لملم العيد أحزانه في بلد الاحزان وذهب، لم يعش لحظاته السعيدة في غزة، ولم يعشها معه أطفال غزة، لقد سرقت طائرات الاحتلال منهم البسمة ، وامتزجت الدموع بالدماء، رائحة الدماء في كل مكان سقطت فيه صواريخ المحتل، تناثرت الاشلاء في زوايا الطرقات، ولم تتسع ثلاجات الموتى لجثث الشهداء، ولا يجد الجرحى مأوىً يلملم جراحهم في المستشفيات، حيث جن جنون قادة الاحتلال الذين لم يتوانوا لحظة في ارتكاب جرائم ابادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني ليفرغوا الارض من أصحابها ليتمكنوا من تحقيق حلمهم المزعوم بالسيطرة على فلسطين بكاملها وإفراغها من سكانها الاصليين وجعلها كيانا خالصا لليهود.
يتضح مما سبق ان الكيان الصهيوني وضع نصب عينيه هدفا واحدا فقط وهو ايقاع اكبر عدد من الارواح في صفوف المواطنين الفلسطينيين، وتدمير قطاع غزة بشكل كامل لا يصلح بعدها للعيش، لان قطاع غزة الوحيد الذي لا يزال عصيا على الانكسار وهو الشوكة العالقة في حلق المحتل ومخططاته، والا ليفسر لنا أحد الهدف من وراء قصف الاطفال وهم يلعبون ويلهون ببهجة العيد، ليفسر لنا احد سبب القصف المتواصل بلا انقطاع منذ قرابة الشهر لمنازل المواطنين الامنين دون سابق انذار، وقصف المساجد والمشافي والمؤسسات المدنية في قطاع غزة، ما هو السبب وراء كل ذلك؟ كما اننا نجد في تصريحات قادة الاحتلال تحريض واضح وعلني وصريح على قتل الاطفال وهدم المساجد والمؤسسات.
يتذرع قادة الاحتلال بالقضاء على حماس في غزة ومنع اطلاق الصواريخ وهدم الانفاق، ثم تذهب طائراتهم لتدمر منازل آمنة للمواطنين ومساجد ومؤسسات اعلامية ليس لها علاقة بأية اهداف عسكرية كما يدعي قادة الاحتلال، وتقتل الاطفال الذين يلعبون ويلهون على أراجيحهم وهي في قلب غزة بعيدة عن نقاط التماس مع الاحتلال، وتهدم بيوتا آمنة على ساكنيها من المدنيين الذين ليس لهم علاقة بأية مقاومة للاحتلال، ومع ذلك لم يتوانى قادة الاحتلال لحظة في تبرير جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني مدعومين بغطاء دولي.
لكن لم تبدو غزة كما اعتاد عليها قادة الاحتلال من قبل، وفاقت كل توقعاتهم ، وخابت كل تقديراتهم حينما علقوا على اعتاب غزة، حيث باتوا يبحثون عن نصر مزيف حتى ولو كان على أشلاء ودماء الاطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، المهم أنهم لا يظهروا أما شعبهم أنهم مأزومين ومهزومين، ولذلك فهم سخروا كل وسائل التكنولوجيا العسكرية التي أمدهم بها الاستعمار البغيض لحرق كل ما هو فلسطيني على أرض فلسطين حتى يكسروا ارادة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.
لكن الشعب الفلسطيني لن يُهزم، ولو كانوا قادرين على هزيمته لفعلوا ذلك قبل ستين عاما حين هيئت لهم المنظومة الدولية آنذاك متمثلة في الاستعمار الانجليزي كل السبل السياسية والعسكرية للسيطرة على أرض فلسطين، تماما كما تفعل الان الولايات المتحدة الذي تكمل ما بدأته حليفتها بريطانيا من دعم الكيان المحتل بكل الوسائل التكنولوجية والعسكرية والتغطية القانونية والسياسية في المحافل الدولية.
لكن التاريخ لن يسجل أن كيانا غازيا محتلا لارض الغير بقي على احتلاله مهما طالت سنوات الاحتلال، وسيبزغ فجر الحرية والتحرير، وسيختفي الاحتلال الصهيوني كما اختفت كل الاحتلالات السابقة من قبل .