اليوم وبعد غياب طويل عن لقاء اللواء فاطمة البرناوي شاءت الأقدار ان استمع الى تلك المرأة الفلسطينية القائدة فينا .. تحدثت بعناء مرضي عن المعاناة التي عاشتها وعاشها وما زال يعيشها ابناء شعبنا الفلسطيني في القطاع وكما هي عادة ابناء الفتح تحدثت باسم الكل الفلسطيني ولم تذكر في كلمتها اي من التنظيمات والاحزاب بل كانت فلسطين تتحدث للفلسطينيين تحدثت باسم الكل الفلسطيني بنغمة الحزين على واقعنا . كانت فلسطين حاضرة بيننا في صورة سيدة عظيمة واول اسيرة فتحاوية رغم انها تنكر مقولة ان تكون اول اسيرة فليسطينية ..
كانت فاطمة سيدة من سيدات فلسطين الماجدت تحدثت باسم الكل رغم معرفتنا انها ابنة الفتح اصيلة اصالة الزيتونة في ربوع الارض الفلسطينية في عراقتها ولكن والجميع يعلم ان ابناء الفتح يتكلمون باسم فلسطين ويتحدثون بمعالم الانتماء الحقيقي لفلسطين والقضية الفلسطينية تلك كانت ابنة الفتح تلك كانت ابنة فلسطين تلك كانت ابنة النضال بمعالمه الواضحة والخفيّة ..
سيدتي وسيدة الوطن والانتماء تسمّرت عروش بني صهيون تحت قدميك وتهاوت قلاع الامن المزيفة على ثورة امرأة وعنفوان بطلة ..سيدتي يا من تمثلين المرأة الفلسطينية بكافة الوان طيفها الفلسطيني . الأم والاخت والحبيبة والاسيرة ورفيقة الدرب يامن غرست فينا ينابيع الكرامة والكلمة الواحدة الموحدة يا من تزينت بزينة الاخلاق والصبر يامن تطيّبت بروائح الأرض والوطن من الاسر بعثت الينا رسائل الوحدة والانتماء للوطن رسائل الصمود والصبر المعهود ..
في غزة وعلى مدار اكثر من خمسون يوما تناثرت الاشلاء واستشهد الابطال وغزة كما هي العادة وكما تعود الابناء قبل الآباء صامدة صمود هياكل التاريخ الحجرية مهما تكاثرت عليها مؤثرات الزمن يحاول الكثير تدمير ما تبقى من شواهد نضالية وايضا يحاول العدو تدمير ما هو متأصل بالعمق الغزي النضالي والتاريخي للوطن لتبقى شواهد العملاق الفلسطيني قائمة وستزول حتما الشواهد المصطنعة لغزة والوطن لأن غزة هي مفتاح نضالات الوطن الحقيقية مهما تكاثرت عليها المكائد ومهما استفحلت بها الفتن ومهما سيطرت عليها عوالق الزمن مع محاولة الكثير كسر شوكة ابنائها ومحاولة الكثير تدمير الروح النضالية الحقيقية المترسخة في اعماق ابنائها وايضا حاول الكثير تدمير نتاجها البشري ولكن الوطن المتمثل بغزة الصمود من حيث الشواهد الراسخة على الارض والراسخة في الابدان والراسخة ايضا في العقول ولن تنطمس الثورة ولن تنتهي غزة ما بقي هؤلاء الابطال على الارض …
تلك كانت فاطمة الفلسطينية وتلك كانت معاناتها في غزة كما ابناء هذا الوطن الجريح اما فيما يتعلق بالبعض من حماس ولا اريد ان اشمل الكل الحمساوي لانني على يقين ان هناك الكثير من ابناء حماس الشرفاء القابضين على الجمر يعيشون بين نار حقد البعض من قادتها ونار الانتماء للوطن .. قبل ايام كان لنا لقاء مع الاخ اسماعيل رضوان احد قادة حماس في تونس وكانت المرة الاولى الذي استمع لاحد منهم مباشرة بعيدا عن منمقات وتأثيرات الاعلام وكان حديثه في الحقيقة وحدوي وفيه الكثير من الفلسطينية والبعض من الاقناع مع انني لا اؤمن بالاقوال بالنسبة لقادة حماس بل اؤمن بالافعال وهنا تكمن مصائب حماس بيننا فالاقوال بعيدة بعد السماء عن الارض نسبة للافعال …
تفائلنا كثيرا بمصالحة وهمية واستبشرنا خيرا بما ستؤول اليه تلك البشائر لنجد فيما بعد ان الحمل الوديع لا تشمله المصالحة فقط كانت ما بين الاسد والذئب وكان ذاك الحمل كما هي العادة كبش الفداء او اضحية الوليمة بين طرفي مصالحة لم تكن سوى خروج من ازمات حمساوية داخلية ومادية ربما كان لكل من الطرفين اجنداته وله اهدافة الغير معلنة من وراء كل ما يحدث على الارض ليبقى الحمل ينتظر يوم العيد ولم يكن يعلم انه هو من سيذبح ذاك اليوم رغم فرحه بالبهجة الزينية التي تلوح في الأفق امامه ولم يكن يعلم ان ايام العيد تلك ستكون اواخر ايامه ..
