الذين يرفضون نصرنا ،وتوحدنا ..؟!!

بقلم: حامد أبوعمرة

يسألني البعض من الأصدقاء أو المارة ما توقعاتك.. عما يمكن أن يحدث من تطورات فيما يخص المفاوضات الشاقة والصعبة في المرحلة القادمة،و التي يخوضها الوفد الفلسطيني الموحد بالقاهرة ..تلك المفاوضات الغير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي وعبر الوسيط المصري ..قلت أولا وقبل كل شيء كم يسعدني كثيرا ذاك الاصطلاح الغائب الحاضر الذي انتظرناه طويلا فكلمة " موحد " تعني عندي لدلالة ذات شأن عظيم ..فتعني القوة والصمود والتحدي والشموخ والعلياء ..التوحد كم تنعشني تلك الكلمة وكم تحيي حروفها بسمة أمل ..فتضفي بظلالها طموحا ونبضا في نفوس البائسين ..لكني في ذات الوقت أمقت بشدة الاصطلاح المناقض لتلك الكلمة ألا وهي كلمة " الشعب الغزاوي" أو "غزة انتصرت"أو " غزة تقاوم"و ما شابه ذلك من كلمات نطلقها عبر العنان ولا نلقي لها بالا ..والمشكلة أنها باتت تتناولها ألسنتنا كثيرا عبر وسائل الإعلام.. أو فيما يدور بيننا من حوارات داخلية ..فالمعاناة الفلسطينية والمأساة التي نكابدها على أرضنا الفلسطينية واحدة سواء بين الضفة وغزة أو حتى في مخيمات الشتات..أو بالخارج وكذلك ما نتعرض له من عدوان بربري وبكل وحشية لا يستثني منا أحدا أو يتفرد بنا بمنأى عن الآخر .. و نحن إذ نقول اليوم وفد فلسطيني موحد.. فهذا على الأقل يتعارض مع ما نشبب به ثم أليس من الأفضل بقولنا "الشعب الفلسطيني "والذي يحتضن بمعناه الدقيق والشامل الكل الفلسطيني في غزة أو الضفة أو الشتات أو أراضي ال48 ..الشعب الفلسطيني ما أروعه حين يناضل ..وما أروعه حين يتوحد بصفوفه وحين يفاوض ..اعني بقولي انه ليس هناك على ارض الواقع من مصطلح يعرف " بالشعب الغزاوي " فهذا الاصطلاح يخفي في حناياه الانقسام أو الانفصام والانفرادية والعزلة والانسلاخ عن المجموع الفلسطيني ،فليس هناك ما يعرف بالشعب الغزاوي ،والشعب الضفاوي فالجميع يناضل ويكافح بطريقته الخاصة ولا يمكن أن نتجاهل دور إخواننا بالضفة الغربية والهبة الجماهيرية الكبيرة التي انتفضت منددة بالعدوان .. لذلك فكلمة الشعب الغزاوي هي برأيي ..مخالفة شنيعة للانتماء الوطني ولمساقات الجغرافيا والتاريخ تلك المساقات والتي علمتنا منذ نعومة أظافرنا بمفهوم الشعب ..ومفهوم المجتمع .. وعودة مني مرة أخرى من حيث بدأت لأجيب على ذاك التساؤل المعقد الذي طرحه عليّ أحد الأصدقاء وأقول المعقد.. لأنه مرتبط بمعادلات صعبة وخطيرة تختلف فيها المدخلات وزنيا عن مخرجاتها ..يعني أننا نعيش حالة من عدم الاتزان ،وعدم رؤية واضحة خاصة في ظل التآمر العربي والصمت الدولي تجاه قضيتنا ،قد نتفق مع الاحتلال على تحقيق أهدافنا ،وقد يلبي الكثير منها ..لكن هناك من هم من بني جلدتنا يعنيهم ألا نحقق أي نصر قادم يلوح في الأفق رغم يقينهم بأن عدونا مشترك ..فهناك من يدعمنا بالقول فقط وبالشعارات الرنانة وفي ذات الوقت يدعم ويموّل طائرات الاحتلال بالوقود.. وهناك من يدعي أنه يقف بجانبنا رغم انه يُصدر لعدونا قارورات المياه ،ولا يستحيي من أن يكتب اسم دولته عليها ولا حرج في ذلك بالنسبة عنه.. وناهينا عن بعض الوجبات التي قدمت لجنود الاحتلال على مشارف أرض غزة أثناء الاجتياحات حتى يستقوي علينا بطغيانه وجبروته ..