هل كتب علينا أن تكون غزة نازفه وجريحة وأن يكون أهلها صامدون مرابطون محتسبون ممسكون على ألمهم ويصمتون على حزنهم ودموعهم في لحظات الشدة والقسوة ...كتب علينا أن تكون عيوننا شاهده شاخصه علي من حولنا ومن بداخلنا للمشاهدة والاستماع لكل ما يقال عن صمود اسطوري وتضحيه عظيمه وارادة لا تلين ولا تعرف المستحيل وأننا نتربع علي قمة التاريخ وصدارته لا يثني عزائمنا دمارا طال محرم حياتنا وقذائف هرست عظمنا ولحمنا وقطعتنا أشلاءا متناثرة ...رحم الله شهدائنا أجمعين وشفا الله جرحانا .
كتب علينا قناعه ثابته راسخه وايمان متجذر في أعماق القلوب وفي وجدان الضمير ارادة صلبة وعقيدة غير قابله للمساومة تعزز بداخلنا مواقف القوة ووسائل العطاء والتضحية .
كتب علينا الكثير...وصبرنا صبر أيوب...وعطاءنا بلا حدود ..ورباطه جأشنا فاقت صبرنا وتحملنا ما أصابنا فلا موت يهزنا ولا دمار يثني عزائمنا ولا فقر يقتل أحلامنا ولا شتاء قارس يمكن أن يزعزع نومنا فنحن من القوة والمناعة ما يفوق قدرة البشر ..هكذا كتب لنا وعلينا .
كتب علينا ولا زال يكتب لنا ما هو خارج العقل والمنطق وما هو خارج مساحه الوطن من انقسام قاتل وألم يتسع... من خلال فضاء يتسع لتصريحات لا مسئوله تعكس بداخلنا ما كتب لنا وعلينا فارحمونا يرحمكم الله ولا تسمعوننا صوت يقسم ..ولا خطاب مفتت ..فمن يريد الحديث ليكن مثلنا وما كتب لنا وعلينا .
وحتى لا يفهم مزايد أننا قد أصابنا الاحباط واليأس ولم نستطع التفريق ما بين الغضب والرفض وما يقال في حديث الناس عن سخط واستغراب وحالة من الاندهاش والانزعاج لم يتبقى لهم ما يقولون علي حالة اغترابهم داخل وطنهم وحتي محاولة غربتهم فلا اغتراب راحم ...ولا غربة سالمة ...ولا وحدة منشودة ...ولا اعمار ملموس ....ولا حصار مرفوع ...ولا تغيير يذكر يمكن أن يرحم هذا القطاع بمنازله المدمرة وبنيته التحتية ومؤسساته الحكومية والغير حكومية والتي طالها الدمار وقد أصبحت بمستوي قاع الأرض ولا زلنا علي حالنا وسؤالنا متى ؟ وكيف؟ يمكن اعادة اعمار غزة .
فالجميع لا يتردد في اطلاق تصريحاته حول الشعب ومعاناته وضرورة اعادة الاعمار وفتح المعابر وتحسين أوضاع الناس ولا أعرف من يقف حائلا ومانعا أمام كل ذلك ؟!!!
شعب يعيش أزمات متعددة من بطالة متزايدة الى اغتراب قاتل ومواطنه ناقصة غير مكتملة وتعليم ليس بالمستوي المطلوب وصحة لا زالت علي طريق استكمال أجهزتها وخبراتها ومؤسسات لا تعطي فرصة العمل والتخطيط في ظل دمار يلاحقها فهل حقا كتب علينا كل ما نحن فيه ؟ أم هناك جزءا مما كتبناه لأنفسنا مما يشتت أمرنا ويضعف أحوالنا ويزيد من أعبائنا ومساحة ألمنا ويضعنا أمام سد منيع لتقدمنا وتطوير أحوالنا ومعالجة ما بداخلنا في ظل انقسام قاتل وغلو مميت للفئوية المقيتة وتراجع ملحوظ للمصالح الوطنية العليا .
