفلسطيني من حفر الموت والقصف تاركاً بيته وماله ومدخراته وبعض أهله، ليحتمي بمراكز الإيواء، لقد أمسى على أرض غزة مئة ألف لاجئ فلسطيني في غضون أسبوعين، فهل يصح أن يقول خائن: لقد باع هؤلاء أرضهم وبيوتهم لليهود؟ هل يصح أن يقول إعلامي جبان: لقد تخلى هؤلاء الفلسطينيون عن قضيتهم؟.