بشهر يونيو حزيران بالعام 82 قامت اسرائيل بعدوان جديد للقضاء على قوات الثورة الفلسطينية والقضاء على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وأسر القيادة وتحطيم وتدمير القدرات العسكرية للمقاومة في أطول حرب شنتها اسرائيل والتي استمرت 88 يوم .
دخلت القوات الاسرائيلية من بوابة الجنوب اللبناني التفافا من منطقة بيروت الشرقية حيث كانت هناك أشد وأعنف المعارك التي خاضتها قوات الثورة الفلسطينية ضد القوات الغازية في منطقة العرقوب وقلعة شقيف التي تميزت بمقاومة باسلة أزهلت العدو الاسرائيلي الذي وقف حائرا ومختلا بقوته أمام هذه القلعة التي تواجد بها 120 مقاتلا فتحاويا والذين استمروا لأيام طويلة وهم يقاومون المحتل الاسرائيلي دون القدرة على التقدم وقد كان اخر المقاتلين المقاومين ذاك الشبل الفتحاوي المقاتل والمقاوم والذي اتصل بالقيادة الفلسطينية لابلاغها عن استشهاد جميع من هم بداخل هذه القلعة بعد نفاذ ذخيرتهم ولم يتبقى الا ذاك المضاد للدروع مع ذاك الشبل وعندما سال القائد الشهيد ابو عمار عما يجري بعد استشهاد من هم في القلعة بعد نفاذ ذخيرتهم والسؤال عن الأمر الذي يجري تنفيذه قال له القائد الشهيد ابو عمار هل تستطيع ان تضرب؟ قال له ذاك الشبل نعم استطيع ... قال له اضرب .
شباب فلسطيني مقاوم استمروا بمقاومة الغزو الاسرائيلي على كافة محاور القتال في منطقة صور وصيدا وعلى طريق جنوب لبنان وعلى حدود مخيم عين الحلوة .
كانت الخدعة والخطة الاسرائيلية والتحالف مع قوات الكتائب اللبنانية بقيادة بشير الجميل وسمير جعجع وايلي حبيقة الذي قاد القوات اللبنانية الكتائبية لارتكاب مجزرة العصر الدموي وبتغطية كاملة من القوات الاسرائيلية ووزير دفاعها في ذاك الوقت ارئيل شارون بعد انسحاب قوات الثورة من منطقة بيروت الغربية والتي يتواجد بها مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة على طريق مطار بيروت الدولي ومنطفة الفكهاني والملعب البلدي كل ذلك في منطقة بيروت الغربية التي اصبحت محاصرة بالقوات الاسرائيلية الغازية وبميلشيات الكتائب .
ذكرى مذبحة صبرا وشاتيلا تعيد للذاكرة مدى حجم المؤامرات التي كانت تحاك ضد منظمة التحرير وفصائلها وقوات الثورة الفلسطينية وكان المخرج لهذه الحرب العدوانية الاسرائيلية التدخل الدولي من خلال المبعوث فيلب حبيب والذي طالب القيادة الفلسطينية بالخروج مستسلمة دون سلاحها للحفاظ على سلامة الافراد والقيادات الا ان الرئيس الشهيد ابو عمار رفض رفضا قاطعا نزع سلاح المقاومة وتمسك بأن يكون الخروج مشرفا وكان له ما اراد اذ خرجت قوات الثورة بسلاحها المرفوع بيد وشارة النصر باليد الأخرى الى سوريا واليمن وبعض القيادات والكوادر خرجت الى تونس حيث مقر منظمة التحرير الفلسطينية على متن سفينة فرنسية وبتعهدات وضمانات دولية وهناك من القوات من ذهب الى البقاع اللبناني وما حدث بعد ذلك في معركة طرابلس الشهيرة والتي عاد اليها الرئيس الراحل ابو عمار على متن زورق بحري حيث كان يتواجد الشهيد القائد ابو جهاد لمواجهة المنشقين بقيادة ابو موسى .
اصرار وعزيمة وتضحية ونضال مستمر وعدم القبول بالاستسلام مهما كانت التضحيات بعد ان تكبدت اسرائيل الكثير من الخسائر وما استخدمته في قصفها من صواريخ وقذائف في كافة انحاء بيروت الغربية خاصة مثلث برج البراجنة وصبرا وشاتيلا وبئر العبد والفكهاني والملعب البلدي وكورنيش المزرعة وحتى منطقة الحمام العسكري .
بعد خروج القيادة وقوات الثورة الفلسطينية وعدم قدرة اسرائيل على تحقيق اهدافها بالقضاء على قوات الثورة وأسر القيادة .
كانت المذبحة والمجزرة ضد سكان مخيمات صبرا وشاتيلا المدنيين والعزل من خلال ميلشيات الكتائب بقيادة ايلي حقيبة وسمير جعجع وبشير الجميل وبمساعدة وتعاون الجيش الاسرائيلي الذي قام بالحصار والتغطية وانارة المنطقة وفي غياب الاعلام تم استشهاد المئات من الاطفال والنساء والرجال لتضاف هذه الجريمة والمجزرة النكراء الى سجلات جرائم هذا الاحتلال .
ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا تفتح الجرح النازف وتقلب صفحات مجد هذا الشعب الفلسطيني الذي قدم التضحيات تلو التضحيات على مذبح الحرية والكرامة ونحن لا زلنا على ذكرى مذبحة غزة والتي قامت بها اسرائيل من تدمير وقتل طال الالاف من الشهداء والجرحى والالاف من المنازل الامنة .
اسرائيل وسياساتها العدوانية وعدم قبولها بالتسوية السياسية واصرارها على ارتكاب العديد من المجازر والجرائم باعتماد لغة البطش والعدوان والارهاب لكسر ارادة الشعب الفلسطيني وسلب حقوقه سياسة فاشلة وجرائم ومجازر لا بد وان تحاسب اسرائيل عليها امام المحاكم الدولية .
سياسة اسرائيلية لم ولن تحقق اهدافها طالما تمسكنا بحقوقنا وزادت مقومات قوتنا ولم تنكسر ارادتنا وقدرتنا على الصمود .
مقومات فلسطينية كما كافة الشعوب التي ناضلت وكافحت من اجل حريتها واستقلالها ولن يكون الشعب الفلسطيني خارج اطار الكفاح والاصرار على نيل حقوقه الوطنية.. ولن تكون اسرائيل الا قوة غاشمة معتدية غاصبة ستؤول كافة جرائمها ومجازرها الى الفشل والمحاسبة القانونية الدولية ولن تستطيع اسرائيل تحقيق ما تخطط له... وتجربة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والتي استمرت منذ العام 48 لم تحقق فيها اسرائيل امنها المنشود ولم تحقق استقرارها وسلامة شعبها طالما نحن لم ننال حريتنا واستقلالنا وامننا... هذه هي المعادلة التي يجب ان تدركها اسرائيل والتي ربما ادركتها ...لأن الشعوب لا تهزم ... والاحتلال لا ينتصر .
رحم الله شهدائنا الابرار والشفاء لجرحانا والحرية لأسرانا
الكاتب/
وفيق زنداح