لو أصبحنا على دولة.. فهل نستطيع ادارتها؟؟!!

بقلم: وفيق زنداح

حلم الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس حلم وطني عبر مسيرة كفاح طويلة لا زالت تمثل الهدف الذي من أجله ندفع الثمن من أرواحنا وممتلكاتنا وما نتكبده من خسائر فادحة عبر كافة المراحل النضالية وفي كل مواقع المواجهة لصد هذا العدوان الاسرائيلي المستمر والمتصاعد والذي يستهدف الأرض والشعب .

صراعنا الممتد والمتواصل مع العدو الاسرائيلي المحتل لأرضنا لم يتوقف منذ عقود طويلة ولا زال مستمرا ومتصاعدا وممنهجا وفق خطط اسرائيلية تستهدفنا سياسيا اقتصاديا اجتماعيا ولا زلنا نواجه بقدر استطاعتنا وبما نمتلك من اجتهادات وطنية لكنها وللأسف ذات عناوين متعددة ... وبجهود مبعثرة ... وبخطط متضاربة ... مما يفقدنا الكثير من مقومات القوة والقدرة على بناء الوطن ومؤسساته بأساليب علمية مؤسساتية يمكن أن نفخر بها ونعتز بوجودها من خلال قدراتها العملية ونتائجها الملموسة .

وحتى نكون أكثر صراحة ووضوحا فهناك الكثير من التساؤلات المشروعة التي يجب أن تطرح وتناقش برؤية مجتمعية وبتخصصات علمية وأكاديمية وبمشاركة خبراء ذات اختصاصات متعددة وعلى كافة المستويات ومناحي حياتنا الفلسطينية ومن تلك التساؤلات المشروعة المحقة والملحة وعلى سبيل المثال وليس الحصر ما يلي :

أولا/ الاستثمار الأمثل للكفاءات والخبرات الفلسطينية وأين نحن من هذا الاستثمار؟ وأين أصبنا ؟! وأين أخطأنا ؟! وهل نحن بحق نعتمد الخطط لاستثمار الطاقات والكفاءات الفلسطينية ؟ أم لا زلنا نعمل بخطة أحيانا وعشوائية في أحيان أخرى اعتمادا على ما أسماه البعض أهل الثقة على حساب أهل الكفاءة وفي هذا السياق نكون قد ارتكبنا خطئا فادحا وتحملنا خسائر كبيرة لا نستطيع تعويضها اذا ما تم الاستمرار في هذا النهج الاداري ولن نستطيع بناء المؤسسات وفق المنظور العلمي المعتمد على الكفاءات والخبرات في ظل نظام الكوتة والمحسوبية .

ثانيا/ غياب سياسة التقييم والمراجعة واستخلاص العبر والاستفادة القصوى من الأخطاء وتجاوزها وتحديد الانجازات والبناء عليها وتطويرها فلم نقرأ تقريرا تقييما لمرحلة بعينها يحدد فيها السلبيات والايجابيات وكأننا نعمل بلا أخطاء مع أن المقولة المشهورة من يعمل يخطئ ومن لا يعمل لا يخطئ والأموات وحدهم لا يخطئون .

ثالثا/ هناك خطط طويلة المدى ومتوسطة المدى وقصيرة المدى ورجال الاقتصاد والادارة هم أكثر معرفة وخبرة بأهمية التخطيط المستند الى الامكانيات المادية والموارد البشرية والظروف الموضوعية والذاتية واعتماد الاليات التي يتم من خلالها اسناد المهام وتحديد المسؤوليات حتى يمكن للمرجعيات أن تحاسب وتقيم وتحدد ما يتم انجازه وما لم يتم انجازه والأسباب الكامنة وراء ذلك .

رابعا/ الاستثمار الصناعي الاقتصادي ,الخدماتي ,التعليمي ,الصحي ,الثقافي ,الاعلامي والبحثي كلها بمجموعها وأهدافها تصب في احداث التنمية المستدامة اذا ما تم الاستفادة من الموارد البشرية والطاقات والكفاءات والخبرات العلمية والعملية في هذه الجوانب المتعددة والتي يطول الشرح والتفصيل فيها وما نلمسه من نقصا كبيرا في اعتماد سياسة التخطيط التنموي في العديد من المجالات .

