بعد انتصار المقاومة.. ضرورة استمرار وحدة موقفها

بقلم: جادالله صفا

اكدت التصريحات الصهيونية ان العدوان على الضفة وغزة كان مخططا له منذ زمن، وان عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة بمحافظة الخليل استخدمها الكيان الصهيوني لشن حملته بالضفة اولا ومن ثم عدوانه العسكري على القطاع على مدار 51 يوما.

من اهداف العدوان ايضا هو لمنع انجاز المصالحة الفلسطينية وافشال حكومة التوافق الوطني بين حماس وفتح، ولتعزيز الانقسام السياسي والجغرافي بين غزة والضفة.

وكان موقف محمود عباس وتصريحاته التي اعقبت الاختطاف قد ساهمت الاسراع بالعدوان، وكان قد شكك بالمقاومة وقدراتها، وكانت هذه التصريحات قد جاءت امتدادا لتصريحاته السابقة بعبثية الصواريخ ومطالبته باطلاق النار على مطلقيها ، جاءت الاحداث لتثبت ان صواريخ المقاومة ليست عبثية وانما الرهان على المفاوضات هو رهان عبثي، وكان احتفال شعبنا بالقطاع وبالنصر الذي حققته المقاومة رغم الدمار الذي خلفه العدوان بالقطاع كان شاهدا على الالتفاف الجماهيري رغم حجم الالم فالكيان لن يخضع بارادته الا مجبرا، ولم يتمكن من فرض شروطه كما كان يفرضها بالسابق.

لم يكن دور محمود عباس ومن مثله بالوفد المفاوض موقفا بمستوى التضحيات من اجل استغلاله لفرض الشروط الفلسطينية على الكيان الصهيوني، وانما جاء موقفا يريد من المقاومة ان تخضع لشروط الاحتلال وشروط اعوانها والمرتبطين بها، وهذا ما بدى واضحا من التصريحات التي كان يدلي بها الاحمد اثناء تواجده بالقاهرة، والتي تخالف المتفق عليه، حيث كان يهدف منها بلبلة الموقف الفلسطيني ومحاولة ضرب الموقف الموحد، بينما موقف ممثلي المقاومة الفعليين كان متماسكا من اجل تحقيق المطالب التي اتفقوا عليها قبل تشكيل الوفد.

كان للموقف الدولي الرافض للعدوان الصهيوني على القطاع واعتبارها جرائم حرب ضد الانسان موقف متقدم اكثر على موقف الرئيس الفلسطيني وسفراء فلسطين بالشتات، وهذا ما لمسناه ببعض الدول سواء بافريقيا او بقارة امريكا اللاتينية التي جاءت انطلاقا من قناعاتها بان ما يحصل هي جرائم ضد الانسانية وضرورة وقفها مباشرة وتقديم مرتكبيها للمحاكم، كما كشف العدوان عن طبيعة تشكيلة الجيش الصهيوني، وجاء موقف جنوب افريقيا بمحاكمة كل من يثبت انتمائه للجيش الصهيوني من مواطني الدولة معتنقي الديانة اليهودية، وموقف حكومة الارجنتين بسحب الجنسية عن كل من يثبت خدمته بالجيش الصهيوني، وقرار بوليفيا باعتبار الكيان الصهيوني دولة ارهابية ودولة البرازيل التي اعتبرت ان ما يجري بالقطاع جريمة حرب، وبداية حملة بالبرازيل من اجل الكشف عن البرازيليين من يعتنقون الديانة اليهودية والذين يخدمون بالجيش الصهيوني، حيث مواقع التواصل الاجتماعي قامت بحذف صور لجنود برازيليين يعتنقون الديانة اليهودية يخدمون بالجيش الصهيوني وارتكبوا جرائم بحق الفلسطينين.

صمود المقاومة وابراز قدراتها وامكانياتها من خلال قصف التجمعات الصهيونية وبعض المواقع الاستراتيجية والاكثر امنية للكيان الصهيوني، والتفاف الجماهير الفلسطينية بالقطاع وصمودها رغم حجم الدمار الذي خلفته، سيتبعه جولات اخرى من الصمود والمواجهات، وهذا يفرض على كل اطراف المقاومة الان العمل على تثبيت الجبهة الداخلية على قاعدة المقاومة والتصدي ووحدة الموقف السياسي عند قواها العاملة، والحذر قدر الامكان من القوى الداخلية والخارجية لتي تعمل بالطرق السياسية لاحتواء المقاومة من خلال تطمينات او رهانات سياسية، ولا يجوز لاي طرف مهما كان حجمه من استبعاد اي طرفا اخرا مهما كان حجمه من المشاركة الفعلية بمواقف وقرارات تهم العام الفلسطيني، كما ان العمل على تطوير القدرات العسكرية عند كافة القوى والتنظيمات الفلسطينية هي مصلحة عامة فلسطينية، وليست مصلحة فئوية وذاتية ما دامت البندقية موجهة صوب العدو الصهيوني.

ان الاتفاق الفلسطيني لممثلي المقاومة الفلسطينية هي ضرورة لقطع الطريق على اي محاولة ترمي الى اجهاض المقاومة التي اثبتت نجاحها بابقاء القضية الفلسطينية حاضرة وبقوة بعد ان غيبها اتفاق اوسلو وسلطته، ومن هنا ضرورة ان يكون اتفاق بين كافة القوى على الاهداف السياسية والوطنية التي يجب انجازها بعد كل مواجهة مع هذا الكيان باعتبار ان العدوان الصهيوني على شعبنا لن يتوقف، وان من نجاحات المقاومة احتمال ان تؤدي الى اسقاط حكومة نتنياهو لتأتي بعده حكومة اكثر تطرفا وعدوانا واجراما، وهذا ما اكدته بعض استطلاعات الرأي بالكيان عندما ارتفعت شعبية نتنياهو من 32% الى 80% بعد العدوان على غزة، وهبطت بعد اول وقف اطلاق نار الى 62%، والتخب الحالي بالحكومة على قرار نتنياهو بالموافقة على اطلاق النار، وهذا يؤكد على ان المجتمع الصهيوني هو مجتمع حربي استيطاني اقلاعي رافض للوجود الفلسطيني، وهذا يفرض علينا التمسك بالمواقف السياسية التي تؤكد عل حق شعبنا الفلسطيني بممارسة حقوقه وعلى راسها حقه بالعودة الى ارضه ودياره التي شرد منها عام 1948.