يظن البعض من أبناء جلدتنا ومن المنطقة والدول المجاورة أن المقاومة الفلسطينية هي نفسها صاحبة الفكر الذي اعتادت عليه الأنظمة الإقليمية والدولية ولذلك تستخدم نفس الأساليب مع المقاومة الحالية؛ ورغم معرفتهم أنها عنيدة إلا أنهم يصرون على أن يطبقوا نظرياتهم التي أقنعوا فيها البعض وأدخلوهم في متاهة المفاوضات والرأي العام الدولي وغير ذلك حتى باتت حركات فلسطينية تحررية كبيرة عبارة عن مؤسسات حقوق إنسان أمام العالم ولطش غير محدود للموارد الفلسطينية داخليا، كما أنهم روجوا لمعنى آخر في السياسة وهو الانبطاح بحجة المرونة والانفتاح على الرأي الدولي والعمالة بحجة التنسيق الأمني.
هنا نأتي لهذا الجحر الذي لدغ منه الفلسطيني مرة قبل عقود وبقيت آثار السم قائمة إلى يومنا هذا فجاءت تلك الأطراف لتعمل على إدخال المقاومة القوية بشعبها وإرادتها إلى هذا الجحر ليتم لدغها حتى تنتهي القضية الفلسطينية، إلا أن فكرا وتاريخا وحاضرا وشعبا اختلفت أولوياتهم منعت تلك اللدغة التي تُحول من دخل الجحر ولدغ سابقا إلى مساعد مهم للجاني للضغط على المقاومة وإدخالها للجحر.. لن تحلم بذلك يا سيسي ولا أسيادك الصهاينة والأمريكان.
فمن يغلق معبر رفح ومن تنكر وصمت على جريمة اعتقال أسرى وفاء الأحرار رغم أنهم تحرروا بصفقة تحت الرعاية المصرية بالإضافة إلى التشويه الإعلامي للمقاومة وخنق إمدادات الشعب الفلسطيني وإجهاض أي محاولة دولية للمفاوضات لن ينجح في مؤامرة دموع التماسيح تلك، حتى يبقى الجحر الواحد فقط أمام المقاومة للدخول فيه وهو عودة المفاوضات الشكلية في القاهرة على الأسس السابقة وهذا حلم المرجفين في المدينة.
لدينا مقاومة تحمل ترياقا لكل لدغة أو مصل لأنها لا تحتكم أمنيا وعسكريا وماليا لقرار إقليمي أو دولي ولذلك لن يفلح أحد من الفاشلين أن يدخلها في جحر الأفاعي التي تنثر سمها شمالا ويمينا للقضاء على الحياة التي عادت للمواطنين وأمل الأسرى واللاجئين، فعندما دفنت أحلامهم باتفاقية "أوسلو" حيث اللدغة الأولى أحيتها المقاومة ولن تلدغ مرة أخرى لأنها لو فعلت ستكون مساومة؛ وللمراقب للميدان جيدا يرى أن تلك المقاومة خلعت أنياب أخطر الأفاعي في الجحر وهذا يعني أننا أمام انتصارات تنعكس على تاريخ القضية؛ فمع الانتصار على الاحتلال بكل الجوانب لجمت أبواقه التي تروج لمخططاته وتيقنت جيدا أنها أمام حماس ليس إلا .