ليس اقل من فيلم رعب... وليس اكثر من صلاة جماعية للموت... هذا ماعشناه ونعيشه غزة....
هم تصوروها نزهة .. ونحن تصورناها غزوة.... والحقيقة انها لا هذا ولا ذاك.. بل هي وبكل المقاييس نكبة ..!!
يا معتصم ...........كذب (المحللون) ولو صدقوا.....
باغلط الايمان ..راهنوا وحلفوا ان (الجبناء) لن يجرؤا على دخول غزة..فدخلوا ..!!
هتفوا بالانتصار المؤزر والاكيد يوم العيد في كل فضائية واذاعة..فدمر التتار الشجاعية واستباحوا خزاعة ..!!
زاد القصف وطأة ولا منجاة لاحد.. و اصبحنا ننتظر بعيدا عن المناكفات حظنا في تهدئة انسانية ولو لساعتين أو لاربع ساعات ..!!
الحمد لله اني لست محللا او تيسا مستعارا (ع المقاس) يهلل لنا وينفخنا بلالين ليقنعنا ان عتم الليل..رابعة النهار!
الحمد لله اني وسط هذا الجنون لازلت قابضا على عقلي رغم ان قلبي يشتعل ويتفحم على اشلاء شعبي المقصوف اكثر من اكثرهم ، فلو نظروا الى الصحفي (جدعون ليفي) والعسكري (تالنت) اللذين ينتقدان كابنيت نتنياهو ويسخران من ارتباكه علنا لعرفوا انهم ليسوا سوى ظلال مقيدة ..تحلل بعواطفها فقط دون تحكيم لمنطق عقل او واقع على الارض ..!!
من منا لا يرغب في الانتصار ودحر الاحتلال ..؟!! لكن شتان بين دم الذبح الجماعي المجاني.. وكاتشوب شهوة الخيال ..فالبون شاسع...والقرن واسع بين قاذفة وسيف..!!في حرب فرضت علينا ..توقيتا ..وكيف !!
ربما اكون مخطئا لو قلت انه كان بالامكان من باب (قبل ما تفصل.. قيس) وبقليل من الحكمة وبعد النظر.. تجاوز الفخ..وتقليل حجم الضرر.
نظرة هادئة الى ما فعلنا ويفعل بنا في شهر..اجد ان شيئا لم يتغير منذ عام 2005 رغم بعض المسميات والانتصارات والتفاصيل..!! كنا ولازلنا في (مشختة) محاصرة اسمها غزة.. تشخت فيها كل عام او اعوام وجبة وافية من الدجاج اللاحم لمآدب الدول وتجار الولائم.. صحيح ان ديوكنا زادت وقويت وتسلحت وخربشت..الا ان الفارق لازال كبيرا بين مخلب و سكين ..!!
1700شهيد.. 90000جريح...5000 بيت مدمر.... و7000غارة ...هذا حصاد الجزيرة...!!
حصاد مدني ومادي مفتوح وصور رهيبة صادمة ... اما الحصاد المعنوي فهو بحجم 2مليون انسان مصدوم.. فاقد..مسحوق ..مدمر مأزوم ..لن تفلح كل اموال الدنيا في اعادة بسمة الاحبة الشهداء اليه.!!
بالمقابل... استطعنا وبروح وهمة عالية مواجهة المخرز ..اطلقنا 5000 صاروخ رنتيسي وجعبري وبراق و... و.... على كامل اسرائيل التي هرعت الى الملاجئ... زرعنا الخوف في اسطورة (تساحل) بعمليات انزال نوعية واشتباكات من نقطة الصفر تعتمد على شبكة انفاق محكمة.. ابداع فلسطيني خالص بنفس ايراني.. و اقتباسات من حزب الله ..احدث في وجه نتنياهو ويعلون جراحا غائرة لا تندمل جعلت مستقبلهما السياسي على كف محمد الضيف وابو عبيدة..!!
قفزة شجاعة بلا شك يسجلها التاريخ وتستحق منا قبلة اجلال وفخر تليق ببسالة الفلسطيني المقاوم..
وماذا بعد..؟!!
سافترض اننا نجحنا في قتل الف جندي اسرائيلي واسرنا مائة شاليط ودمرنا نصف تل ابيب....!!
لاشك ان هذا لو تحقق سيعطي أي فلسطيني شحنة عاطفية ومعنوية كافية لان يصعد للسماء ويسطع نجما ..!!
لكن هل يكفي كل هذا لكي نشعر بلذة الانتصار وحلاوة فك الحصار...ومن حولنا وبيننا وفوقنا جهنم تسونامي حقيقي اجتاح البشر والارض والحجر؟!! وسط صمت القريب والغريب على السواء.. حتى من تحركوا انتصروا لحساباتهم قبل ان ينتصروا لنا ..؟!!
