حرب غزة ،،، والعام الدراسي الجديد

بقلم: آمال أبو خديجة

بدأ العام الدراسي الجديد وعاد جميع الطلبة لمدارسهم في فرح للجديد واستعداد للنجاح إلا أطفال غزة حظهم من هذا العام منقوص كما كانت عطلتهم المدرسية حيث كان صيفهم شديد الحرارة ليس من صيف السماء ولكن من نار البارود والطائرات التي أسقطت عدوانها فوق رؤوسهم في ملاهي اللعب ويوم العيد وفي ساحات الإيواء وشاطيء البحر والنوم في أسرتهم .
كان من المفروض أن يعود مع بداية العام الدراسي الحالي ما يقدر 500 ألف طالب مدرسي إلى مقاعدهم الدراسية فرحين بلقاء زملائهم وأصدقائهم ليُحدث كلُ منهم عن مغامراته و نشاطاته أثناء عطلته المدرسية وكيف قضاها بين اللعب والترفيه والتجديد للذات والإستعداد للعودة بروح التفوق والنجاح لكن حرب العدوان الغاشم على قطاع غزة حرمهم من ذلك الحلم بل جعل وجوههم شاحبة و عيونهم دامعة وقلوبهم مكسورة من هول ما عايشوه أثناء الحرب وما استيقظت عليه عيونهم بعد إنتهائها .
فرغم شجاعة أطفال غزة وقوتهم النفسية على التحمل حتى كبروا قبل أوانهم إلا أنهم يبقوا أطفالاً في طور النمو والتطور النفسي والجسدي والعقلي ويحتاجون للرعاية والإهتمام والإحساس بطفولتهم كما غيرهم من أطفال العالم الذين ينعمون بكل الحاجات الإنسانية و أولها الشعور بالأمن والإستقرار والحق في الحياة الذي حرمهم الإحتلال بعداونه الإحساس به حيث وقع ضحيته العديد من الشهداء الأطفال بلغ مجموعهم ما يقرب (( 513 ) طفل شهيد و ( 3262 ) طفل جريح من إستشهد منهم أبقى ذكرى من بعض كتبه وأحلامه ومن أصيب بقي مع إعاقته أو طول علاجه .
مدارس الإيواء
ما زال ما يقارب من ( 93 ) مدرسة تابعة للإنروا تأوي العديد من الأسر النازحة حيث بلغ عدد المهجرين ما يقرب من ( 490,000) شخص وعدد الأشخاص في الغرفة المدرسية الواحدة ما يقرب ( 80 ) شخص هذه الأسر تهدمت بيوتها وبحثت لها عن مأوى بعيدا عن نيران الإحتلال والكثير منهم بعد إنتهاء الحرب لم يجد مكاناً يأوي إليه بسبب دمار بيته فبقي في مدرسة الإيواء لحين إيجاد بيت بديل له مما سينعكس ذلك على العام الدراسي الذي يجب أن يبدأ به الطلبة لهذا العام حيث سيؤخر عودتهم إلى صفوفهم المدرسية كما سيزيد من سوء وضع الطلبة النفسي إذا عادوا لصفوفهم وبقي بعض الأهالي في بعض الصفوف المدرسية حيث سيجعل ذلك يعيد لهم الذكرى التي لن تنسى بسهوله عن مواقف الحرب والتدمير والقصف ولن يهيأ الجو المدرسي المناسب الذي يساعدهم على الإندماج في الحصة المدرسية والعام الدراسي الجديد ، كما أن وجود الأهالي في مدارس الإيواء سوف يؤدي لتكديس الطلبة في أعداد قليلة من الصفوف مما سيؤثر على قدرتهم الإستيعابية للمواد العلمية ويؤدي لزيادة المشكلات السلوكية داخل الصف وعدم قدرة الأساتذه على ضبط صفوفهم المكتظة كما سيؤثر على الوضع الصحي والبيئي داخل المدرسة نتيجة الإكتظاظ والتعدد للأشخاص الموجودين داخل المدرسة خاصة أن غالبية النازحين من النساء وكبار السن والأطفال الصغار .
