لا يعتقد أحد أنه بالإمكان أن يحصد الا ما قمنا بزرعه من أقوال ومواقف ومفردات مستخدمه علي قاعدة أننا أصحاب قضية واحدة والمفترض أننا أصحاب مشروع واحد وأن الأجيال الناشئة هيا العمود الفقري لهذا الوطن والنضال من أجل حريته واستقلاله .
الا أن حالة التصدع الثقافي وما يتم من تعبئة فكرية ، سياسية واجتماعية وفي واقع التفاعلات واختلاف المستويات الثقافية والمنطلقات الفكرية والايدلوجية وتلاحق واحتدام الأحداث بواقع المتغيرات المتسارعة وغياب الضوابط وحالة الفلتان الاخلاقي وما يحدث من طارئ عابر ومستجدات انية نجد أنفسنا بحالة انشداد للماضي على اعتبار أنه الأفضل بحكم عادات وتقاليد كانت تنظم علاقاتنا ...وثقافة سائدة تعزز مجموعة القيم بداخلنا والتي وفرت لنا تناسقا أفضل وعلاقات أمثل من المحبة ،العدل والمساواة والتي تعتبر الأقرب للضمائر والقلوب والرضى عما نحن عليه في واقع الحال .
ان اشتداد المنافسة وتعاظم المصالح وتراكمات الواقع وتناسي الماضي بكل استخلاصته وتجاربه وتغييب الموروث الثقافي واستبداله بصناعة ثقافية متعددة المنطلقات والاتجاهات احدث لدينا حالة من الخلل القيمي الثقافي والسياسي والاجتماعي مما أحدث تباعدا وخلافا اضعف من ثقافتنا وتماسكنا وانجازاتنا وعلى كافة الصعد والمستويات .
ان ثقافة الاحترام تعتبر ثقافة دينية ، اجتماعية ، وطنية، وموروث ثقافي لا يجوز تجاوزه او العبث به .
فالقادة داخل مجتمعنا الفلسطيني تعبر عن ضرورة وطنية و ظاهرة ابداعية ،فكرية ذات سمات شخصية قيادية ومهارات متميزة ودرجة عالية من المسؤولية ويقظة أعلى من ضمير حي وقلب يستوعب محبة الجميع وفكر متفتح يتقبل الرأي والرأي الاخر ومسؤولية متواصلة لا تتوقف عند محطة خلاف أو واقع منافسة.
فليس هناك من شعب يمكن أن يسجل بتاريخه وعبر كافة الحقب والأزمنة غياب قادته الذين يتحملون مسؤولياتهم ويخوضون أداء مهامهم بالمزيد من الاصرار والمثابرة والمتابعة على مدار اللحظة وهذا لا يعني بالمطلق انجازات مطلقة وغياب للهفوات والثغرات والأخطاء التي يمكن رصدها واستخلاصها ما بعد كل مرحلة تاريخية والتي لا يمكن التهاون حولها أو المجاملة فيها.
عملية التقييم التاريخي يقع فيها البعض بحالة ظلم مقصود أو جهل معرفي أو تنظير سياسي مخالف لحيثيات الواقع وتفاصيله على اعتبار أنه ليس من العدل والانصاف أن توجه السهام لقائد او قادة في مراحل تاريخية محددة بناء على تقييمات شخصية أو من منطلق خلافات سياسية بحكم الواقع وتفاعلاته وتحدياته وما يمكن أن يستجد من تطورات ومتغيرات ومحصلات نتائج سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية ، ثقافية لا يتحكم بنتائجها وتفاعلاتها أي قوة مؤثرة باعتبارها محصلة واقع متفاعل يشارك فيه الجميع وعدم امكانية القبول بتخلي أحد عن مسؤولية فشل محدد .
صناعة مرحلة وتضحيات شعب وقادة صنعوا تاريخ مجدهم ولا زالوا بذاكرة الأجيال مهما كانت المحاولات للعبث بأحداث التاريخ والالتفاف حول الحقائق ومحاولة صناعة مجد لمن ليس لهم في واقع الماضي والحاضر ما يمكن أن يسجل في صفحات انجازاتهم برغم ما اعترى مسيرة البعض من اخفاقات وتراجعات لا نستطيع بشمولية الحديث أن نعطي شرحا مفصلا عن كامل الصورة وما تحقق عبر كل مرحلة محددة فهذا بحاجة الى مجلدات والاف الصفحات لايضاح حقيقه وتفاصيل ما تم انجازه والاخفاق في تحقيقه وما تري المسيرة والحقبه الزمنية من معوقات وتحديات ..كما أن هناك الاف القادة عبر تاريخنا وبكافة مجالات العمل السياسي ، الاجتماعي ، الاقتصادي ، الاعلامي والثقافي وغيرها من التخصصات والذين يجب أن يذكروا ويسلط الضوء على ما قاموا به عبر مسيرة حياتهم سواء وهم أحياء أو حتى بعد مماتهم .
