الحرب على غزة بدأت

بقلم: محمد فايز الإفرنجي

العصف المأكول اسم لمواجهة جديدة وقعت احداثها على ارض غزة بين المقاومة الفلسطينية ممثلة بكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس والتنظيمات العاملة على ارض غزة, حرب استخدمت فيها قوات الاحتلال الباغية كل ما لديها من اسلحة معروفة وغير معروفة والمحرمة دوليا, برا وبحرا وجوا كانت هجمات الاحتلال على غزة, منازل ومساجد ومشافي وجمعيات جميعها كانت هدفا من قبل الاحتلال فيما يسمى بنك المعلومات الخائب الدال على فشل الاحتلال الذريع في القضاء على المقاومة وسلاحها كما كان يعلن لجمهوره.
واحد وخمسون يوما هي ايام الحرب الشعواء التي شنتها قوات الاحتلال على اهل غزة, قتلوا فيها من النساء والاطفال, قتلوا الرجال والشيوخ, تجاوز العدد الفين ومائة شهيد صعدت ارواحهم الي العلياء, وما يزيد عن احدى عشر الف جريح ومصاب بيوت هدمت فوق رؤوس ساكنيها, مساجد دمرت بعدة صواريخ , اراضي زراعية, مصانع ومتاجر, مستشفيات ضربت حتى تلك التي ترعى المعاقين !!
كل شيء كان هدفا لدى الاحتلال فشل يتبعه فشل الى ان اصابه الجنون من ضربات المقاومة التي استهدفت عمق الاحتلال الى ان وصلت الصواريخ الفلسطينية الى ما بعد حيفا لتؤكد ما قاله الشهيد الحي عبد العزيز الرنتيسي.
صواريخ المقاومة شلت حياة الاحتلال بشكل كامل, توقف مطاره والغيت مباريات القدم, تأجل فتح المدارس, ملاجئ الاحتلال باتت مساكنهم ومواسير الصرف الصحي باتت سبيلهم للاختباء من صواريخ المقاومة .
تألمت غزة على كل ما اصابها من فقدان ابنائها واطفالها ونسائها, تألمت غزة لهدم منازلها ومساجدها ومشافيها, تتألم غزة لان قطرة دم فلسطينية تراق على ارض الوطن هي غالية وعزيزة وكريمة على غزة وعلى مقاومتها, ودعت غزة قوافل شهدائها بعز وكبرياء فنحن ندرك ان شهدائنا بالجنة وقتلاهم بالنار وبئس القرار, نحزن على فقدان الاهل والاحبة لكننا نفرح لشهادتهم ونسأل الله ان نلحقهم لتكون جنان الخلد دارنا ودارهم.
خذلت غزة من محيطها العربي من اهلها من جيرانها, خذلت غزة من المجتمع الدولي برمته, من دول الاسلام على شتى اماكنها إلا من رحم ربي ممن ساند غزة وقف موقف رجال في زمن اشباه الرجال!!
تعلمت غزة كيف تدافع عن نفسها دون الحاجة للأخرين, فهذه المعادلة فرضت عليها فرضا لم تختارها فمقاومتنا لديها ايمانها بعمقها العربي والاسلامي, لديها قناعتها بان قضية فلسطين هي قضية امه قضية ضمير ففلسطين ليست لحماس ليست للشعب الفلسطيني وحده هي وقف اسلامي للامة الاسلامية جمعاء.
كان الاجدر بدولنا العربية والاسلامية تحمل مسؤولياتها تجاه غزة, وما يحدث فيها من مجازر بشعة على ايدي اعداء الامة, كان الاجدر ان يتحمل الجميع واجباته الاخلاقية والوطنية والقومية تجاه بشاعة الاحتلال ومجازره التي ارتكبها في غزة الصمود والاباء امام عيون العالم الذي كان يرقب بلا حراك صامتا صمت اهل القبور!!
الأسوء من هذا ليس فقط الصمت العربي الغاشم المستهجن بل هناك ما هو اسوء من حيث الالتفاف على المقاومة والضغط عليها في كثير من المواقف سواء من خلال اغلاق معبر رفح, او محاورتها في المفاوضات الغير مباشرة مع الاحتلال لتوقيع اتفاق وقف اطلاق النار ضمن شروط عادلة هي بالأساس حقوق ارادت المقاومة ومن خلفها الشعب الفلسطيني تكريس هذا الحق واقراره من قبل العدو بضمانات عربية ودولية.
واجهت المقاومة متمثلة بالوفد الفلسطيني الموحد بالقاهرة اعتى مفاوضات واشدها لإقرار حقوقنا المشروعة في انشاء ميناء ومطار وفتح للمعابر جميعها, ونيل حريتنا وكرامتنا التي دفعنا ثمنها غاليا من دماء شهدائنا الابرار, الذين جعلوا دمائهم وقودا للرفع الحصار عن غزة وشعبها ونيل مطالب الشعب التي تبنتها المقاومة.
