المقال....الناقص !!!

بقلم: وفيق زنداح

المشهد السياسي الاعلامي الثقافي والمجتمعي على حاله من الاهتزاز وما يحدثه بداخلنا من تصدع فكري ثقافي سياسي ومجتمعي ومدي انعكاساته السلبية على الساحة السياسية والصورة الفلسطينية التي بدأت تفقد الكثير من مقومات القوة الذاتية بعد تضحيات جسام وصمود أسطوري وضعنا في موقع المنتصر... رغم كل ما ألم بنا من كوارث ودمار وقتل للأبرياء بعد عدوان جائر وهجرة قصرية دون مأوي لعشرات الألاف من أبناء شعبنا ومدي عمق الأثار النفسية الاجتماعية والاقتصادية التي ألمت بنا .
أزماتنا المتعددة والمتداخلة والتي لا يفصل بينها فاصل في ظل فوضي الاتهامات وما يتواجد في الساحة الاعلامية من تجاذبات سياسية أصابتنا بالإحباط وعدم القدرة على فهم المصلحة الوطنية من وراء كل ذلك .
فالنخب الفكرية الثقافية الاعلامية وأخص كتاب المقال وما يشاهد من نقص شديد في اظهار الصورة الكاملة والحقيقة الشاملة المراد ايصالها للقارئ كما حال الاعلام المسموع والمرئي والذي لم يعد يحتمل نفسيا ومهنيا ووطنيا لاعتبارات الواقع ومأسات المشهد وما كنا عليه قبل أيام قليلة ولا نعرف لهذا التخبط والفوضى أي سبب جوهري يمكن أن يرضي شعبا قدم الألاف من خيرة أبنائه ومقاومة باسلة أظهرت من البطولة ما يفتخر به كل مواطن .
الاعتبارات الواهية وحتى لو كانت الأسباب جوهرية وأساسية يجب أن لا تخرج عن اطار الغرف المغلقة والحوارات الثنائية وحتى الجماعية ما بين فصائل العمل الوطني والاسلامي حتى يتم ترتيب أوضاعنا الداخلية وأولوياتنا الوطنية بصورة منتظمة وناظمه لقادم الأيام وما يواجهنا من تحديات اضافيه اضافه لما نحن عليه الأن من مشاكل وتعقيدات ما خلفه العدوان وما حدث من دمار .
ان استمرار ثقافة من ليس معي فهو ضدي ...ومن يغرد خارج السرب ...والوهم بامتلاك الحقيقة المطلقة... وسيادة ثقافة الشك التي لا تودى الى اليقين ...بل مزيد من الشك لمن لا يقف مصفقا ومرددا للشعارات دون أي فعل ملموس على أرض الواقع .
هذا الشك المسيطر في ظل تعبئه تنظيمية عانينا منها منذ سنوات طويلة وأدخلتنا في دهاليز التعصب الأعمى الذى لا يوفر أدنى قدرة على رؤية الصورة الكاملة مما دفعنا ثمنا غاليا نتيجة هذا التعصب سياسيا اقتصاديا اجتماعيا وثقافيا .
المشهد الحالي الذى تأثر بطريقة أو بأخرى بالمشهد السياسي والاعلامي والذى أصابنا بالملل والضياع وفقدان الاتزان الفكري واهتزاز المنطلق الوطني مما أدخلنا في دهاليز الفئوية المقيتة والمصالح الحزبية التي تقدمت على المصالح الوطنية العليا وهذا ما حذرنا ونحذر منه عبر سنوات طويلة من خلال عشرات كتاب المقال .
هذا المشهد والذى ما زال في داخله الكثير من التفاصيل المشوهة لحالتنا الفلسطينية يجعلنا في موقف التساؤل وطرح العديد من النقاط التالية :
أولا: الوحدة الوطنية أصبحت شعارا فضفاضا خاليا من أي محتوي ويستخدم في المناسبات والبيانات وهو المغيب في العلاقات والمنعطفات الحاسمة على الرغم من أن الوحدة الوطنية والتماسك الداخلي أحد أبرز أسباب الصمود والانتصار علي العدو الاسرائيلي في العدوان الأخير وهذا ما يطرح علينا سؤالا وطنيا هل نحن بحق متمسكين بالوحدة الوطنية ؟ وما هو المفهوم الحقيقي لهذه الوحدة؟ وهل هي وحدة الفصائل ؟ أم وحدة الشعب الفلسطيني ؟
ثانيا: ثقافة الشك على حساب بناء الثقة وعدم تصديق ما يقال وما فقدنا من قدرة بناء الثقة في واقع الهدم الداخلي متناسين تجربتنا النضالية الطويلة والتي دفعنا فيها أثمان باهظة نتيجة الخلافات والاختلافات.
ثالثا : التعددية السياسية والمنطلقات الفكرية والايدلوجية المتعددة التي تشكل الخارطة السياسية لشعبنا وقواه السياسية ومنذ عقود طويلة وفي اطار المؤسسات المنظمة للعلاقات الوطنية وصناعة القرار الفلسطيني لا تعطي الحق للتفرد وانما تدفع للشراكة السياسية على أرضيه وحده الدم كما وحده القرار .
رابعا: السعي لبناء المجتمع الفلسطيني الديمقراطي كان وما زال شعارا للعديد من الفصائل الوطنية والتي لم تنجح في تجسيده في الممارسة الواقعية وداخل العلاقات الوطنية مما يفقدنا ركيزة أساسية من ركائز الفعل الديمقراطي التي تحدد حقوقنا وواجباتنا وحدود مسئولياتنا .
خامسا : الاقرار بأن منظمه التحرير ممثلنا الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأن السلطة الوطنية هي العنوان والقرار في اطار القيادة الموحدة أو ما سمي الاطار القيادي لمنظمة التحرير والذى تم التوافق عليه باتفاقيات المصالحة وحتى تكون المناقشات والجدل السياسي داخل الأطر القيادية وليس عبر وسائل الاعلام .
سادسا : اعادة اعمار ما دمره الاحتلال من خلال المؤتمر المنوي عقده في الاسابيع القادمة وما زال الجدل محتدم في العناوين والأطر واللجان ونحن لم نري مؤتمر ولا مال لإعادة الناس الى منازلهم وحياتهم الطبيعية... مما يطرح السؤال هل بالإمكان عقد مؤتمر اعادة الاعمار ودفع الدول لتقديم مساعداتها ونحن على هذا الحال ؟ .
سابعا :ونحن بعد أسابيع عديدة على أبواب ذهاب الوفد الموحد للقاهرة لاستكمال المفاوضات غير المباشرة لتحقيق حقوقنا الفلسطينية... مما يطرح السؤال مرة أخري هل الأجواء الحالية تساعد في انجاح مهمة الوفد الموحد ؟.
ثامنا :السلطة الوطنية وعودتها للمحافظات الجنوبية بعد توقيع اتفاق المصالحة وانهاء الانقسام وممارسة حكومة التوافق لمهامها ومسئولياتها وحتى نزيل الحصار ونتمكن من ادخال كافة المواد والمستلزمات المطلوبة لإعادة الاعمار... يمكن أن يتم في مثل هذه الأجواء ؟
نقاط وتساؤلات كثيرة ومتشعبه ومتعددة... ولا أمتلك الاجابة عليها ...وربما غيري الكثيرون....مما يجعل من مقالنا...ناقصا ....وغير مكتمل...ولا نعرف متي يكتمل المقال...فالعلم عند رب العباد.

الكاتب : وفيق زنداح