في الفرقان وحجارة السجيل والعصف المأكول قراءة هامة لما يجري خلف الكواليس؛ وهذا ما يقودنا إلى ما جرى من نهاية مخزية لانتفاضة الأقصى، وبشكل مختصر نعرج على بعض التفاصيل في نهاية كل مرحلة.
حرب الفرقان عام 2009 حينما كانت غزة وحيدة ومعزولة ولا يوجد لها من يساندها حتى سلطة أوسلو التي كانت مشغولة بالتنسيق الأمني ومحاربة المقاومة في الضفة الغربية، فكانت منظومة أمنية مصرية وعربية بالتعاون مع السلطة تسعى إلى خروج الصهاينة بماء الوجه دون أن يبرز أي انتصار للمقاومة وهذا ديدن سارت عليه المنظومة الأمنية في المنطقة منذ عقود، وبالفعل انتهت الحرب ورغم ذلك سجل الانتصار العسكري والمعنوي على الاحتلال ولم تسجل مكاسب على أرض الواقع سياسية من معابر وفك للحصار واعتراف بوجود إرادة شعبية فلسطينية، وهذا يقودنا إلى ما أقدمت عليه المنظومة الأمنية ذاتها في نهاية انتفاضة الأقصى؛ فالغريب من هذه المنظومة أنها لم تحقق أي إنجاز سياسي للفلسطينيين بعد أن قتل الاحتلال 4000 مواطن على رأسهم رئيس السلطة آنذاك ياسر عرفات، كما أن تلك المنظومة لم تستغل قتل أكثر من 1300 جندي ومستوطن بعمليات المقاومة في تلك الفترة والتي كان جلها ينفذ في الضفة الغربية، وبالتالي النتيجة نفسها يراد أن تبقى دائما دون إنجاز سياسي ونفس تلك الأدوات تهاجم انتفاضة الأقصى وتقول بأنها لم تأت إلا بالدمار وهي تكرر نفس السيناريو.
معركة حجارة السجيل 2012 كانت مغايرة وبشكل واضح فالحرب تمت وهناك رئيس منتخب لدى الشعب المصري وهو نتاج ثورة ضد الظلم؛ فكان من هذه الحرب أن أتت بنتائج مذهلة وهي انتصار سياسي وعسكري ومعنوي وتحقيق إنجازات ميدانية لصالح الشعب الفلسطيني من المعابر ومساحة الصيد وإزالة المنطقة العازلة والبضائع وإعادة الإعمار وترسيخ المقاومة في الساحة الدولية، وكل هذا لأن المنظومة الأمنية التي كانت قائمة في السنوات السابقة لجمت ولم يكن لها دور في تخريب وإحباط المقاومة وإرادة الشعب، وهذا كان له أثر كبير في تسريع انقلابها الأسود على زعيم جاء بإرادة الشعب وصندوق الاقتراع، وعادت من جديد تلك المنظومة.
معركة العصف المأكول 2014 هنا يكمن الوضوح في الحديث أننا أمام نقاط مهمة وهي تحقيق المقاومة إنجازات ومكاسب سياسية في حجارة السجيل؛ وهنا جاءت فكرة أن المعارك لم تبق فقط دفاعا عن النفس بل لها مطالب من معبر آمن وفك للحصار والمطار والممر المائي وغير ذلك وأن الشعب أدرك أن العمل العسكري والانتصار لا يمكن له أن لا يحصد أيضا إنجازات سياسية وهذا طبيعي، وغير الطبيعي أن تتحرك أحجار شطرنج لعبت دورا مخزيا في انتفاضة الأقصى ومعركة الفرقان وكسر أنفها في حجارة السجيل وظهرت الآن في محاولة لتشويش الحصاد السياسي لإبداع المقاومة؛ ونحن نتحدث عن النطيحة والمتردية بغض النظر عن الجغرافيا الضفة أو مصر أو مناطق أخرى وهذا ما جعل سيل الدماء يكبر لأنهم وعدوا "معلمهم" أن نهاية هذه الحرب سنجعلها كما انتفاضة الأقصى أي صفر من المكاسب لزيادة الإحباط لدى المواطن وجعله يكره المقاومة لأنها لم تنجز له، ولذا نرى الذين يزيدون الأمة خبالا يصرحون وكأنهم قادة المقاومة والقسام غير أن حقيقتهم لا تعدو عن أنهم موظفون في شركة الإحباط المقنعة باسم الوطنية.
لذا نصحية لقادة المقاومة وأصحاب الحق أن لا تنغدروا بتلك الفئة التي أتقنت دورها في تدمير انتفاضة الأقصى ومنع الإنجاز السياسي في الفرقان واجعلوها تتحسر هذه المرة ولا تخافوا مما يثيرونه في الإعلام ويهمسون به في أذنكم أن الاحتلال سيقضي عليكم وسيدمر وغير ذلك؛ فهذه وظيفتهم التي عاشوا عليها عقودا من الزمن، فالمعركة واضحة النتائج بهزيمة ميدانية كبيرة للاحتلال لحقتها هزيمة أخلاقية وسياسية ويجب أن تحصد النتائج والمكاسب على قدر الانتصار وتخرس جميع الألسنة التي تقلل من النتائج وتهول من قوة الاحتلال فاحذروهم، لأن تحقيق الشروط هذه المرة سيجعل حاضنة الشعب للمقاومة في المرحلة المقبلة ما يمكنها من الوصول إلى معركة التحرير الكبرى.