ومنهم أيضا من دول بلاد العرب أوطاني من يدعي أن بجعبته ورقة تفاوضية سحرية بمثابة طوق النجاة لنا كفلسطينيين وإلا أنه يستضيف على أرضه بكل وقاحة أحد اكبر القواعد الجوية الأمريكية التي بطائراتها تدك أراضينا بصواريخها ..و لتأديب كل من يحاول أن يزهو برأسه في الشرق الأوسط أو الأقصى ..و العجب العُجاب أننا نجد من أبناء شعبنا المغرر بهم والمضللين فنجدهم يصفقون ويهتفون إشادة منهم وتقديرا لدور مثل هؤلاء الجبناء والخونة والمرتزقة..أولئك الذين إن أصابتنا حسنة تسؤهم ..الذين يرفضون خنوع الأعداء لنا .. لأن معنى رضوخ الاحتلال الإسرائيلي لمطالبنا يعني ذلك إحراجا كبيرا لقيادات أو زعامات عالمنا العربي المعاصر ،وهو يشكل تهديدا واضحا لكراسيهم ومناصبهم،وأن في ذلك الأمر كذلك إحراجا للشعوب النائمة في سبات عميق..والتي تدير ظهرها لنا في أعتى الأزمات ،و لسان حالها يقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى : ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قَاعِدُونَ... ) ..فأن يرضخ العدو لمطالبنا فيعني ذلك أنه إحراج للجيوش العربية التي تستعرض في الاحتفالات الوطنية بدباباتها وطائراتها ومدافعها ..تلك الجيوش التي تبدلت أهدافها في البلدان التي لا تحترم نفسها فبدلا من حماية الوطن وحماية منشئاته وأمنه القومي تبدلت إلى آلة عمياء لقمع شعوبها ..وسلب أومصادرة حرياتهم بالتالي ليس غريبا أن تكون هناك تخوفات قائمة لدى الزعامات في أن تتمرد عليهم شعوبهم يوما ..ما فتطيح بهم ..وليت أولئك يعلمون أن نجاح قضيتنا واستقرارنا وانتصاراتنا هي انتصارات لنا ولهم ، جميعا ..ولذلك ما أتوقعه في الأيام القادمة قد يبدي الاحتلال الإسرائيلي توافقا لمتطلباتنا بصورة مؤقته أو انفراجا نسبيا من فتح للمعابر أقصد بعض المعابر، ووقف إطلاق النار ،وهذا لايعني عدم اقترافه بالاغتيالات مجددا فيما بعد ..لأن هناك فرقا جما بين وقف العداء وبين وقف إطلاق النيران ..وكذلك قد يبدي العدوان الظالم مرونة ظاهرية فيما يتعلق بالمطار والميناء ..ولكن الحقيقة التي تكمن بنواياهم الخبيثة هي الرفض المطلق ولكن ما يُسمح به فقط هو مطارا وهميا على خرائط ورقية و بلا طائرات و ميناءا بحريا لكن بلا سفن ولا مرسى..وهي انفراجات للصيد وحرية وعمل الصيادين والحقيقة هي ملاحقتهم في عرض البحر و هم على مسافة لا تتجاوز الثلاث أميال ..وذلك بعد فترة من التفاهمات أو الاتفاقات التي قد تبرم بيننا وبينهم عما قريب ..والسؤال الأهم لما يمكن أن نتوقع بما يقوم به الأعداء من خلال ما ذكرت وذلك بعيدا عن لغة الإحباط أو التنغيص.. والإجابة واضحة وبسيطة لأنه لطالما أننا في عزلة إقليمية ودولية ،ولأننا وحدنا في ساحة القتال ولأن المؤامرة مستمرة لتصفية قضيتنا الوطنية العادلة ،وذلك تحت ظلال من يتربص بنا لتحويل أوتقزيم وتذويب صمودنا وكفاحنا وانتصاراتنا إلى مجرد معركة خاسرة بنتائجها ..أو أنها معركة غير متكافئة ..خواتيمها لن تحقق سوى مطالب وهمية صغرى ..عموما وحتما أن الشعب سينتصر برغم كل التضحيات والخرابات ورغم القتل والدمار إلا أن النصر والمجد والعزة لنا إن شاء الله ..!!