رغم التفاؤل من خلال لقاء رضوان عادت حماس الى اساليبها الملتوية والبعد عن الانتماء الفلسطيني الفلسطيني والعودة الى الحزبية المقيتة من خلال زيارة السيد مشعل الى تونس والعمل على امكانية التواصل مع تونس من خلال حركة حماس والبعد كل البعد عن الواقع الرسمي الفلسطيني وتناسى السيد مشعل التوافقات الفصائلية والتوحد تحت لواء منظمة التحرير والدولة الفلسطينية وممثليتها الرسمية على ارض تونس سفارة دولة فلسطين .. ربما تناسى ايضا فلسطينيته امام الامتيازات التي يتوقع الحصول عليها من خلال فروع الاخوان المسلمين المتشعبة زاعما انهم اصحاب الانتماء الحقيقي وهنا اريد ان اقول للسيد مشعل وامثاله ان غزة ستبقى دائما شاهدة على علل التاريخ وامراضها وستبقى رافعة الشواهد بنضالات ابنائها واستبسال تعدد الاجيال فيها رغم امراض العصر المتعددة ورغم صراعات المصالح لتكون شوكة في حلق المتسلقين والمغرضين والمتشبهين بالمناضلين الحقيقيين ..
سيداتي سادتي هل أصبحت حياة الفلسطيني رقم سهل يتطلب رضا هذا المسؤول أو ذاك وهل تكون حياة المواطن الغزي أكثر رخصا من حياة أضحية العيد ليعود الينا من عناء المرض وعناء الحصار ليضاف اليه عناء روتين قاتل أو مسلمات إدارية أكثر إجراما من المرض نفسه لينصاع المريض الغزي الى أوامر تلك المستشفى أو ذاك المسؤول صاحب قرار الرحمة وإصدار صك الغقران الطبي لتجتمع المسلمات أمام مريض يعاني سكرات الموت وأمام روتين أجوف أو قرارات عقيمة لإعادة الحصار المرَضي الى المريض ويعاني انطلاق رحلة العودة الى القطاع كنقطة انطلاق جديدة لهذا الجريح أو ذاك …
حقيقة استبشر الغزي وخاصة ابناء الفتح هناك بثقافة تحت مسمى المصالحة ولست ادري ان كانت مصالحة اعلامية اعلامية أم مصالحة ما بين طيات الورق فكيف لو كانت تلك المصالح مصالحة مع الذات اولا ومصالحة بين الاخ واخيه ومصالحة اجتماعية بمعنى الكلمة وايضا مصالحة اقتصادية واقصدها هنا لأن نتاج الانقسام السيئ من اذلال للكثير من ابناء هذا الوطن اقتصاديا كان له الاثر الاكبر والمرير على الكثيرين من ابناء هذا الوطن….
ابتهج الشارع الفلسطيني بنتائج اللقاء الاخير والذي يقال عنه بأنه لقاء مميز أستوعب الكل الفلسطيني من خلال لقاء الرئيس ابومازن والسيد مشعل وايضا لقاء عزام الاحمد وهنية الامر الذي جعل الكثير من المعنيين بالامر سواء من قريب او من بعيد متفائلين او ربما متشائلين اكثر من اللزوم ولأن الكثير من أبناء الطبقة العامة والمعنيين المباشرين بهذا الامر يعرفون حماس جيدا ويعرفون زئبقيتها في التملص من أي التزام يتم التوقيع او التوافق عليه وهي ايضا خبيرة في دهاليز المكر الكيدي والدهاء السياسي الأمر الذي بات واضحا وجليا على ان كل ما تم الاتفاق عليه الآن او ربما ما سبقه من اتفاقيات سابقة يعتبر اقل بكثير من الحبر على الورق ليصبح بعد برهة حبر يتطاير في الهواء .
فعلا شتان ما بين الثرى .. من يتحدث بحزبيته الضيقة والثريّا .. من تتحدث باسم الكل الفلسطيني مع الكل الفلسطيني ..
الكاتب عطية ابوسعده / ابوحمدي