يقال ان العلم والجهل التقيا ذات يوم في البرية... وكان الجهل بهليمانه ووغلمانه وسلطانه في حلة مزركشة بهية متقلدا سيفا مذهبا ويركب حصانا اسود مطهما..بينما العلم بجلبابه العتيق الفضفاض ..يمشي الهوينا وحيدا خافض الراس تواضعا..متاملا خطواته وسارحا على مد البصر بصيرة وتوقعا..
بادر الجهل بالكلام دون السلام وقد اعتراه التشنج والغرور: يا فتى..بلغني انك تدعي الفطنة والنباهة اكثر مني.. ابتسم العلم وهمس : ياسيدي..ظلمك من بلغك..!!
ارتفع صوت الجهل هادرا: اعلم يا فتى..ما انت الا حثالة نكرة..واني ارفع منك نسبا واعز حسبا
اتسعت ابتسامة العلم: سيدي..مما يشرفني ان تكون كذلك
انتفخت اوداج الجهل وقد اعتبر ذلك استفزازا واضحا فجلجل بصوته:هل تتحداني؟!!
رد العلم بهدوء:لا يا سيدي معاذ الله
واصل الجهل انفعاله:اسمع ايها الصعلوك...اذا كنت تتحداني فلتصارعني..!!
اعتذر العلم تادبا: لا ياسيدي .. فانا ارى جبروت جسمك... وانت ترى ضالة حجمي..
اصر الجهل على المصارعة.. فاقترح العلم ان تكون مصارعة بشكل اخر..
قال : اذا فليختر كل منا عشبة من الارض حولنا تشفى مرضا ونلوكها
قهقه الجهل وقال: ابدا انت..
انحنى العلم واقتطع عرقا من (الشيح) ولاكه قائلا ..انا اعاني مغصا منذ الصباح وهذا دواءه بحمد الله..
وانحنى الجهل بدوره من على صهوة حصانه وقطع عشبة استحسن منظرها.. ولاكها ...قائلا :انا لا اعاني من أي شيء ولكن هذا يريحني اكثر..!!
فزع العلم مما فعل الجهل وهتف به: سيدي.. لقد تناولت نبتة سامة جدا..ولا يعرف ترياقها الا العبد الفقير..!!
قهقة الجهل مرة اخرى..... وماهي الا لحظات حتى بدا الجهل يعاني الما ولكنه كابر.. اشتد الالم صرخ بعبيده وغلمانه... بدا يترنح وسقط عن حصانه..تحولت المكابرة الى اعتصار فاستنجاد فرجاء فتوسل ..!!
ضحك العلم وانحنى ليلتقط عشبة قميئة من بين قدمي الجهل وقدمها له.. فسرعان مازال الالم
شعر الجهل بالخزي والخجل وقبل يدي العلم وقدميه معتذرا عن سوء ادبه وغروره..!!
اسوق هذه الرواية لنكتة وغاية..وانا اسمع وارى احفاد هذا الجهل الغبي.. يتكاثرون.. يلتبسون الدنيا بالدين يدعون..يتفاخرون..يتهددون ..يفترون ..يتاجرون بما انزل الله وبما لم ينزل يفتون ..!! بل واكثر من ذلك
ان لم توافقهم خالفوك وان لم تؤمن على خرافاتهم عادوك وشتموك وطعنوك ولعنوك وارسلو خلفك عسسهم ومناديبهم وربما اذوك..!! وهم يعلمون اولا يعلمون انهم انانيون ..انتهازيون.. فارغون ..فاشلون ..معبأون بغل وحقد مجنون ..مما لقن لهم من حكايا وتعاويذ.. اصدقها وهم.. شبه لاقطابهم.. وما شحنت به عقولهم من تكفير وتنفير.. فيقتل الاخ اخاه.. والعاق اباه... با مر شيطانه و مولاه ... طبع على افئدتهم.. فلا عقل ولا تدبير وقد قيل فيهم وفي امثالهم (افلا يعقلون )..؟!!
هؤلاء.. مرتابون ..شكاكون ..تربوا على كره ما دونهم.. فلا راي الا رايهم..ولا سيف الا سيفهم..ولا تقوى الا تقواهم.. لهم الصواب والثواب ولغيرهم الخطأ والعقاب ..طوبوا لانفسهم الجنة فهم الفرقة الناجية.. وما عداهم فرق طاغية تلقى بامرهم في النار وبئس القرار..!!
تاريخهم اوله انتحال واوسطه احتيال واخره اغتيال ...!! ايقظوا الخوارج و الحجاج والسفاح و ابن الصباح وحشاشيه من قبورهم ..فعادوا من جديد.. بمسمى جديد..!!
هؤلاء تفرقوا في الحياض طاعة وبيعة واستنسخ سحرة الفرنجة من جماعتهم جماعات وتنظيمات ومسميات وخلافات وامارات وانقسامات فانتشروا في ا صقاع الارض كالجراد.. تهربوا و تغربوا وتقربوا .. تاجروا بكل شيء ..جاهدوا بالنكاح ما استطاعوا.. فتحوا فروج الشام والفرات ...طلبوا الجزية .. وباعوا الحرائر في الاسواق مقيدات...!!
تفننوا في تسييس حكم الله..وكفروا الخلق..وبثوا الفتن والمؤامرات... عبدوا الحزام الناسف.. والسيارة الملغمة .. ورصاصة في الراس اسرع.. اشاعوا الخوف والارهاب...وجزوا على الملا الرقاب... واصبح وجودهم في أي مكان نفيرا للخراب..!!
نصبوا انفسهم ..خلفاء وصحابة وتابعين واولياء يهللون لايامهم وراياتهم الظلماء فوق الجماجم والخواء ..وجعلوا من صورة المسلم بين البشر وحشا دمويا ..قاتلا مخيفا..يؤذن بالفناء..!!
اللهم ارحمنا من هذا الداء .. وخلصنا من شرمن تطفلوا على دينك ..وشوهوه وهم اشد عداوة وبلاء ...
اللهم عليك بهم فهم لايعجزونك ..وانت خير دواء..!!