فاز اردوغان من جديد ، وهذه المرة على سدة الحكم رئيساً للبلاد ، ليقدم نموذجاً للحاكم الناجح والقائد الغُر ، وليرد على كل من تطاول عليه قائلاً لهم " شِعاراتكم لا قيمة لها" فانجازاتى أكبر ، وحب شعبى لى أعظم ، وسأستمر فى نصرة المستضعفين فى الشام وفلسطين وفى كل مكان .
لماذا فاز اردوغان؟؟
لم يأتى فوز اردوغان نتيجة لوعود أطلقها لشعبة ، وإنما لما بذله من جهد متواصل دءوب قام به خلال عمله فى منصب رئيس وزراء تركيا، و شاركه زملائه فى حزب العدالة والتنمية بهذا النجاح ، وسأحاول هنا أن أذكر جزء من أهم هذه الانجازات :-
أولاً : سوف أستند الى ما قاله أردوغان: «وزعنا و زرعنا اكثر 2 مليار و770 مليون شجرة، ونقلنا تركيا من ترتيب 111 إلى 16 بالعالم بالقوة الاقتصادية، وأنهينا ديونها ونقلنا تركيا من صادرات 23 مليار إلى 153 مليار، ونخطط لتفريغ 300 ألف عالم للبحث العلمي في غضون 10 سنوات، وخطوطنا الجوية في المرتبة الأولى أوروبياً، وشعبنا وحده له الحق ليحاسبنا عبر صناديق الاقتراع».
ثانياً : لأن حزب العدالة والتنمية إستطاع فى تحقيق نجاح اقتصادي كبير ، وتوفير عيش كريم للإنسان التركي، سواء كان من حزب اسلامي وليبرالي او شركسى و كردى ... وهي ملامسة حاجات واحتياجات الناس الأساسية بالإضافة إلى الحرية والكرامة ، وهي معادلة يستطيع أي انسان تحقيقها إن كان صادقاً مع نفسه وشعبه.
ثالثا : لأنه استطاع ان يُحول تركيا من دولة مدِينة إلى دولة دائنة ، واستطاع إنشاء 52 مطاراً في 5 سنوات وتخزين 126 مليار دولار عمله صعبه وكما ارتفع مستوى دخل الفرد 5 أضعاف ليعيش المواطن التركى حياة كريمة بعيدة عن عالم( الكابونات ).
رابعاً : ازدهرت السياحة ، وتحقّقت نجاحاتٌ اقتصادية ، يصفها مختصون ، بأنها طفرة باهرة فى علم التنمية والتطوير.
خامساً: النزوع الإسلامي المحافظ ، في الأَرياف ومدن الداخل التركي.
سادسا : دعوات المضطهدين ، كالأخوة السوريين الفارين من جحيم الحرب الاهلية فى سوريا ، بعد أن استقبلت تركيا أكثر من 720000 ، لاجئ سورى قدمت لهم تركيا دعم يزيد عن 3 مليار دولار ، بالإضافة الى دعم الفلسطينيين المحاصرين فى غزة من خلال تقديم مشاريع عبر المؤسسات التركية وصلت لحد المليار دولار هذا إلى جانب شهداء سفينة مرمرة التركية .
الدروس المستفادة من فوز اردوزغان
أَن يُقال إِن إنجازاً كبيراً تمَّ في تركيا في عشر سنوات، تتابعت فيها تسعة انتصارات انتخابية لحزب العدالة والتنمية، فذلك يعني أَنَّ الغرام الانتخابي الواسع بالحزب، كما تبدّى، لا يعود إلى لونٍ ومزاج إسلامييْن فيه، بل إلى رضىً شاسعٍ من بنيةٍ تحتيةٍ تطورت في البلاد، وجامعاتٍ جديدة أُضيفت، وسعةٍ في الدخل. ذلك كله ما رأته عيون الناخبين الأتراك، وعاينته حقائقَ قدّامهم، ولم يلحظوا لدى أَردوغان ورفاقه استخداماً لشعارات إسلامية ووعظية ، ولا لجوءاً إلى خطاب أيدلوجي ديني حزبى. ولم يجدوا أَهل "العدالة والتنمية" معنيين بلحاهم ، ولا باستدعاء الإسلام في كل نازلة ومناسبة. ليس هذا طبع أردوغان الذي صدم "الإخوان المسلمين"، عندما خطب في القاهرة، قبل أَزيد من عام عندما قال أحب الأتراك قراءة عبد الباسط عبد الصمد للقرآن الكريم وغناء أم كلثوم.