اليوم صمتت المدافع وتوقف هدير الطائرات, انسحبت الى الخلف دبابات الاحتلال وجنوده المهزومين الفارين من ضربات المقاومة التي اثخنت في قوات النخبة التي كان يتباهى بها المحتل, فأوجعته وكسرت هيبته وحطمت معنوياته الى ان اصبحت نخبتهم مجرد حفنة من الجبناء يفرون من رجال المقاومة التي كانت تعاركهم من مسافة صفر!!
صمتت المدافع واليوم تبدأ لغة جديدة, حرب لا تقل بقوتها عما سبق من حرب طاحنة, هي حرب السياسة التي يسعى الاحتلال فيها لتكريس حصاره لغزة وابقائها رهنه في كافة مناحي حياتها, سياسة يسعى بها الاحتلال لنيل ما لم تنجح به الة الحرب من فرضها على غزة ومقاومتها, اليوم يجتمع ضد المقاومة في حرب جديدة بدأت حلقاتها الاولى على غزة, العديد من انصار الاحتلال وممن يعادون المقاومة ليكونوا جميعا في صف واحد ضد مقاومة غزة وشعبها بعضهم ظاهر للعيان والبعض من خلف الستار يحرض ويتآمر.
تبدأ حرب شرسة رصاصاتها وقذائفها سياسية واهدافها قذرة كأهداف الحرب العسكرية التي اوقف فيها اطلاق النار ليتم التفاوض على حقوق الشعب الفلسطيني بغزة واعادة اعمار ما تم تدميره.
بيانات وتصريحات تصدر من هنا وهناك جميعها تتحدث بلسان الاحتلال تتحدث عن شروط تريد ان تفرضها على المقاومة لا تقل بالمطلق عن مطالب المحتل بل واحيانا يزيد سقفها عن سقف الاحتلال نفسه!!
نعم بدأت الحرب من جديد على غزة فحينما يصطف الجميع سويا بجانب الاحتلال لفرض معادلة سعى اليها الاحتلال منذ زمن وخاض لأجلها ثلاث حروب ضد غزة لنجد انفسنا اليوم نقف وحيدين ضد هذه التكتلات العربية الإسرائيلية التي تقف مصطفة ضد غزة وشعبها ضد غزة ومقاومتها ضد غزة وحقوقها المشروعة !!
نعم نحن في حرب جديدة والجميع يدرك مدى شراستها ومدى اهميتها, ففيها تحديد مصير غزة وحريتها, فيها تحديد عودة غزة الى حريتها وتحررها من استعباد الاحتلال وغيره في طعامها وشرابها في اعمارها وتجارتها في كرامتها على المعابر تتحرر غزة من البعض الذي يسعى لإذلال لها ومواطنيها ..!!
حرب سياسة بدأت وعلينا ان نكون فيها المنتصرين لنجسد انتصار مقاومتنا عسكريا ونثبته امام العالم وامام صفحات التاريخ عبر الاجيال والاحقاب.
واحد وخمسون يوما القيت فيها مئات الاطنان من المتفجرات على غزة, والمعركة مستمرة لثلاثون يوما اضافية هي عدد ايام المعركة السياسية التي تجابهها المقاومة في التفاوض السياسي الذي حتما ستنتصر به المقاومة وغزة , كما انتصرت غزة عسكريا على الاحتلال ستنتصر سياسيا وسترفع غزة رايات النصر خفاقة فوق الميناء والمطار, فوق المعابر فوق المؤسسات بل سترفع رايات النصر فوق كل بيت هدم, فوق ركام المساجد فوق الدمار, سترفع غزة رايات النصر لتعلن للعالم ان غزة انتصرت وستغلق افواه الحاقدين المنافقين من ابناء فلسطين وابناء الامة العربية, تعزلهم وتبقيهم في خانة المهزومين لتبقى غزة عبر بوابات تاريخها منتصرة قاهرة لأعدائها اعداء الامة, ستنتصر غزة ومقاومتها بالسياسة كما بالحرب ولن تغفر لمن خذلها لمن سار ضدها وسطر عبر صفحات التاريخ نقاط سوداء ستبقى عار عليه تلاحقه عبر الاجيال, فغزة ارض العزة والنضال, ارض المقاومة والكرامة, حرب بدأت وسننتصر فيها بإذن الله فهذا وعد من الله لنا والله لا يخلف وعده.
وامام شواطئ غزة حتما سينمو وطن جديد يولد من رحم المعاناة يحمل بين قسماته جمال هذه الوجوه المنفية هنا وهناك, وفي كل مكان من هذا الامتداد الشاسع يخرج وطني ليقول لا وطن غيري فبه تجتمع كل التناقضات وسيبقى دوما يولد كل يوم رغما عن انف قاتليه.