كبارهم سيموتون ... وصغارهم سينسون!!!

بقلم: وفيق زنداح

غولدا مائير رئيسة الوزراء السابقة للحكومة الاسرائيلية ومنذ سنوات طويلة قالت مقولتها المشهورة بكل ما فيها من عنصرية وتطهير عرقي وارهاب منظم ... ان كبارنا سيموتون... وان صغارنا سينسون هذه العبارة التي قالتها مائير قبل سنوات طويلة كما قال رابين (أتمنى أن أصحوا لأرى غزة غارقة بالبحر ) ... وكما قالها الجنرال ديان أن الثورة الفلسطينية (كالبيضة في يده يهشمها في الوقت الذي يريد ) ... تصريحات عنصرية وارهابية تعبر عن منطلقات الفكر الصهيوني وما قامت عليه هذه الدولة العبرية من مقومات ارهابية جاءت على حساب شعب اخر تم طرده وتشريده وقتله في ظل واقع دولي ابان الحرب العالمية الثانية وواقع عربي لا يحسد عليه .
استمرار هذا النهج والفكر الصهيوني في ظل هذه الدولة المارقة التي قامت على وعد من لا يملك الى من لا يستحق بما سمي (بوعد بلفور) في الثاني من نوفمبر 1917 ابان الانتداب البريطاني على فلسطين وفي ظل العهد العثماني وما استمرت عليه العصابات الصهيونية من ارتكاب المجازر تلو المجازر من اجل القضاء على كل ما هو فلسطيني ولا عجب ان قال احد قادتهم العنصريين (ليس هناك شعب اسمه شعب فلسطين)!
منطلقات عنصرية وجرائم متكررة وحروب وعدوان مستمر لم يتوقف منذ تأسيس هذه الدولة الارهابية على حساب شعبنا وأرضنا والتاريخ حافل بجرائمهم وارهابهم وقتلهم لكل ما هو فلسطيني على اعتبار ان استخدام قوة البطش والعدوان ستكسر ارادتنا وتدب الخوف في قلوبنا وتجعلنا في مخيمات المنافي والشتات لا حول لنا ولا قوة وكل ما يقدم لنا غذاء بسيط مقابل وطن عزيز وحرية حرمنا منها عبر عقود طويلة .
راهنت اسرائيل المحتلة لأرضنا والمغتصبة أن بجرائمها واستهدافها وملاحقة الشعب الفلسطيني أن كبارنا سيموتون وأننا سنفقد موروثنا التاريخي الوطني الثقافي وسنظل الطريق متجاهلين وغير قارئين لعظمة الشعب الفلسطيني وقدرته على الصمود والتضحية والابداع الوطني وها هم من كانوا أطفالا أصبحوا رجالا وقادة يخوضون مسيرة النضال الوطني الفلسطيني مما قلب موازين فكر اعدائنا وأفشل منطلقاتهم وفكرهم الصهيوني وما خرج عن مراكز ابحاثهم من دراسات واستنتاجات لن تستطع أن تقرأ طبيعة الشعب الفلسطيني وقدرته الفائقة على الصبر والصمود والتضحية وتمسكه بموروثه الوطني التاريخي الثقافي والديني حتى أصبحنا ما بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية واعتماد الكفاح المسلح والمواجهات العديدة مع العدو الاسرائيلي وفي حروب متعددة لن تستطع اسرائيل وقواتها وترسانتها العسكرية من كسر ارادة المقاتل الفلسطيني في العرقوب وجبل الشيخ وقلعة شقيف ومخيمات لبنان وما تم قبل ذلك في معركة الكرامة التي أعادت الكرامة للأمة العربية بعد هزيمة 67 .
تاريخ حافل بالنضال الوطني ولازلنا حتى يومنا هذا نؤكد المؤكد تاريخيا عبر مسيرة النضال الفلسطيني ولا زالت اسرائيل على جهلها وغبائها السياسي وفقدانها للزعامة والقيادة التي أفشلتها في مراحل تاريخية متعددة وليس اخرها رئيس الحكومة الحالي نتنياهو الذي أبدى فشلا سياسيا عسكريا في مواجهة الشعب الفلسطيني لأنه لم يقرأ التاريخ ومحطاته المتعددة كما أنه لا زال يعيش وهم المقولات التي قيلت من الزعماء السابقين لهذه الدولة الارهابية .
اسرائيل اليوم أمام مفترق طرق والزمن لا يعمل لصالحها وهذا ليس من منطلق النصيحة (لا سمح الله) لكنه تأكيد لحقائق تاريخية سياسية عسكرية وأمنية بدليل أن اسرائيل اليوم في أسوأ أحوالها السياسية وعلاقاتها الدولية وحتى على صعيد جبهتها الداخلية وعلاقاتها الحزبية واتلافها الحكومي ... وعسكريا اسرائيل وقد فشلت منذ معركة الكرامة وحرب الاستنزاف ما بعد حرب 67 وحتى هزيمتها في حرب اكتوبر 73 كما هزمت في عملية الليطاني بالعام 78 كما هزمت في اجتياح لبنان بالعام 82 ... لأن أهدافها المعلنة في هذه الحروب لم تتحقق فقد كانت تهدف الى القضاء على القيادة الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير وحتى عندما فشلت في تحقيق اهدافها حاولت بطيرانها أن تذهب الى تونس لضرب مقر القيادة الفلسطينية .
تاريخ حافل بالإجرام والارهاب وممارسة الاغتيالات ضد القادة الفلسطينيين وكلها محاولات لوقف مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني وايصالنا الى حالة الانكسار لإرادتنا وصلابة مواقفنا .
ولا زال التاريخ يمتد بمحطاته وما يمارس من عدوان اسرائيلي يستهدف الأبرياء والامنين والبنية التحتية واحداث هجرة وتشريد جديد للألاف من ابناء شعبنا الذين هدمت منازلهم في قطاع غزة في ظروف لا انسانية ونقص حاد بكافة مستلزمات الحياة الادمية في محاولة اسرائيلية لكسر ارادتنا وصمودنا وهذا لم ولن يكون فكما أسقطنا مقولاتهم وتمنياتهم وأهدافهم الاستراتيجية عبر العقود الماضية اليوم غزة هاشم بلحمها ودمها بأبنائها وأطفالها بنسائها وفتياتها بشيوخها وكبارها ... تعلنها صرخة مدوية تهز أركان هذا العالم الصامت العاجز .... كما تهز هذه الدولة الارهابية العنصرية التي لا تتعلم من التاريخ ولا زالت على حالها وغيابها في استخلاص العبر والدروس أن كبارنا لم يموتوا ... فما ورثوه لنا كفيل باستمرار نضالنا وتقديم التضحيات تلو التضحيات دون كلل أو ملل وبإرادة صلبة لا تلين ... وأن أطفالنا تقدموا بأجسادهم شهداء ولم ولن ينسوا أن لهم وطن ينتظرهم ... وأن هذا الوطن بحاجة الى التضحية والفداء .

الكاتب/
وفيق زنداح