لمصر الشقيقة مكانتها وريادتها ودورها الكبير والاستراتيجي على المستوى الاقليمي والدولي وما يميز مصر العربية من علاقة استراتيجية مع فلسطين وشعبها وخاصة قطاع غزة ذات الارتباط الانساني الاجتماعي الاقتصادي والسياسي على مدار عقود فلسطين بصورة عامة .
الدور المصري ليس محلا للاجتهاد والتأكيد فالتجارب الماضية والعقود السابقة والواقع الحالي خير شاهد على عظمة هذا الدور برغم ما اعترى هذه العلاقات من فتور لأسباب سياسية واعلامية شاركت فيها قوى اقليمية على قاعدة التجاذبات السياسية والصراع على الدور والمكانة الاقليمية ومحاولة تغيير قواعد ومعادلة السياسة الاقليمية وانكار حقائق التاريخ القديم والحديث عن اهمية الدور المصري القيادي للمنطقة بأسرها .
ونحن أبناء فلسطين وخاصة أبناء قطاع غزة الذي يكن لمصر العربية كل محبة واحترام وعلى مدار العقود الماضية وحتى يومنا هذا وفاءا لما قدم لنا وما تعلمناه ولمسناه بأنفسنا , فأجيال كثيرة قد تعلمت بالجامعات المصرية وكنا نعامل معاملة الأشقاء المصريين كما كنا نحمل الوثيقة المصرية للتحرك والسفر قبل ان يكون لنا جوازا فلسطينيا .
لسنا بصدد الاسهام والتفصيل بما قدم لنا من مصر العربية الشقيقة من عشرات الالاف من الشهداء والتي لا زالت جثامينهم الطاهرة ودمائهم الزكية تروى ثرى أرضنا وهذه حقائق تاريخية وطنية وقومية لا مجال للاجتهاد حول صحتها وحقيقتها والتي يعرفها الجميع منا .
اليوم ونحن أمام هذا العدوان الاجرامي الذي تشنه اسرائيل المحتلة باستخدامها لترسانة اسلحتها ضد الامنين والابرياء من المدنيين الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير المنازل والمساجد والمؤسسات والبنية التحتية الاقتصادية والخدماتية في محاول اسرائيلية للاستفراد بنا استغلالا لظروف عربية واقليمية وانحياز دولي لا زال منحازا لدولة الاحتلال وفي واقع التجاهل لحقوقنا الانسانية والوطنية المشروعة .
لا يعقل في هذا الزمن الذي انعدمت فيه الانسانية والضمائر الحية ان يتم محاصرة ما يقارب 2 مليون فلسطيني دون ماء وكهرباء ودواء وخدمات وحتى الغذاء ليس هذا فقط بل محاولة الاستمرار في القتل والتدمير والتطهير العرقي انطلاقا من الفكر العنصري الاحتلالي الاسرائيلي الذي يعمل على حرماننا من الحياة الانسانية الكريمة وفي ذات الوقت محاولة قتلنا في منازلنا وتشريد عائلاتنا وتدمير كل ما تم بناؤه بجهودنا وأموالنا عبر أجيال متعددة .
اجرام اسرائيلي وعدوان غاشم ومجازر لا يمكن وصفها او التعبير عنها من خلال كلمات او صورة او بيان استنكار او شجب يخرج من هذه العاصمة او تلك او حتى مواقف وتصريحات اعلامية تدغدغ العواطف دون خطوات ملموسة على صعيد رفع الحصار ووقف العدوان وحقنا المشروع في ان نعيش بكرامة انسانية وطنية احقاقا لحقوقنا الثابتة في الحرية والاستقلال واقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
اسرائيل المعتدية والتي أجرمت وقتلت ودمرت وانتهكت كافة القوانين والمواثيق الدولية تستمر في عدوانها وبطشها وقتلها دون رادع دولي وحتى دون محاسبة جنائية لمجرمي الحرب في ظل صمت دولي مريب يشعرنا ان هذا العالم وقد اصبح فاقدا للضمير الانساني وحتى للقانون الدولي الانساني .
ازاء كافة هذه المواقف العدائية ضد شعبنا ومنعا لنزيف الدم الفلسطيني الطاهر وازالة لهذا الحصار اللا انساني كان الوفد الموحد في قاهرة العروبة للتفاوض ومحاولة الوصول الى اتفاق تهدئة بجهود مصرية شقيقة نثق بها وبدورها وحرصها على الدم الفلسطيني كما حرصها على رفع هذا الحصار الجائر وتلبية للشروط الفلسطينية التي تؤكد على انسانية المطالب حتى يمكن عودة الهدوء الى المنطقة .
نحن نرى في الموقف المصري الشقيق شريكا وليس وسيطا لأننا أبناء أمة واحدة ومصر عبر تاريخها لها من المواقف المشرفة ما سيبقى راسخا في ذاكرة التاريخ الفلسطيني.
الوفد الفلسطيني الموحد والمتمسك بالمطالب الفلسطينية يجب ان يكون أكثر صبرا والتزاما بقواعد التفاوض والاستفادة القصوى من المكانة والخبرة المصرية الشقيقة التي تصب في مصلحة شعبنا الفلسطيني في ظل تعقيدات اسرائيلية وتجاذبات سياسية اقليمية وواقع دولي لا زال منحازا ومترددا في ممارسة الضغوط على دولة الاحتلال لتلبية المطالب الفلسطينية .
ان المقاومة في ساحة الميدان وما يقدم من تضحيات هو ذات الموقف على طاولة التفاوض التي تحتاج الى مقاومة وجدية والتزام وهذا ما نثق به بدور مصر العربية الشقيقة التي ستعمل كل ما في جهدها من اجل وقف هذا العدوان وانهاء الحصار وتحقيق المطالب الفلسطينية لأن هذه حقيقة الواقع والتاريخ .