ليس مكتوب علينا ..أن ننزف وتدمي قلوبنا وأن نفقد أعزاءنا وتهدم منازلنا ومؤسساتنا ...وليس في هذا ضعف ايماني ولا تشكيك وقناعه بحقنا بالدفاع عن أنفسنا ومقاومة المحتل بكافة الوسائل من أجل كرامتنا وحريتنا ...أما ما هو سلبى فلا يقل لي أحد هذا مكتوب ومعلوم من البداية حتي النهاية ...والا فاذا كان امرنا وواقعنا دمار وقتل وكوارث ونكبات وأن نقبل بما يخططه غيرنا لنا من أعداء شعبنا وأن تتوقف عقولنا وتصمت ألسنتنا وتتوقف أقلامنا ولا نتحدث ولا نقول بأعلى صوتنا هذا صحيح وهذا خطأ حتي لا يأتي علينا الشتاء القادم ليأكلنا كما الصيف الساخن وما أصابنا... وفي واقع مشهد اجتماعي اقتصادي سياسي ثقافي واعلامي يزيد من حالة الاغتراب الذي لا يحتمل وحالة الفراغ القاتل للأجيال وهجرة الموت وبطالة اليأس وقد أوقفت الأمل والتمنيات في واقع عشرات الألاف من الخريجين الذين لا يجدون فرص عمل لإثبات الذات وخدمة مجتمعهم من خلال علومهم وتخصصاتهم لماذا ؟ فلا ظهر يسندهم ... ولا واسطة توصلهم ...ولا تنظيم يدعمهم ..في الفراغ يعيشون ..وعلي الفيس بوك ينامون ..والى الضياع يذهبون دون أن يدرون ...والشتاء قادم والبرد القارس لن يرحم أحد في واقع المأوي المفقود والانقسام الذى أثقل علينا وأصبح سوادا وظلمه يتحمل كل ما نحن عليه وما يهدد وجودنا وحقوقنا ومقومات صمودنا .
هل كتب لنا وعلينا كل ما يقال وما لا يقال ...القول كثير والحديث يطول ...ولا أصعب أن نري أجيالنا وشبابنا يعيشون اغترابا داخل وطنهم ويذهبون الى غربة قاتلة لعل وعسي يمسكون بخيط أمل ويوم عمل يستطيعون من خلاله أن يبددون يأسهم ويبدءون مشوار حياتهم وبناء مستقبلهم دون تفكير وامعان بخطورة ما يفكرون به ومدي المخاطر المحدقة بهجرتهم غير القانونية وترك وطنهم الذي هو بحاجة اليهم ...ولكن سيبقى السؤال هل الوطن بحاجه الى شبابه ؟؟
الأسرة الفلسطينية التي قضت عمرها تربي وتعلم حتي يأتي وقت قطف الثمار بعد سنوات العمر المديد لا يعقل أن نري شبابنا وفتياتنا يعيشون حالة الفراغ والبطالة وهم غير منتجين ولا ينقصهم الا أن يروا ويلمسوا ارادة سياسية جادة وقادرة وفصائل فلسطينية موحده ورؤية فلسطينية جامعة تسعي لإيجاد الحلول الممكنة لمشاكل هذا الجيل وهذا الوطن تجمع ولا تشتت ...توحد ولا تفرق ...توفر فرص الحياه الكريمة ..لا أن تجعل أجيالنا علي طريق الموت البطيء وواقع أباء وأمهات يرون في أبنائهم حلم حياتهم وهم يعانون من فراغ قاتل ولا يستطيعون أن يفعلوا لهم شيئا ....ليس هكذا الوطن والمواطنة ..وليس هكذا تبني الأوطان ...وليس هكذا الأمانة والمسئولية الوطنية ..فالشتاء قادم يا سادة... لكل من يجلس أمام مدفأه ولكل من يرتدي معطفا ولكل من يأكل ويشرب مما يجعله دافئا ولا يري من حوله ممن يتألمون ويصرخون ويتضرعون الى ربهم محتسبين في ظل شتاء وبرد قارس قادم لهم بعد حرارة صيف لم تغير من لون جلدهم كما لم تغير من عقيده ايمانهم لأنهم يدركون وصابرون ...يعرفون لكنهم صامتون ...ويبقي السؤال الى متي ؟وهل سيبقي يقال لنا هذا ما كتب لنا ؟ لأن الأصل أن نكتب نحن ما نريد ...لا أن يكتب لنا .
الكاتب :وفيق زنداح