مقدمة
شهدت الساحة الفلسطينية معارك شرسة بين المقاومة الفلسطينية و دولة الاحتلال الإسرائيلي ، إستخدمت فيها المقاومة الفلسطينية تكتيكات عسكرية متنوعة ، تعكس مدى التطور والتقدم والاستعداد الجيد لدى الفصائل الفلسطينية ، والذى قابله غارات إسرائيلية إجرامية إستهدفت المواطنين الأبرياء العزل بالدرجة الأولى ، وهذا إلى جانب الإشتباك العسكرى فى غزة كانت هناك معركة لا تقل شراسة على المستوى الدولى سواء من خلال التحركات الدولية الرسمية كالإجراءات التى إتخذتها بعد الدول وعلى رأسها دول قارة ( أمريكا اللاتينية ) ، أو حتى من خلال الحراك الشعبى والذى كان فى معظمه بدول اوروبا للأسف .
المقترحات الفلسطينية لكسب المعركة مع اسرائيل
المقترح الأول : كسب الساحة الدولية
على الرغم بأن الموقف الدولى من الحصار والعدوان الاسرائيلي على غزة لم يكن بالدرجة المطلوبة ، والذى ساوى ما بين الجلاد والضحية ، إلا أن الحرب يبدو بأنها ستنتقل من الميدان العسكرى إلى الميدان السياسي ، والذى لا يقل أهمية ، وظهر ذلك بوضوح من خلال الخطة التى تقدمت بها وزيرة دولة الاحتلال ( تسيبي ليفنى ) وأهم ما جاء فيها :-
أولاً : تخفيف الحصار عن قطاع غزة ووقف إطلاق نار.
ثانياً : تقديم مساعدات فورية كبيرة لغزة ، والقيام بإجراءات امنية تساعد الاقتصاد في غزة .
ثالثاً : الاعتراف بالسلطة الفلسطينية صاحبة سيادة في غزة .
رابعاً : فتح المعابر مع غزة لإدخال المواد اللازمة .
خامساً:العودة الى المفاوضات" الإسرائيلية الفلسطينية ما بين عباس ونتياهو.
هذه الخطة الخبيثة تحمل بين ثناياها مخاطر كبيرة أهمها :-
1- ستتهرب اسرائيل من الاتفاقيات السابقة المبرمة مع السلطة الفلسطينية كحق الفلسطينيين فى المطار والميناء .
2- التهرب من المطالب الفلسطينية الموحدة التى قدمها الوفد المفاوض للقاهرة فى الأيام السابقة.
3- التخفيف من حالة الإحتقان الدولى ، نتيجة للجرائم التى إرتكبتها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين من خلال إظهار إسرائيل بأنها تسعى إلى التوصل لحل .
4- من المتوقع أن تحظى هذه الخطة بتأييد غير محدود من المجتمع الدولى ، بالتالى قد يشكل إحراجاً للمقاومة الفلسطينية وإظهارها بأنها تريد أن تحقق مجداً لنفسها ، لا للشعب الفلسطيني وأن المقاومة ترغب فى أن تغرد خارج السرب بعيداً عن السلطة الفلسطينية .
كيفية مواجهة خطة ليفنى وتحقيق النصر
التمسك بالمطالب الفلسطينية من خلال إيجاد صيغة تُرضى المجتمع الدولى وتقنعهم بأن المطالب الفلسطينية شرعية ، بحيث تسبق خطة ليفنى فى التسويق الدولى وأقترح التالى :-
أولا : رفع الحصار عن قطاع غزة من خلال فتح كافة المعابر تحت إشراف السلطة الوطنية الفلسطينية .
ثانياً : السماح بإدخال كافة المواد اللازمة لقطاع غزة من خلال تسليمها للسلطة الفلسطينية والجهات الدولية المعنية بإعادة إعمار القطاع .
ثالثاً : توسيع منطقة الصيد إلى 12 ميلاً بحرياً وفقاً لمقتضيات القانون الدولى .
رابعاً : السماح لسكان قطاع غزة بالصلاة فى المسجد الاقصى .
خامساً : أن تحترم إسرائيل كافة الاتفاقيات التى وقعتها مع السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الاتفاقيات التى تتعلق بالمطار والميناء .
سادساً : إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين اُفرج عنهم ضمن صفقة شاليط من السجون الاسرائيلية .
سابعاً : وقف كافة أشكال الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وعدم التدخل فى الشأن الفلسطيني الداخلى .
ثامناً: إمكانية التحدث عن طبيعة السلاح الفلسطيني بحضور دولى بعد إنسحاب أخر جندي إسرائيلي من الاراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967م .
المقترح الثاني : تحميل مسئولية التفاوض للسلطة الفلسطينية
كما هو معروف فى العرف السياسي بأن لكل دول العالم "عسكرى يقاتل و سياسي يفاوض "، لهذا أقترح أن تمنح المقاومة الفلسطينية "حكومة التوافق الفلسطينية " فترة زمنية تمتد ما بين ستة شهور إلى سنه ، من أجل تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني ، على إعتبار أنها تمثل الكل الفلسطيني ، وبالتالى إِبطال الإتهامات الإسرائيلية بأن حركة حماس هى من تحكم غزة ، هذا من جانب وأيضا تحميل حكومة التوافق كافة التزاماتها.
المقترح الثالث : دعم الوفد المفاوض فى القاهرة بكل قوة
وهنا أقترح على الفصائل الفلسطينية أن تعطي الوفد الفلسطيني وقتاً كافياً للتفاوض ، وكذلك الإستجابة إلى الأصوات التى تطالب بهدنة لأيام محدودة ، بحيث أن لا يزيد مجموع هذه الهدن عن شهر على أقصى تقدير ، والهدف من ذلك هو تبرئه ساحة المقاومة الفلسطينية من أنها لا تريد التوصل إلى حل ، وأنها سلكت الطريق السلمى التفاوضى إلى أخر الطريق ، وأن اسرائيل هى من تماطل وتهدف إلى إكتساب الوقت لا أكثر ، لإبتزاز الشعب الفلسطيني فى مطالبه العادلة المكفولة وفقاً للقانون الدولى .
وفى حال فشل الوفد الفلسطيني المفاوض فى التوصل إلى تحقيق المطالب الفلسطينية العادلة بعد مرور شهر ، أنصح المقاومة بالتوجه إلى حرب إستنزاف تقوم المقاومة الفلسطينية من خلالها بإطلاق عدد محدود من الصواريخ على المناطق الحيوية كمطار بن غوريون ، بالإضافة الى عمليات عسكرية نوعية تهدف إلى خطف جنود إسرائيليين .
التوصيات :
1- العمل على كسب الساحة الدولية ، والمجتمع الدولى من خلال إثبات حقوقناً المشروعة ، وفضح جرائم الاحتلال .
2- منح الجانب السياسى التفاوضى مزيداً من الوقت ، لإظهار المماطلة التى تقوم بها اسرائيل وتهربها من المطالب العادلة للشعب الفلسطيني .
3- أن يكون لحكومة التوافق الفلسطينية دوراً كبيراً وهاماً فى الحراك السياسي الجارى حالياً ، وأن تلتزم بواجباتها تجاه قطاع غزة .
الكاتب والباحث السياسى
محمد أحمد ابو سعدة
مسئول دائرة الدراسات فى معهد بيت الحكمة – غزة
ايميل : [email protected]