سلوكيات بعض الطلبة بعد الحرب
إن عودة الطالب إلى صفه ورؤية مقعد أحد زملائه فارغاً بسبب إستشهادة أو إصابته بالإعاقة الدائمة أو الخطيرة التي أحالت دون وصولة للمدرسة سوف يؤثر بشكل سلبي على نفسية الطالب مما يجعله أثناء الحصة المدرسية دائم الإنشغال بفكره حول ما حل بزميله وسبب ذلك مما يشتت إنتباهه وخاصة إذا صاحبه الإحساس بالحزن والألم أو رؤية الطلبة الذين أصيبوا بالإعاقة داخل ساحات المدرسة أو داخل الصف كذلك سيجعل الطالب في حالة من البقاء في تعايش مع حالة الحرب، كما أن رؤية بعض أجزاء المدرسة تعرض للقصف والتدمير و فُقدت الكثير من المواد المدرسية أو أحيطت المدرسة من جوانبها بركام الدمار الذي حل بالبيوت المجاورة أو غيرها سيجعله دائم التعايش مع مواقف الحرب وظروفها التي تحيط به ولا تساعده البيئة على محاولة النسيان والخروج من الأزمة كما صور الحرب المؤلمة سترواده بين فينه وأخرى نتيجة للتجارب القاسية التي مر بها خلال الحرب الغاشمة على غزة كما أن فقدان أحد الأساتذه أو مدير المدرسة نتيجة إستشهاد أو إصابة سيكون له الأثر النفسي السلبي على طلبة المدرسة وخاصة إن كان مربياً للصف وذات تأثير في طلبته ومدرسته .
سيعود الطلبة بعد أكثر من خمسين يوماً عايشوها وهم تحت التهديد والخوف والتدمير وسماع صوت الإنفجارات ورؤية مشاهد الدمار والقتل والأشلاء وغيرها سيعودون لمدرستهم وهم يمتلئون بالحديث عما دار في أثناء الحرب ليروى كل منهم قصته لأصدقائه ولعل ذلك سيؤدي للمساعدة في التفريغ النفسي للطلبة عندما يستمع كل منهم لقصة الآخر وخاصة إن رُويت الأحداث أمام مجموعات ليعبر كل منهم عن إحساسه وشعوره أثناء الحرب، ولكن بعض السلوكيات السلبية من المتوقع أن تزيد وخاصة العنف المدرسي بين الطلبة حيث من المحتمل نتيجة للضغط النفسي الذي تعرض له الطلبة أن يزيد من حالة الإنفعال والغضب مما يرفع العنف داخل المدارس، كما أن الخوف والتوتر والتعايش مع حالة الحرب والشعور باحتمال سقوط قذيفة في أي لحظة على المدرسة سيبقى في ذهنية الطلبة لفترة زمنية ليست بالقليلة مما سيؤثر على الإستيعاب للمواد العلمية وتحصيل الطالب كما أن بعض الطلبة سيظهر عليهم العزلة وعدم المشاركة مع الآخرين واللعب معهم نتيجة فقدان الأمان ، والبعض سيفقد رغبته في الحديث حيث سيقتصر على القليل من الكلام إن تحدث أو يبرز الخجل وعدم المشاركة وسرعة العودة للبيت بعد إنتهاء المدرسة كما سيكثر الحديث حول الحرب والقتال والأسلحة والمصطلحات الحربية والعسكرية ولعل البعض سيطلق ألقاب على زملائه تتعلق بمفاهيم ومصطلحات الحرب العسكرية ، كما أن فقدان الطالب لكتبه وحاجات المدرسية نتيجة تدمير بيته من المحتمل أن يزيد من شعوره بالإحباط والظلم الواقع عليه من قبل المحتل أو الشعور بالنقص مقارنه مع غيره من زملائه الذين لم يفقدوا شيئا من حاجياتهم المدرسية ، بعض الطلبة ممكن أن تظهر عليهم الشراهة في الأكل نتيجة أحاسيس داخليه سلبية أو الإعراض عن تناول الطعام و قلة تناوله مما سيؤثر على صحته النفسية والعقلية وتطور نموه، بعض الطلبة سيتعرض لردة فعل عصبي سريع عند سماعه لأي صوت يشبه الإنفجار خاصة الألعاب النارية مما يزيد من إحساس الخوف والتوتر وعدم الشعور بالأمان ، كما أن البعض ممكن أن تنتابه شعور بالبكاء والحاجة للأهل نتيجة فقدان الأمان والإحساس بالإغتراب النفسي ، كل تلك السلوكيات وغيرها من المتوقع ظهورها بين طلبة المدارس حيث ستؤثر على تحصيلهم الدراسي وعلى مستوى العام الدارسي ومخرجاته نتيجة ما تعرض له الطلبة من عدوان الإحتلال الإسرائيلي .
