من يمتلك القرار الفلسطيني؟

بقلم: فايز أبو شمالة

لن يذق الشعب الفلسطيني طعم الحرية طالما ظل قراره السياسي خانعاً لرجال الأمن الإسرائيليين، ولن يتوقف اعتداء المستوطنين، ولن تتوقف مصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، ولن يتحرر شبر من مدينة القدس، ولن يفك الحصار عن غزة، ولن ترتدع إسرائيل عن عدوانها، ولن يرفع الفلسطيني رأسه طالما ظل القرار الفلسطيني ذليلاً أما صلف الصهاينة، وخاضعاً لشروط الرباعية الدولية.
ما سبق من رأي سيثير غضب قيادة السلطة الفلسطينية، سيقولون: بل قرارنا الفلسطيني مستقل منذ سنة 65، وقد خضنا حروباً للحفاظ على استقلالية القرار، ولن نسمح لقوة على وجه الأرض بالتدخل في استقلالية قرارنا، ونحن أسياد أنفسنا، ونأخذ قراراتنا وفق مصالح شعبنا، ولتخرس كل الألسن التي تتطاول على حرية قرارنا، واستقلالية سياستنا.
رويدكم، رويدكم، أيها القادة التاريخيون، لو كان قراركم مستقلاً كما تدعون، فلماذا خضعتم للأوامر الإسرائيلية، وألغيتم وزارة شئون الأسرى، وأقمتم بدلاً منها هيئة شئون الأسرى؟ لماذا انكسرت إرادتكم أمام اعتراض الصهاينة على وجود وزارة ترعى أولاد الأسرى والمحررين، وتصرف لزوجاتهم مخصصات مالية تتكافأ مع معاناتهم خلف الأسوار؟
ولماذا تنتظرون موافقة أمريكا وإسرائيل على صرف رواتب موظفي غزة؟ لماذا احترتم في كيفية صرف الأموال؟ لماذا عجزتم عن إصدار أمر للبنوك في غزة بقبول التحويلات المالية التي قدمتها دولة قطر للموظفين؟ لماذا تنتظرون موافقة أمريكا وإسرائيل؟
ولماذا وافقتم على بقاء المستوطنات الإسرائيلية، ورضيتم بتبادل الأراضي؟
ولماذا غفوتم على مخدة التنسيق الأمني أكثر من عشر سنوات لما يزل يقضيها الأسير مروان البرغوثي والأسير أحمد سعدات خلف الأسوار، دون أن يرف لقراركم المستقل جفن؟
أيها الفلسطينيون، من فقد قراره كي يحافظ على بقائه صار بقاؤه رهينة في يد الإسرائيليين، ومن صار بقاؤه رهينة بيد الإسرائيليين تاه، ومن تاهت خطاه صار يقدس طاولة المفاوضات التي شطبت ما تبقى من أرض فلسطين، وصار بسلوكه السياسي لا يرتقي إلى مستوى طموح شعب مقاوم، وصل مدى صواريخه إلى تل أبيب وحيفا.
أيها الفلسطينيون، إذا أردتم قطف ثمار مقاومتكم وصمودكم فلا بد من حيازة قراركم السياسي بأيديكم، لا بد من انتزاع قراركم السياسي بشتى السبل، إن انتزاع القرار الفلسطيني من براثن التبعية ـ ومهما كلف الأمر ـ لهو الأصل الذي تتفرع عنه كل الأنشطة الحياتية الفلسطيينية، وهذه المسئولية التاريخية تقع على عاتق كل التنظيمات والقوى السياسية والجماهير التي يجب أن تتكاثف معاً لتسترد قرارها الفلسطيني الخاضع، ودون ذلك فالمصير ضائع.