لقد فقدنا في غزة الشهيدة وبحسبة عرب شهيدا من كل الف مشروع شهادة!!وخسرنا 5%مابين شهيد وجريح
فهل بعد هذا من نكبة ؟!! وهل يستحق أي اجتهاد في الدنيا مهما كان ساميا. مثل هذا الثمن الباهظ ..؟!!
افترض ايضا ان حماة البلاد المخططين لصد العدوان كانوا يتوقعون من تجارب سابقة عدوا لا يتورع عن قصف الاطفال والبيوت وايقاع اكبر قدر من الاصابات، فهل اعدوا العدة من قبل لحماية (اللحم المكشوف) بملاجئ و مشاف ومراكز ايواء وخدمات كافية تمتص بعضا من الكارثة وربع مليون مقهور يهيمون على وجوههم في الشوارع والمدارس والمشافي والكنائس..؟!!
لا اعرف ..هل كان علينا في ظروفنا الحاضرة ان نتجرع علقم المبادرة المصرية ونسعى في تحسين شروطها قدر ما نستطيع ؟!! ولا ادري هل وضعنا فك الحصار والانتصار هدفا قبل ان نضع في اعتبارنا فداحة الثمن ؟!!
لقد اعجبتني كلمة من (جنرال)عاقل اكثر من خطبة جمعة من (زعيم)جاهل ..!!
(لقد ذهب زمن الانتصارات المؤزرة ولا يوجد الان انتصار حاسم .. نحن نوجع غزة ولن نستطيع كسر ارادتها وهزيمتها وغزة بالمقابل توجعنا ولكن لن تستطيع هزيمتنا)
ماذا يعني ذلك ؟
يعني ان لا حل لما نحن فيه الا بالتفاوض الى مالا نهاية او المقاومة ...بس مش أي مقاومة..!!
ليس رجما للفكرة ولا لعدالتها ونبلها اتساءل...وانما لذلك الاجتهاد وتلك الطريقة التي تختصرالمقاومة وتستاثر وتتحكم بها اهمس..!!
للاسف الشديد ان هذا الاجتهاد مع اختلاف اللون والطعم والرائحة هو نفسه الاجتهاد الذي قادنا بعد هزيمة67 بتفرده وانانياته واخطائه وحساباته وانتماءاته الى مذابح وويلات. لا حصر لها بدات بحرب ايلول وانتهت باوسلو....!! وكانه كتب على شعبنا المنكود ان يكرر بدمه اسطورة (سيزيف ) الى الابد ..!!
مشكلة هذا الاجتهاد السابق واللاحق انه اولا واخيرا كان فصائليا.. له اخطاؤه القاتلة .. منغمس في نرجسية ورؤى ضيقة..!! وانه لا ينتمي الى استراتيجية وطنية شاملة .. ولا يعتبر نفسه وسيلة من وسائل تهدف الى تحقيق حرية شعب ووطن...بل يقدم نفسه على انه الخيار الاوحد و قد يصل به الامر عند الاختلاف الى المزايدة وتخوين الاخر ..!! معتمدا على تسخين المشاعر باناشيد وشعارات تليق باسلوب الستينات ..وخطب نارية لا تختلف كثيرا عن خطب عميد صوت العرب (احمد سعيد )..!!
ان العمل على رفع المعنويات واجب وضرورة في ضل حرب مسعورة ..ولكن بعيدا عن المبالغة والتهويل كما يفعل خوابير استوديات البث الذين يصورون للعالم اننا حررنا عسقلان ونحاصر تل ابيب وندق ابواب القدس !!
في حين اننا نقصف وحدنا وتطحن عظامنا ببث مباشر جوا وبرا بحرا والكل يتفرج علينا ..!!
اسرائيل تبالغ قطعا. في كثير من الامور فتشترط نزع سلاح المقاومة في حين تخفي خسائرها البشرية والمادية غير المسبوقةعن خاصرتها الرخوة..ونحن نبالغ ايضا .. ونشترط ان يرفع جيش العدو الراية البيضاء..والقصف فوق رؤوسنا وبين اقدامنا كل مكان.
ليس كل ما يحدث يقال ...وليس كل ما يقال يحدث.. الا ان الحقيقة المرة التي قد يخفيها ضجيج الحرب ودخانها ستنجلي بعد حين عن صدمة للجميع عندما نكتشف اننا خسرنا الانسان الذي لا يعوضه شيء..!!