خامسا/ تحديد الموارد الاقتصادية وتطويرها واعتماد سياسة تخفيض النفقات المالية وزيادة الايرادات الاستثمارية وليس التشغيلية والمستهلكة دون جدوى اقتصادية في ظل تضخم اداري لا جدوى منه مع مراعاة البعد الاجتماعي الاقتصادي في عملية التوظيف الحكومي المستند والمعتمد على الكفاءات العلمية والخبرات وليس على المحسوبيات والمعرفة الشخصية والانتماءات التنظيمية .

سادسا/ البطالة المتفشية داخل المجتمع الفلسطيني في ظل عشرات الالاف من الخريجين الجامعيين والالاف من العمالة الماهرة وما يترتب على ذلك من أبعاد اقتصادية اجتماعية نفسية بحاجة الى خطط عملية وابداع فكري علمي يخرج عن اطار التوظيف الحكومي المتخم حاليا والأفكار والاقتراحات عديدة لحل هذه المعضلة من خلال المشاريع الصغيرة والتعاونيات الانتاجية وثقافة الاعتماد الذاتي وفق سياسات حكومية مساعدة ماليا واداريا وبرامجيا ضمن منظومة مجتمعية ذات اهداف محددة ... لإحداث التطوير الثقافي والتنموي والخدماتي في استفادة قصوى ومثلى للخريجين واكسابهم الخبرات العملية والعلمية كما الاستفادة من العمالة الماهرة وايجاد الحلول العملية للاستفادة منها وتحقيق مدخولات تلبي الحد الأدنى من متطلبات الحياة .

سابعا/ اعتماد سياسة التدريب المتواصل وعدم الاتكال على ما وصل اليه الموظف الحكومي وبكافة مستوياتهم الادارية والوظيفية لأن اعتماد التدريب سيزيد من المهارات الفردية والمؤسساتية وسينعكس ايجابا على الناتج الاجمالي لعمل المؤسسة والمؤسسات بمجموعها بما يخدم المجتمع ويحقق له الخدمة المتميزة والعائد الأمثل .

ما سبق ذكره يعتبر عناوين لموضوعات عديدة ومطالب ملحة برغم كل ما يعتري مسيرتنا النضالية من تحديات ومصاعب وما نتعرض له من عدوان مستمر ومتصاعد وما نتعرض له من تدمير لمؤسساتنا ومحاولة ارجاعنا الى الخلف و اضعاف ارادة العمل واضعاف معدلات التنمية وتعزيز الانعكاسات السلبية بما فيها قصور النظرة الوظيفية والعملية بما يترتب عليها من مستحقات مالية ودرجات وظيفية وليس ما يترتب على العمل بمجمله من ثقافة بناء وطن قد نصبح عليه ... ومدى استعدادنا لبذل أقصى ما لدينا حتى نتمكن من ادارة الدولة بصورة نعتز ونفخر بها لأننا كما امتلكنا ارادة المقاومة والنضال المستمر عبر مسيرة الكفاح الطويلة ولا زلنا ... يجب ان نمتلك ارادة البناء لدولتنا الفلسطينية بعاصمتها القدس حتى نكون جديرين بهذه الدولة التي سقط من أجل تحقيقها ولا زال مئات الالاف من الشهداء والجرحى والأسرى... وحتى نوصل للعالم رسالتنا الفلسطينية أننا جديرون بالحرية والاستقلال والدولة وحتى نشارك مشاركة فعالة وايجابية في احداث التنمية لدول المنطقة وحتى نعتمد على أنفسنا كما كل الشعوب التي تحررت وأصبحت تشكل ثقلا سياسيا واقتصاديا في موازين التجارة العالمية ... تمنياتنا وحلمنا سيتحقق اليوم او غدا مهما غلت التضحيات ... لكن يجب علينا أن نفعل المطلوب منا .