بعد وقف العدوان على غزة ...؟

بقلم: هاني العقاد

لا يمكن القول باي لغة كانت ومع أي نتائج افضت اليها المعركة ان الحرب انتهت بلا رجعة وان السلام عم وانتشر في ارجاء وطننا الغالي وان اسرائيل انهت الاحتلال والقتل و التهويد والاستيطان فمازال الاحتلال موجها مدافعه باتجاه صدور ابنائنا و رؤوس اطفالنا ومازالت المعركة في اولها ,واكد هذا نتنياهو بالأمس خلال مؤتمر الهزيمة الذي خرج به للجمهور الاسرائيلي قال "من المبكر الحديث عن هدنة طويلة الامد , وقال حماس طلبت الميناء و الاسري والاموال ولم تحصل على شيء " ويبدو ان احدي وخمسين يوما من الحرب لم تكن سوي جوله من جولات حرب التحرير التي ما توقف فيها التدمير والقتل والتشريد وما نالت هذه الحرب من قوتنا من شيء سوي عزيمة الجبناء ,اما الشجعان و المقاومون والأقوياء فقد شحذت عزيمتهم في انتظار المعارك القادمة , نعم قد تكون المدافع توقفت وغبار المعركة ورائحة الموت رحلت مع غيوم الصيف الحارة بلا رجعة , نعم خفت رائحة البارود الى الدرجة التي تمكننا من تنسم عبير البحر الغزي مرة اخري, وهذا يضعنا جميعا امام الخطوة التالية لوقف العدوان , انها خطوات وليس خطوة ,خطط وليس خطة واحدة ,خطط تتطلب من الكل الفلسطيني والتجهز لها كما تجهزنا لصد العدوان عن غزة .

اهم هذه الخطط واولها الخطة السياسية والاستراتيجية للعمل من اجل تحرير الوطن وانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والبناء على ما اسسته المقاومة الفلسطينية في المعركة الاخيرة من نجاحات و وحدة وطنية لم يسبق لها مثيل في العمل الفلسطيني , لذا فان المطلوب اصبح خطة تحدد فيها سبل التحرير الشامل والياته بالمقاومة والعمل السياسي والدبلوماسي , قد تكون المعركة الحالية انتهت بالفعل و لكن هناك معارك أخري بدأت وهي اقسي واعمق واكثر ضراوة من معركة المواجه في الميدان, أول هذه الخطوات التي تعتبر بحد ذاتها معركة هي الاستمرار في الجهد الوطني للعمل عبر جبهة فلسطينية واحدة بتمثيل سياسي عريض يشمل الكل الفلسطيني ولا يتأتى هذا الا عبر تطوير (م ت ف) والاسراع في عقد اطارها القيادي لوضع الاليات والاجراءات المناسبة لتطوير كافة هياكل ومؤسسات المنظمة السياسية , والخطوة الأخرى هي الاستمرار في معركة التفاوض بذات القوة والوحدة الوطنية حول القضايا التي تحقق لغزة الحرية والتي بإمكانها ان تحقق وحدة الجغرافيا و وحدة التمثيل السياسي والسيادة على الارض والبحر والجو و حماسة هذه المفاوضات و توقيتها عبر وقوف المقاومة في ظهر المفاوضين وتقوية واسناد اشتباك المفاوضين السياسي بالسرعة الممكنة , انها معركة التفاوض على تعمير المطار وتطوير الميناء واستعادة المعبر الأمن بين غزة والضفة وهذه حقوقا اصيلة للشعب الفلسطيني تم الاتفاق عليها عبر اتفاقيات دولية و سحبها الاحتلال بالقوة و ممارساته الاحتلالية من سنوات.

تقاسم الفلسطينيين اثناء هذه الحرب الهم والالم والدمار والمعاناة والحصار والجوع ورغيف الخبز وشربة الماء ,وتقاسم قادة هذا الشعب الجهود والمساعي والتحركات الدولية والاقليمية لوقف العدوان الإسرائيلي الاحمق على ابناء الشعب الفلسطيني حتى الدقيقة الاخيرة من عمر هذه الحرب استمرارا للمعركة التي تلى وقف اطلاق النار , وكانت زيارة للرئيس ابو مازن لقطر والقاهرة والاردن ومصر إسهاما كبيرا في ايجاد صيغة عربية فلسطينية معقولة لأنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ايمانا من الرئيس ان الحرب والعدوان الذي يشن اليوم على غزة هو عدوان على الكل الفلسطيني بالتزامن مع العدوان على القدس والاستيطان , زمن خلال لقاء الرئيس السيد خالد مشعل ولقاء الاخوة بالجهاد الاسلامي بالقاهرة حقق الرئيس دافعة عملية للذهاب نحو مدخل مناسب لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ خمسون يوما بعد توفير بيئة مناسبة للورقة المصرية التي تم تعديلها و النقاش حولها مع الاطراف , فكانت لحظة الصفر بالأمس تم الاعلان من قبل الرئيس ابو مازن عن وقف اطلاق النار بالتزامن مع رفع الحصار و فتح المعابر عن قطاع غزة , و السماح بمساحة صيد تبدأ من 6 اميال تزداد تدريجيا , وتأجيل البحث و التفاوض في قضايا الميناء و المطار و المعبر الامن لشهر من تطبيق وقف اطلاق النار .

الخطوة التالية فلسطينيا هامة جدا على المستويين , المستوي الداخلي و السياسة الدولية , وفيما يتعلق بالمستوي الدولي الذي يحتم الاستمرار بالمساعي الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال بدعم من الشرعية الدولية ونيل الاعتراف الكاملة بحقنا في تقرير المصير وحشد العالم معنا ليكون الضاغط الكبير لتقتنع اسرائيل بوقف كافة موبقات الاحتلال وانهائه و الاقتناع بان القوة لم تعد تنفع مع الفلسطينيين , مع السعي عبر الشرعية الدولية بمحاكمة الاحتلال و قادته على الجرائم التي ارتكبوها في هذه الحرب و الحروب الأخرى , على المستوي الداخلي الاستمرار في بناء الوحدة الوطنية الشاملة عمليا من خلال البدء ببناء بيتنا السياسي بالطرق الديموقراطية , واعتبار ان النصر في المعركة اسس لهذا و علينا استكماله , والعمل معا بيد واحدة لإعادة اعمار غزة و خياطة الجرح الفلسطيني الكبير الذي نزف كثيرا طوال خمسين يوم , مع كل يوم كان الجميع يتوقع استسلام هذا الفلسطيني المجروح عميقا والذي يربط كوفيته على جرحه و يملئه بالملح لان المقاومة تنتصر في كل يوم على اكبر الة حربية في المنطقة .