ان تعاطف وتأييد المجتمع الدولي لفلسطين أمر معروف ولا شك فيه, ولكن كيف يمكن الاستفادة من هذا التعاطف هذا امر صعب جدا, ولكن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس ابو مازن بدأوا بالعمل الجدي على استغلال المجتمع الدولي لصالح القضية الفلسطينية, وقد كتب لهم نجاحات كثيرة في هذا المجال, وفي هذا المقال سنضع بعض النصائح المهمة في كيفية النجاح في مجلس الامن, كان هناك محطات جوهرية في هذا المجال جعلت من القيادة الفلسطينية تصمد وتستمر في طريقها على اثر النجاحات التي تحققت في هذا المجال.
كانت النقطة الكبرى الاولى هي الاعتراف بفلسطين عضو مراقب في الامم المتحدة على حدود عام 1967, وكان ذلك بتأييد دولي وصل الى 138 دولة, هذا الرقم القياسي في تأييد قضية فلسطين دليل على ان هناك تعاطف دولي ولكن يحتاج الى تحريك واستغلال, كان الرفض الامريكي لهذا التوجه كبير ورغم ذلك حصلنا على ما نريد, وعلى أثر هذا القرار تم الافراج عن الاسرى القدامى, والانضمام الى عدد كبير من المنظمات الدولية والحقوقية التي تقييد وتكبل اسرائيل من الاستمرار بجرائمها, والان جاري التحضير للانضمام الى محكمة الجنايات الدولية والتي تشكل خطر كبير على الاحتلال الاسرائيلي, هناك فوائد كبيرة لهذا القرار ولكن نحتاج من يكتشفها ويعمل على تحقيقها.
نجحت فلسطين بقرار جوهري اخر وهو مقاطعة الاتحاد الاوروبي للبضائع الاسرائيلية القادمة من المستوطنات على اعتبار ان المستوطنات غير شرعية, هذا القرار له فائدتين: الاولى: تضرر الاقتصاد الاسرائيلي جراء المقاطعة, اما الثانية: فهي دليل على ان كل العالم يعتبر المستوطنات غير شرعية ومستعد للوقوف ضد هذه المستوطنات, هنا تحول مهم جدا وهو استعداد الدول للعمل ضد المستوطنات, فان قرار المقاطعة يعتبر عمل جدي لمحاربة هذه المستوطنات, ويجب على القيادة الفلسطينية في هذه النقطة بالتحديد العمل على حث العالم وخاصة الاتحاد الاوروبي للوقف بقوة لإزالة هذه المستوطنات, خاصة وان العالم مستعد للعمل ضد المستوطنات كما رأينا في قرار الاتحاد الاوروبي.
لم تتوقف القيادة الفلسطينية عن استغلال التعاطف والتأييد الدولي للقضية الفلسطينية بل استمرت في هذا العمل وحاولت الاستفادة منه, وجاءت خطة الرئيس ابو مازن التي عرضها على مجلس وزراء الخارجية العرب مكملة لهذا الطريق, وهذه الخطة التي ستطالب مجلس الأمن الدولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وتحديد جدول زمني لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967, هذه الخطة تعبر عن ابداع القيادة الفلسطينية في استكشاف الطرق التي يمكن من خلالها مواجهة الاحتلال الاسرائيلي عبر مؤسسات ومنظمات المجتمع الدولي.
عام 2011 قامت القيادة الفلسطينية بتقديم طلب دولة فلسطين على مجلس الامن ولكن فشلت فلسطين بسبب الرفض الامريكي, ذلك لم يثني القيادة الفلسطينية التي استبدلت تلك الخطة بخطة مشابهة قدمتها للجمعية العامة للأمم المتحدة وهي الاعتراف بدولة فلسطين عضو مراقب, وتم الموافقة على القرار رغم الرفض الامريكي الشديد, وهذه الخطة التي ينوي الرئيس طرحها على مجلس الامن - بعد موافقة ودعم عربي- تقوم الولايات المتحدة بالعمل على افشالها, وتهدد بالعقوبات ضد فلسطين في حال توجهت السلطة الفلسطينية الى مجلس الامن.
ما يبشر بالخير ان الولايات المتحدة فشلت في عام 2012 وهذا دليل على انها ستفشل في عام 2014 لنفس الاسباب اضافة الى حرب اسرائيل على غزة التي كلفت ما يزيد عن الفين شهيد, ولكن هذا التفاؤل لا يكفي بل يجب علينا كباحثين في المجال السياسي تقديم النصائح للقيادة الفلسطينية التي تمكنهم من النجاح في خطتهم التي ستعرض على مجلس الامن.
