حكومة التوافق الفلسطينية كانت الحاضر الغائب ابان الحرب على غزة، الغياب لا يوجد ما يبرره خاصة أنها تحمل صفة التوافق، وبالتالي لا يمكن لها أن تعلق إخفاقها على شماعة الإنقسام، وليس من المنطق في شيء أن تحمل الكثير من عجزها، عن التعاطي المسؤول مع هموم غزة خلال الحرب، على سياسة الاحتلال، أليس من المعيب أن يغيب رئيس الوزراء أو على الأقل وفد من الحكومة عن غزة طيلة الحرب؟، ألم تكن غزة بحاجة لمثل هذه الزيارة للوقوف عن كثب حول حجم المأساة التي حلت بها ناهيك عما تحمله الزيارة من أهمية معنوية؟.
بالرغم من أن زيارة وزير الصحة جاءت متأخرة، إلا أن الطريقة التي استقبل بها هي محل تنديد واستنكار من الجميع، ويجب ألا تستخدم لتبرير تقاعس رئيس الوزراء وحكومته من القدوم إلى غزة، ما يثير الاستغراب أن الحكومة لم تتعامل مع غزة بصفتها الجهة المسؤولة عنها، حيث حملت البيانات الحكومية المتتابعة طابع المعلق الرياضي لا المدرب الذي يتحمل دون سواه وضع الخطة وتنفيذها.
سنوات الانقسام أخفت الكثير من الحقائق المؤلمة، وفي طياتها تاهت المسائلة وغابت الشفافية، وعملت الحكومات الفلسطينية دون حسيب أو رقيب، واستسلم المجلس التشريعي لسحب صلاحيته في الرقابة على أداء الحكومة دون معارضة تذكر.
لعل المبلغ الذي خصصته الحكومة الفلسطينية لمساعدة غزة في محنتها يؤكد بأنها لم تكن على دراية بحجم الكارثة، وأعتقد أنها لم تدرك بعد حتى يومنا هذا المطلوب منها فعله، ولعل هذا يقودنا إلى الحديث صراحة عما تنفقه الحكومة على قطاع غزة، وأعتقد أنه من حق الجميع اليوم الوقوف على حقيقة الأرقام التي أصمت آذاننا حول ما ينفق على قطاع غزة، حيث لطالما قيل بأن 56% من ميزانية السلطة تذهب لقطاع غزة، وهذا يعني أن معدل الانفاق على قطاع غزة يصل إلى مائتي مليون دولار شهرياً، رغم أن المعطيات لا تشكك في ذلك الرقم بقدر ما تقتلعه من جذوره، إلا أنه من المفيد أن يخرج علينا رئيس الوزراء بتقرير يفند فيه بنود صرف هذا المبلغ.
إن الاخفاق البين والغياب الواضح لحكومة التوافق إبان الحرب على غزة يحتم علينا القول بأن هذه الحكومة لم تكن على قدر المسؤولية التي انيطت بها، وأنه من المفيد اليوم أن نذهب لتشكيل حكومة وحدة وطنية وليس حكومة توافق وطني، دون أن نستمع لمعزوفة الحصار الذي يمكن أن تجلبه حكومة الوحدة الوطنية.