غزة تكتب التاريخ

بقلم: هاني العقاد

لم يتوقع أحد أن تصمد غزة بشعبها الابي ومقاومتها وكل مكوناتها ومقدراتها الوطنية الى هذا الحد من الصمود في وجه الالة العسكرية الصهيونية التي تستهدف كل شيء في غزة اطفال و نساء ورجال وشيوخ ومنازل وجمعيات ومساجد وطرق بأعثى انواع الأسلحة التي تصنعها خارج مراقبة المجتمع الدولي وتستخدمها ضد المدنيين الفلسطينيين على أمل أن تكسب هذه الحرب التي لا يمكن بأي شكل من الاشكال أن نقول عنها إنها متعادلة أو حتى نستطيع أن نقارن بين ما تملكه وتستخدمه اسرائيل وبين ما تملكه وتستخدمه المقاومة الفلسطينية بكافة أزرعها العاملة , لم تتوقع اسرائيل أن نظرياتها الحربية ستسقط أمام نظرية غزة المقاومة ,و لم تتوقع أن تواجه مثل تلك الضربات الموجعة في العمق الاسرائيلي ما جعل من اسرائيل كلها تحت مرمي صواريخ المقاومة التي أذهلت العالم وأذهلت جنرالات الحرب الصهاينة الذين كانوا يعتقدوا أنهم ذاهبون لمصادرة سلاح غزة وإنهاء سلاح المقاومة والتخلص من المقاومين لعشرات السنوات القادمة ,وأمام هذا الذهول وسقوط النظرية الحربية الاسرائيلية أصبحت إسرائيل أمام معضلة ومشكلة كبيرة لا تستطيع معها الاستمرار بالانتحار في غزة ولا تستطيع أيضا أن توقف الحرب ويقول العالم أن جيشها المتفوق عسكريا بالسلاح والعتاد الامريكي قد هزم أمام بضع مئات من المقاتلين الذين يتسلحوا بأسلحة تقليدية لا أكثر ولا أقل .
طلبات وشروط المقاومة التي هي شروط الشعب الفلسطيني العادلة لوقف القتال ,شروط تلبي الحد الأدنى من الحياة الكريمة لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة التي حاصرها المحتل الغاشم أكثر من سبع سنوات وجعل منها سجن كبير يصعب الخروج والدخول اليه , هذه الشروط التي مازالت ترفضها اسرائيل تعتبر حقوق مسلمة للشعب الفلسطيني لابد من تحقيقها قبل التحدث في أي وقف لأطلاق النار ووقف الصواريخ وبالتالي فإن المقاومة هنا تعبر عن إرادة شعب انتصر بمقاومته وتمكن من كتابة تاريخ جديد في الصراع مع المحتل , نعم غزة تكتب تاريخ جديد في المنطقة العربية لأنها وضعت كبرياء اسرائيل في الوحل وجعلت منها كيان يتخبط في معركة لا يعرف كيف يخرج منها دون خسائر مادية ومعنوية ودون تنازلات تهين كبريائها أكثر فأكثر, اليوم لم تمثل فلسطين في مؤتمر باريس الذي يبحث مبادرات وقف اطلاق النار لأنه مؤتمر يحاول الالتفاف على هذه الشروط والطلبات العادلة ,اليوم تصر المقاومة على مواصلة المعركة بالرغم من اعلان اسرائيل تمديد الهدنه التي يخطط لها لان توسع في الايام القادمة قبل ان تتعمق اسرائيل في المعركة وتتضاعف خسائرها وبالتالي تتضاعف جرائمها , الملاحظ منذ اليوم الاول أن إسرائيل تحدث وجعا مقصودا للمدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم على اعتبار إنهم سيقولوا للمقاومة الفلسطينية اذهبي عنا نريد العيش وبالتالي تحسم المعركة لكن اسرائيل فشلت واصبحت مرتابة من استكمال الحرب حتى النهاية لان نهاية الحرب هي هزيمة هذا الكيان , ما فعلته المقاومة من مقابلة الوجع بالوجع وشل حياة الإسرائيليين واغلاق مطاراتهم وموانئهم وادخالهم في رعب وقلق طوال فترة الحرب جعل اسرائيل تبحث عن مخرج لورطها في الحرب فجاء الايحاء بعقد مؤتمر باريس دون ان يمثل الفلسطينيين باي شكل من الاشكال لسرقة انجاز المقاومة والالتفاف على شروطها و استحقاقات الدم و الدمار الذي احدثته اسرائيل.
اليوم وغزة تتصدي لمحاولة التآمر على انجازها الحربي تؤكد انها تكتب تاريخ جديد يغير طبيعة الصراع ولا يبقي الفلسطينيين بلا حالة دفاع عن النفس وتحريك ملف الصراع بالكامل لتقتنع اسرائيل والعالم باستحالة حل الصراع بالبارود , غزة انتزعت قوتها من الالم والحصار وأوصلت رسالتها لكل العالم بأن حياة واستقرار وتطور إسرائيل وشعبها مرهون بإنهاء الصراع على أسس وقواعد الحقوق والثوابت الوطنية وعلى قادة العالم ان يقنعوا اسرائيل بأهمية إيجاد حلا للصراع غير الحرب والقوة من الان فصاعدا لان غزة ارادتها اقوي من كل اسلحة اسرائيل, اليوم تكتب غزة في قتالها ودفاعها عن النفس انها رقم لا يمكن تجاهله حتى لو تحدث قطر او مصر او تركيا باسمها فان الكلمة الفصل في النهاية للفلسطينيين وقيادة المقاومة التي تدير المعركة بقوة ارادة لم تسجل في التاريخ .
مازالت المعركة مستمرة ومازالت غزة تكتب التاريخ في صفحات ستقرأها الاجيال القادمة بفخر وعز ومجد وستكون دروسا ونظريات حربية يطبقها كل من يواجه الاحتلال على ظهر هذه الدنيا قد تدرسها الكليات الحربية بالعالم ,توضح هذه النظريات كيف يصنع الشعب المحتل أسلحته ليقاتل بها الجيش الغازي ويدافع عن نفسه ويحقق نوعا من الردع في العمق المعادي, كما وفرض حالة حصار على حياة المحتل وبلداته ومدنه وكيف يقابل الحصار بالحصار ويطيل المعركة ويحاور ويناور من يتدخل لوقف النار وانقاذ المعتدي , اليوم أيقن العالم أن غزة تحقق النصر وتكتب تاريخ جديد يؤكد أن المعركة القادمة هي معركة القدس بعد معركة الارادة هذه التي سقطت فيها ارادة المحتل بالرغم من عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا والدمار الهائل الذي احدثته الة الحرب الاسرائيلية جراء فشل الجيش الاسرائيلي في تحقيق اهدافه التي وضعها قادته لهذه الحرب ,فأراد من خلال تدمير ممتلكات المواطنين المدنيين والقتل والتهجير والدماء البريئة أن يحقق انجازات عسكرية على اعتقاد أن المقاومة سترفع الراية البيضاء وتكتب وثيقة الاستسلام وتوقف على تسليم اسلحتها وصواريخها .
[email protected]