نصائح للنجاح في مجلس الامن:
1. الاصرار على التحدي ان شعب فلسطين له الحق المشروع في ارضة وفي دولته وفي العيش بسلام, فيجب على القيادة الاستمرار في مطالبها دون تعب او ملل, ويجب على القيادة ان تخوض هذا العمل بروح التحدي لقوى الظلم التي لا تريد ان تعطي الشعب الفلسطيني حقة.
2. اعطاء القضية بعدين (جانب خير) و (جانب شر), يعني ان تنشر القيادة الفلسطينية دعايتها بأن من يقف الى جانب فلسطين في هذا القرار فأنه يقف الى جانب الخير والسلام والامان, اما من يقف ضد هذا القرار فأنه يقف مع الشر والقتل والحرب والدمار, فهذا من شأنه ان يجعل الدول تتردد في رفض هذه الخطة, فيجب عمل قائمة تشمل دول الخير ودول الشر, واضافة أي دولة مؤيدة لهذه الخطة الى محور دول الخير.
3. يجب اعطاء اهمية للجانب الاعلامي كما حدث عام 2012 في قرار دولة عضو مراقب, فأنني حتى الان لم ارى الزخم الاعلامي المطلوب لهذه الخطة كما كان في عام 2012, حتى وان كان على مستوى الاعلام المحلي والعربي فانة يعطي للقضية اهمية شعبية تجعل الدول تتردد في رفض هذه الخطة.
4. الذهاب لجميع الدول كما حدث عام 2012, رغم أن هذا القرار لا يحتاج الا الدول الاعضاء في مجلس الامن, الا ان ذلك لا يمنع القيادة من الذهاب لجميع دول العالم لأخذ منهم مواقف تدعم هذه الخطة, فأن هناك 138 دولة قامت بتأييد فلسطين عام 2012, لو تم الذهاب لهذه الدول وحصلنا على 138 موقف مؤيد من هذه الدول فأن ذلك بالتأكيد يصب في صالح خطة الرئيس المقدمة الى مجلس الامن, وسيجعل الدول الاعضاء في مجلس الامن تتردد في رفض هذه الخطة خوفا من تدهور سمعتها بين الدول بأنها تقف في محور الشر.
5. استغلال الدمار والحروب والاستيطان والحصار وكل جرائم الاحتلال في صالح الدعاية لهذه الخطة, فأن الجانب الدعائي يؤثر كثيرا في مثل هذه القرارات وخاصة ان لكل دولة مصالحها مع دول العالم وكل دولة تسعى لتحسين سمعتها بين دول العالم للحفاظ على السياحة والاقتصاد والتحالفات وغيرها من الاهداف, فالعالم اليوم يهتم كثيرا بسمعة الدولة, لذلك أنصح بالتركيز على هذه النقطة.
6. التلويح بحل السلطة, هذا امر قد يكون عادي اذا لم تستغله القيادة, يجب على القيادة عندما تلوح بحل السلطة ان تذكر ما هي نتائج حل السلطة, يجب عليهم ان يشرحوا حل السلطة جيدا وليس فقط تداول كلمة حل السلطة, فيجب التذكير بان حل السلطة سيكلف الاحتلال كثيرا وسيكلف الشعب كثيرا وسوف تسود الفوضى وترجع حالة الانتفاضات والمقاومة العنيفة, يجب التحذير بأن قرار حل السلطة صعب للغاية.
7. يجب ان نضع المجتمع الدولي في صورة الوضع ما بعد الموافقة على هذه الخطة, يجب الشرح للمجتمع الدولي بان هذه الخطة سوف توفر الامن والسلام وتنهي الاحتلال والمعاناة وان الاستقرار يسود في المنطقة اذا وافق مجلس الامن على الخطة, وسينال الشعب الحرية وسينهض من جديد وتنخفض معدلات الفقر والبطالة, يجب ان نعطي المجتمع الدولي صورة حسنة عن الوضع بعد موافقة مجلس الامن على الخطة, هذه يشجع الدول على الموافقة.
ويجب على القيادة الفلسطينية البحث عن وسائل اخرى في سبيل نجاح هذه الخطة.
د. باسل خليل خضر
باحث في العلوم السياسية