ونعود الى غزة ( المحاصرة) في وطن مسلوب ..علبة السردين الساقطة امنيا بالمنطق العسكري بمعنى انها ليست فيتنام ولسنا .فيت كونج..!! ولا تنجح فيها مقاومة الا بثمن باهظ كالذي دفعناه وندفعه..
قد يسال سائل.. لماذا اذن نجحت الانتفاضة في غزة ولو جزئيا ؟!!
والجواب ببساطة... ان الحجر نجح في الاشتباك مع الاحتلال بصورة عفوية في وقت لم يكن فيه التغول قد وصل الى مداه.. فكسب تعاطف العالم الذي سرعان ما خفت وتلاشى عندما ركبت الفصائل الانتفاضة وسلحتها.!! تماما كما حدث فيما بعد في سوريا
عدا عن ان أي انتفاضة شعبية غير قابلة للتصنيع والتوجيه.. وخير مثال هبة الضفة التي تفتقد الى قوة الدفع فما ان تشتعل حتى تخبو ...!!
قد يظن جاهل او نزق اني ضد المقاومة... بل العكس صحيح...فانا بكل ما املك من جهد ووعي مع المقاومة قلبا وقالبا...انا مع مقاومة وطنية صادقة شاملة متنوعة..تنطلق من استراتيجية واحدة موحدة و قرار سيادي جمعي واحد.. وليست بقرار فردي له حساباته وسياساته وارتباطاته التي لا يعلم بها الا الله. فليس من حق احد كائنا ما كان ان ينفرد بقرار قد يكون فيه نصرنا او ذبحنا .. يعني من الاخر (يا بنعيش في الضفة وغزة كلنا..يا بنموت كلنا ) اما ناس في غزة والضفة تموت ..وناس في الفنادق تاكل توت ...لا والف لا
تخيلوا معي مقاومة كالتي تخيلت .. الا تكون اكثر تاثيرا واشد فعلا واقوى صدى ؟!!
من هذا المنطلق شعرت بالفرح والحماسة وارتفعت معنوياتي كثيرا وانا اسمع لاول مرة من صوت القدس والاقصى (ثوري ثوري ياجماهير الارض المحتلة) و(انا يا اخي امنت بالشعب المضيع والمكبل)..!!
ان مايحدث هنا في صيف 2014 يشبه تماما ماحدث في صيف 2006 ..نفس السيناريو ..ونفس النتائج
خطف اسرائيليين-هجوم وحشي- استبسال-مذابح ومجازر-تدخل دولي.- مؤتمريرسخ لهدنة طويلة الامد!!
ولا يتوهمن احد ان العالم تحرك اخيرا بسبب بسالة مقاومتنا او بسبب هول مصيبتنا.. وانما دعما لاسرائيل بالدرجة الاولى وحرجا من ضياع صورته الانسانية الباهتة ... ومع ذلك يجب الا تاخدنا عواطفنا ابعد من قدراتنا بل نستثمر خطا با فلسطينيا واحدا يؤكد حتى النهاية على حقنا في فك الحصار .
قد يظن البعض -حسب الهوى- ان نار تركيا وقطر افضل من برود مصر ...!!
ومن سوء الحظ ان شلة توفيق عكاشة اساء ت بغباء وجهل الى غزة فاخذت مصر بالمقابل نصيبا وافرا من الشتم والاهانة الموجهة من شلة جمال ريان التي لها (تار بايت) مع النظام وتريد تصفية حساباتها ولو على حساب دمنا والامنا ..!!
كنت اتمنى ان اكون مخطئا عندما قلت و كررت انه سيتم الرجوع الى مربع المبادرة المصرية التي كان من الممكن تطويرها على مرارتها باتجاه فك الحصار ولو جزئيا لتختصر علينا ما فقدنا وخسرنا ..!!
ولكن هاهي الاحداث تؤكد...!!
لقد اتى العيد الشهيد ياتي كما اتى رمضان غريبا.. وسط حزن مقيم وخراب عميم...قضيت فيه يومي ابحث عن بسمة طفل فلم اجد.. بل وجدت اشلاء اطفال قرب ارجوحة ومدرسة..!!
اترك الحديث الى ما بعد القادم من احداث ان كتب لي عمر تحت قصف رهيب في ليلة ليلاء.. وفي تهدئة اممية72ساعة لم تحترم...عملية خطف جندي ثان.. رفح تحترق.. المشهد اشلاء .. لا املك الا التوجه الى الله..ضارعا.. رافعا يدي الى السماء..
اللهم كن لشعبي حافظا ومعينا... ولا تحكم في رقابه قائلا ومهينا....
اللهم الطف بنا فيما تاتي به المقادير ...وارحمنا .. وانصرنا فانت على نصرنا لقدير