باختصار :-
فاز أردوغان لأنه تعامل بروح الإسلام وجوهره ، لا باختزال البعض له في اللحية والسبحة والجلباب والنقاب ، فاز أردوغان لأنه لم يُرْهن عقله لمن حبسوا عقولهم في ظواهر النصوص ، وجَهِلوا مقاصدها ، وأرهنوا أنفسهم لديوان الملك أو الرئيس.
فاز أردوغان لأنه لم يحمل شعار " الإسلام هو الحل " طالما أن فئات المجتمع تختلف في أيدلوجياتها ومعتقداتها، وانطلق فيما يجتمع الكل على حُلْم تحقيقه: بناء الإنسان التركى المعاصر المُتفتح والمُتحضر ، وبناء الوطن و الدولة تحت شعار ( تركيا تجمعنا).فاز أردوغان لأنه أخذ بالأسباب، ونحت في الصخر، وفق رؤية مدروسة، ومنهجٍ مُحْكَم، ولم يعتمد على الدعاء والصلاة في المحراب، وتقوى أصحاب المناصب وورعهم وزهدهم فقط ، فتقوى الإنسان لنفسه ، وقوته وقدرته وفطنته للناس ، فاز أردوغان لأنه لم ينتظر صلاح دين جديد يحيي أمته من سباتها، ولم ينتظر أن تتدخل السنن الكونية لسحق المتآمرين، أو تتدخل الطبيعة بزلازلها وبراكينها بمشيئة الله نصرة الصالحين ، فاز أردوغان لأنه جاء من الطبقة الكادحة ( بائع عصير ) التي عاشت المعاناة كما باقي أبناء شعبه، فعرف أن طريق الخلاص لا يكون بتكوين الثروات على حساب الفقراء والوطن ولا بالألقاب والمناصب الزائفة فلم تغريه كثيراً كلمة ( سيادة المعالى) كما يلهث خلفها الكثيرون .
فاز أردوغان لأنه انطلق إلى نهضة الإنسان، أيّاً كان دينه وانتماؤه، ولم يحصر الخدمة للملتزمين دون غيرهم، عرف أن الدين في خدمته للجميع، كي يأتوا إليه مقتنعين لا منقادين ،فاز أردوغان لأنه وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن العمر و الديانة والانتماء الحزبى واكتفى بحبهم للوطن .
فاز أردوغان لأنه منح أبناء شعبه حرية مطلقةً في الأفكار والمعتقدات والآراء، وترك الأمر لميدان العمل والنهضة والإنجاز كي يقتنع الناس بما يطرح.
فاز أردوغان لأنه لم يقل هذا حرام لا تفعلوه، وهذا إثم فاجتنبوه، وإنما هذا الإسلام بروحه إن أحببتموه فانتخبوه .
ختاماً أقول : هنيئا للمضطهدين
أعتقد إلى هذه اللحظة بأن مرتزقة الإعلام العربي ، وحكام الفساد ، والقطيع التابع لهم ، لم يستفيقوا من هول الصدمة الحاصلة لهم من نجاح أردوغان، بعد كل هذا التشويه في الصحف والمجلات والمحطات والقنوات الفضائية المختلفة، وهنا أقول ان نجاحه يعتبر نصرة للشعوب المظلومة خصوصاً الشعب السوري الشقيق الذي يتعرض لمذبحة دون ناصر حقيقي لهم، والشعب الفلسطيني المحاصر والمكلوم فى غزة ، فنجاحه أعاد الروح من جديد لهؤلاء المضطهدين جميعا، وأعطاها دافعاً كبيراً.
وأنا هنا لا أشكر في أردوغان ولا أصنع منه بطل ، لكنني في الحقيقة أريد أن أحيل القارئ إلى " كيفية قراءة الإنتصار ".
للكاتب : محمد أحمد أبو سعدة
ايميل : [email protected]