وحتى لا نظلم ولا نظلم وأن لا نقع فريسة شهوة النقد والتشهير واخراج ما بداخل البعض منا لحسابات ومصالح لا تتعدى حدود الشخصنة وما تميز به البعض من مخلفات ثقافية ومصالح انية وثقافة دخيلة أحدثت العديد من الفجوات كما أصابت الكثير من القيم التي نعتز بها ومن اهمها ثقافة الاحترام وأصول الخلاف والاتفاق وما يجب أن نتميز به من منطلقات تميزنا بسمات موضوعية واتزان وعدل وشجاعة محسوبة في قول كلمة الحق واحترام من رحل عنا كما احترام من لا زال على قيد الحياة لأن للاحترام أساسياته ومرتكزاته الدينية والوطنية والاجتماعية كما له متطلباته الانسانية الوطنية والتي لا تعطي الحق لأحد بالتطاول والتشهير وقذف الاخرين بعبارات غير لائقة تمس بشخوصهم ومسيرتهم وسجل عطائهم وقيادتهم التي تولدت بفعل مسيرة طويلة من العطاء وهذا ما يصب في أصل المطالبة بتعزيز ثقافة الاحترام كما ثقافة الاختلاف والاتفاق وما يحكمهم من أصول وضوابط وأخلاقيات لا تجيز لأحد الخروج عنها تحت أسباب الخلاف والمصالح وهذا ما يجعل من الضرورة ايجاد نموذج القدوة لدى القادة كما القدوة لدى مجموعة الكتاب والمثقفين والمطالبين جميعا بتعزيز ثقافة الاحترام بوقف هذا السيف الجارف من ثقافات متعددة ومنطلقات لا نعرف مصدرها ومسلكيات لا نعرف أصول تولدها ووجودها والاحتكام للمهنية والمنطلقات الوطنية .
ان بنائنا الثقافي مهمة وطنية يجب أن يشارك بها الجميع كلا من خلال موقعه ومكانته ومسؤولياته وهي ليست بالتأكيد مهمة فردية او محددة لجماعة معينة بل مهمة الكل الوطني بكل فصائله ومؤسساته كما مهمة كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية كما هي مهمة الكتاب والمثقفين ودورهم الأساسي في صناعة الرأي العام وتصويب توجهاته ومعالجة سلبياته من خلال خطاب مسؤول ووعي قادر على اختراق ما بداخل النفوس وما اعترى العقول وما نشأ من تعبئة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بثقافة الوطن واحترام الاخر وأهمية أن يسود بيننا ثقافة المحبة والتسامح والسعي الى العدل واحترام الاخر حتى ولو كنا في أشد مراحل الخلاف لأن الاحترام ثقافة القوي الواثق كما هي تعبير عن ثقافة المسؤولية والوعي للمهام المطلوبة وطنيا وتاريخيا .
ان شعبنا بحاجة دائمة لمن يقدم له القدوة والأفضل وحتى نساعد أنفسنا في احداث التماسك المجتمعي لأن في غياب ثقافة الاحترام سيكون هناك مدخلا للشياطين وللثقافات الدخيلة ولمجمل الأحقاد والعقد والمصالح.
ان الكتاب والمثقفين والقادة السياسيين ومن خلال كافة وسائل الاعلام الوطني مطالبين بحكم مهنتهم ومكانتهم ان يتقدموا الصفوف لإعطاء النموذج الذي يعزز من ثقافة الاحترام كما مسؤولية فصائلنا الوطنية وحتى تتاح الفرصة لإدارة خلافاتنا بمنظور الاحترام حتى وان كنا بأعلى درجات الخلاف والمنافسة (والتي لا مبرر لها بالمطلق ) لما هو أفضل للمواطن والوطن وللقضية لا أن نترك الأبواب مفتوحة للخلاف وتشويه قادتنا وتقزيم أفعالنا وخطواتنا .
ان هذه المسؤولية الأخلاقية الثقافية، الاعلامية، والسياسية ، بضرورة احترام قادتنا وعدم التشهير بهم من خلال وسائل الاعلام المتعددة التي تريد أن تكسب على حساب خلافاتنا استغلالا لغياب الضوابط التي تمنع التشهير والقذف ومحاولة المس بالقادة كما كل مواطن وعدم القبول بالخروج عن السياق وسلوك المخاطبة والحديث عن هذا القائد أو ذاك لأن ثقافة الاحترام للقادة الذين صنعوا مجدهم من خلال عطائهم وتضحياتهم والتفاف شعبهم هو احترام لشعبنا الذي صنع منهم قادة له لأنهم لم يولدوا من رحم أمهاتهم وهم قادة .
ان قراءتي لبعض ما يكتب وما يشاهد ويقال أجد فيه الكثير من غياب المهنية وزرع الأحقاد ولا ألمس أصول المخاطبة والاحترام واعطاء النموذج الذي تربينا عليه في مدرسة الثورة عبر حركة النضال الوطني الفلسطيني وهذا ما يحتاج الى اعادة صياغة الخطاب والمفردات والمنطلقات ...وحتى نعرف أصول وضوابط ثقافتنا وأهدافنا ...وأن لا نخاطر بثقافتنا ...وأن لا ننزلق بمنزلقات لا نعرف الى أين تأخذنا ؟؟؟ والى أي النتائج ستكون محصلة أخطاء البعض منا؟؟؟ في ظل مخاطر حصاد ما نزرع !!!