المطلوب
- رصد السلوكيات النفسية والعقلية والإنفعالية والجسدية داخل صفوف المدرسة وفي ساحاتها لمعرفة أبرز السلوكيات للحرب على الأطفال.
- المساعدة العالجة للطلبة من أجل التفريغ النفسي لمشاهد الحرب وصورها المؤلمة حتى لا تتراكم الإنفعالات السلبية للبعض منهم ويؤدي للإضطراب السلوكي والنفسي .
- المسارعة في إفراغ المدرسة من الأهالي النازحين بإيجاد المأوى البديل والمناسب لهم حتى لا يؤثر على الطلبة وحقهم في التعليم
- المسارعة في إصلاح المدارس المهدمة وإحاطته بالأشجار الخضراء والأزهار التي تعيد للنفس الإحساس بالأمل والحياة .
- تهيأت الصفوف المدرسية بكل ما يشجع على التعليم والتعلم بدأ من لون الجدران إلى شخصية المعلم .
- إدماج ومشاركة الطلبة بالرسم على حيطان مدرستهم ما يتعلق بالنجاح والتفوق وحب الحياة
- إفراغ محيط المدارس من أي أثار للدمار سواء للبيوت أو المساجد أو المنشآت
- تدريب المعلمين والمدراء على كيفية التعامل مع الخروج من الآزمات وخاصة للطلبة وتأهيلهم نفسياً ومعنوياً على ذلك
- تكثيف نشاطات الترفيه واللعب والمشاركة الجماعية للطلبة حتى يندمج الجميع معا ويزيد شعور الأمان بينهم
- توفير الحاجيات الضرورية للمدارس وتزويدها بكل ما ينقصها وتقديم الدعم المالي السريع من أجل تطوير المدارس بكافة النواحي .
- زيادة عدد المرشدين النفسيين والإجتماعيين داخل المدارس للمساعدة العالجة
- تقليل الحصص الدراسية وتكثيف العمل والنشاط الجماعي لمدة لا تقل عن 3 شهور
- مساعدة الطلبة على كتابة قصص عما دار أثناء الحرب و اطلاع طلبة مدارس خارجية عليها
- التمثيل من خلال تقليد الأدوار وخاصة لمواقف مؤلمة حدثت أثناء الحرب والمخاوف التي تنتاب بعض الطلبة .
- توزيع الأدوات المدرسية على الطلبة في اليوم الأول من الدوام .
- صبر المعلمين على الطلبة لحين الخروج من أثار أزمة الحرب والعودة للحياة الطبيعية
- زيادة الرعاية والإهتمام بالطلبة وتقبل سلوكياتهم مهما كانت قاسية وخاصة الطلبة الذين فقدوا عائلاتهم أو أحد أفرادها أو فقدوا بيوتهم .
- تحويل الحالات التي تحتاج للعلاج النفسي للأطباء المتخصصين .
- زيادة الحصص الرياضية حيث يركض الطلبة ويمارسوا كافة أنواع الرياضات التي تفرغ طاقة الجسد وتحسن المزاج النفسي .
- مساهمة الطلبة في المحافظة على النظافظة المدرسية بالعمل على تنظيف الساحات والصفوف حماية لهم من الأمراض .
- مساعدة الطلبة المحتاجين مادياً من خلال دعم موازنة المدارس ووزارة التربية والتعليم .
- دعم قطاع التعليم ورفع رواتب المعلمين وتحسن ظروفهم النفسية والإجتماعية والإقتصادية حتى يزيد عطاءهم وكفاءتهم في المجال التعليمي .
إن حق الطفل في حياة آمنه ومستقرة وتوفير الحماية اللازمة له وحقه في الحصول على التعليم اللازم والبيئة المناسبة له أثناء الحرب وبعدها كفلتها المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية بل تعتبر من أساسيات الحياة التي يجب توفيرها للإنسان مهما كانت ظروفه فكيف بالأطفال وفي حالة الحرب ولكن الإحتلال الإسرائيلي لا يلقي بالاً كما أعتاد ذلك لأي حقوق ولا قوانين دولية أو إنسانية ليبقى الطفل الفلسطيني هو الضحية الأولى في كل عدوان للإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وفلسطين كلها .
آمال إبراهيم أبو خديجة