المجتمع الدولي لم يفلح إلا بهدنة متقطعة

بقلم: زهير عابد

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" المجتمع الدولي يجتمع في باريس، بعد أن فشلت جميع المبادرات التي طرحت لإنهاء ما يتعرض له غزة من تدمير وتهجير قصري وحرب إبادة بحق الإنسانية، ولم يخرج هذا المجتمع إلا بطلب هدنة لمدة 12 ساعة كحالة إنسانية وظهر جليا الموقف الدولي متخاذل ليعطي الفرصة للكيان الصهيوني لكي يمعن القتل في شعبنا الصامد في غزة.
حقا أنه عار في جبين الأمم المتحدة والدول العظمى التي لم تستطع التأثير على الكيان الصهيوني لقبول وقف إطلاق نار مع قبول متطلبات الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة وفك الحصار. وما شجع ذلك إلا الموقف العربي المتقهقر في مكانة تحت سيطرة المصالح الإقليمية والدولية التي تحتويه. وفي ظل التحالفات المصلحية بين دول المنطقة العربية ومن حولها كتركيا وإيران.
فنحن نعيش في عالم غريب الأطوار مزدوج المعايير والمصالح يشارك في حصار غزة وتدميرها، تحت ذريعة حفظ أمن الكيان الصهيوني في العيش، ويعمي عينيه عن كل المجاز التي تقوم بها دولة الصهاينة بحق شعبنا، وبتمويل عربي وبرعاية أمريكية غربية، وبشكل قانوني من قبل الأمم المتحدة.
الحقيقة يجب أن تقال وبصوت عالي أن هذا العالم الظالم هو الذي يشجع على حصار الشعب الفلسطيني ليجعله دائما في حالة فقدان التوازن في الحياة الإنسانية والاجتماعية الكريمة، بل هم يباركون قتل أطفال غزة بالقتل البطيء عن طريق الحصار، أو عن طريق الحرب بالقتل السريع، وهنا نشير أن في كل الحالتين القتل هو القتل.
يأيها العالم المتحضر والذي يتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان مازلتم لم تتأثرون بمشاهدة ما يرتكب بحق الأطفال والنساء والشيوخ بدم باردة على مرأى أعينكم، تبا لكم المستشفيات والمساجد والمنازل تقصف على ساكنيها، وأنتم لا شعور ولا حراك لكم، ولا هم لكم إلا كيفية إيجاد مخلص لسفاحكم الصهيوني، وقناعتكم أن القوة هي المحرك لكم وليس القانون الدولي، بالرغم أن كل مبادئ القانون الدولي في خدمة قضايا الإنسانية، لكن وللأسف تجيرونها لحساب كيانكم الزائل مهما طال الزمن ووفرتم له الغطاء لكي يدوسها بمباركة مجلس أمنكم الدولي.
إن ما يحكم السياسات الديمقراطية الغربية التي تقف مع هذا الكيان العفن والمتحلل ويدعمه في حق الدفاع عن نفسه، الجميع يعلم أنكم تتاجرون بالقضية على حساب فاتورة المصالح التجارية والاستعمارية تربطكم بهذا الكيان وبالدول العربية المنهزمة في المنطقة العربية، بالرغم ما نلاحظه من تغير في سياسات الجمهور الغربي تجاه القضية الفلسطينية، وهذا ما شاهدناه من مقاطعة الكيان ومنتجات المستوطنات، والبرازيل ودول أمريكا اللاتينية التي نحياها على مواقفها الأكثر من عربية تجاه القضية الفلسطينية.
ومن السخرية أن نعتقد أن أمريكا لا تستطيع أن تمارس الضغوط على الكيان الصهيوني، حيث سبق مارست الضغوط في حرب الستة والخمسين وفي حرب الخريج، أي هناك الكثير من الشواهد. كما لا أحد ينكر دور الاتحاد الأوربي وما مدى القوة التي يستطيع من خلالها ممارسة الضغوط على الكيان لوقف المجازر التي ترتكب بحق شعبنا، ولكن المربط في كون أن الجميع له مصالح ولا يستطيع أحد كسرها إلا إذا اعتقد العرب أنهم أقويا ويستطيعوا ممارسة الضغط عليهم من خلال المصالح المشتركة معهم، لفك الحصار عن غزة الذي يعتبر جريمة دولية في حق الإنسانية كما أكد ذلك اليهودي جولدستون في تقريره.
لأنه لا يجوز معاقبة الشعب الفلسطيني بجريرة عداوة وتصفية حسابات إقليمية ودولية، والجميع يجب أن يعلم أننا نحب أطفالنا وأن المقاومة أشرف من كل هذا ولا يمكنها أن تتخذهم دروع بشرية ولا تتوفر هذه المقدرة، أن ما يقوم به الكيان يعتبر جريمة هولوكوست جديدة سيبقى يذكرها التاريخ الإنساني ويندب عليها، ونقول لكم أن الكيان الصهيوني هو الذي يجلب اليهود من العالم ويتستر بالدفاع عن النفس وحماية المستوطنين.
يأيها العرب المستغرب والمصهين أنكم تشاركون حصار غزة مع سبق الإصرار والترصد على ما يربو على ثمانية سنوات، تحت أسباب مصهينة واهية يتشدق بها إعلامكم المفبرك والقابض العمولة سلفا من أسياده في الكيان الصهيوني وأمريكا، كأمثال المعتوه "عكاشة"، والمريضة "لميس جابر"، هؤلاء المرضى نفسيا الذين يستمدون دمائهم من الصهيونية مقابل بضع دولارات في حساباتهم، نقول لكم مهام حاولتم طمس الحقيقة للشعب المصري الحبيب وتضليله وإيهامه أن الشعب الفلسطيني إرهابي لتقلبوا الحقيقة؛ وكأنه شعب لا يستحق الحياة، وأنه يهدد الأمن القومي المصري ويجعله في خطر.
لا بل أننم الذين تشكلون الإرهاب والخطر على الشعب المصري والأمة التي لا بد أن يأتي اليوم الذي يعلق لكم المشانق في ميدان التحرير على خيانتكم الأمة، ولن تغيروا حبنا لمصر وشعبها الحر. أحبائنا في مصر نحن نكن لكم كل الاحترام ونقدر لكم كل التضحيات التي قدمتموها عبر التاريخ من أجل الشعب الفلسطيني منذ حكم الفراعنة الأوائل إلى الآن، ونحن لا يضيرنا إعلام المعاتيه ولا نعطيه مسمع، وتأكدوا إخواننا في مصر أننا لا نتدخل في شؤونكم ولا شؤون أي دولة عربية، وكيف أن غزة تصاهركم ولكم في كل عائلة أهل ونسب، وفي نفس الوقت نحن أصحاب قرار مستقل لا نرغب في أحد أن يتحكم فينا أو يفرض الوصايا علينا ويتحكم في حياتنا ومصيرنا.
في النهاية لا يضيرنا الموت سواءا أكان بطيئا أم سريعا فنحن صامدون على أرضنا مهما كانت التضحيات، وقلعتم الشجر والحجر نحن لن نقلع وسنستمر نقاتلكم حتى ننال تقرير مصيرنا ودولتنا المستقلة، دون تفريط وتهاون في حق العودة لكل فلسطيني يعيش في أي مكان وجد.