اليرموك وعائلتنا وشهداء الشجاعية

بقلم: علي بدوان

اليوم الخميس الواقع في الرابع والعشرين من تموز/يوليو 2014، وفي إشراقات صباح هذا اليوم، ودع شعبنا الفلسطيني قوافل جديدة من الشهداء على أرض قطاع غزة. واليوم سارت مواكب جديدة من الشهداء على درب الجلجلة نحو فلسطين الحرة الآبية، قوافل من الشهداء روت بدمائها الزكية الطاهرة أرض القطاع، في كل حيٍ من أحيائه، وفي كل منطقة من مناطقه.

اليوم نحنُ، من أهلي وشعبي، ومن عائلتنا اللاجئة اليرموكية الى عائتنا اللاجئة على أرض القطاع، ودعنا عشرات الشهداء في حي الشجاعية قلب غزة النابض بالحرية والتوق للعدالة، كان منهم الشهيدين :  يوسف خالد بدوان وخالد بدوان شهداء على مذبح الحرية لشعبٍ ماكَلَ ولا مَلَ في العطاء. فكانوا شهداء جُدد في مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني الى جانب من سبقهم من تلك العائلة المُنتشرة بين الداخل والشتات، من مناطق 1948 الى قطاع غزة، الى الضفة الغربية، الى الأردن والخليج (قطر + البحرين + الإمارات + الكويت)، والعدد الأقل منها في مصر وسوريا، عائلة تروي في شتاتها دراما النكبة الممتدة منذ أكثر من (66) عاماً.

اليوم نودع، قوافل من الشهداء الذين سقطوا على يد الفاشية الصهيونية، ونازيي العصر، ومنهم الشهيدين يوسف خالد بدوان، وخالد بدوان، وعهدنا هو العهد الوطني، أن لا تموت فينا روح الوطنية الفلسطينية، وروح البحث والكفاح من أجل العدالة وقيمها الحضارية، ومن أجل إنتصار الإنسانية المُعذبة على أرض فلسطين، وإزاحة كابوس الفاشية الصهيونية، على طريق الحل العادل والناجز على إمتداد أرض فلسطين التاريخية، الحل الإنساني والحضاري والتاريخي، الذي يكفل شَلَ (حق القوة) لصالح (قوة الحق)، الحل الذي يوفر للجميع المساواة والعدالة في أخوة إنسانية، على هذه الأرض المقدسة التي أُشبِعَ شعبُها قتلاً وتنكيلاً على يد غزاة الأرض منذ غابر الزمان وحتى الآن.

اليوم ودعنا، وسنودع، قوافل الشهداء، الذين قال فيهم الفنان التشكيلي الفلسطيني عبد ديب عابدي المُقيم في مدينة حيفا وفي حي وادي النسناس، وصانع نصب شهداء يوم الأرض في سخنين عام 1976 "إستشهدوا لنحيا فهم أحياء".

اليوم يعشق الشعب الفلسطيني الحياة تحت نور الشمس والحرية أكثر من أي وقتٍ مضى، وأكثر من أي شعبٍ أخر على أرض المعمورة بلا منازع. فتراه ينهض رغم أثقال وأوجاع المحن التي تئن من وطأتها الجبال، من أجل فك الحصار عن الوطن المحتل عام 1967 في القطاع والضفة الغربية وعموم مناطق القدس. يُكرِسُ ثقافة الحياة بالسعي الحثيث من أجل الحياة الحرة والكريمة، فيقدم الشهداء بسخاء مابعده سخاء، سخاءٍ قل نظيره. فالشهادة من أجل الحياة هي الحياة.