غدر بهم الساسة، فطواهم البحر

بقلم: فايز أبو شمالة

غرقت السفينة فطفا على سطح الموج حجم المؤامرة التي تمثلت في خذلان غزة، وخيانة المقاومة، وطعن تضحيات الشعب الفلسطيني.
ونتفق جميعاً أن الوجود الإسرائيلي هو أصل المصائب التي تحل على الشعب الفلسطيني، ولكننا نختلف على المهمات القذرة التي لا ينفذها الجيش الصهيوني، وإنما يؤديها مندوبون للإسرائيليين، ومرشدون للمخابرات الإسرائيلية يتفانون في سبل التعكير على حياة الناس، ويتفننون في تضييق الخناق على معيشتهم.
بعض الفلسطينيين ارتضوا على أنفسهم أن يكونوا أدوات يستعملها الاحتلال لتبييض وجه الحصار، والتضييق على حياة الناس حتى الهجرة من الوطن.
ثم، نتفق جميعاً أن الحصار هو السبب الأول لهجرة شباب قطاع غزة، ولكننا نختلف في تحديد الجهة التي تسببت بالحصار؛ وهل الحصار نتاج الانقسام، أم بسبب المقاومة؟.
لو كان الانقسام سبباً في الحصار؛ فإن التفرد بالقرار السياسي، وعدم السماح لوجود الموقف الآخر حتى ولو كان مجلساً تشريعياً منتخباً بشكل ديمقراطي، هو سبب الانقسام.
ولو كانت المقاومة هي نقطة انطلاق الصهاينة في حصار غزة، فمعنى ذلك أنهم يستندون إلى نموذجهم الأمثل في التعامل والتعاون مع السلطة التي تنبذ المقاومة.
هنا يصير الانقسام الفلسطيني على المقاومة، والخلاف على شرعيتها من عدمه نقطة افتراق، ونقطة ضغط صهيونية استقطبت تأييد الرباعية الدولية للفكر الصهيوني.
إذن الذي دفن شباب غزة في موج البحر هم المتآمرون على المقاومة، وهم السبب في حصار غزة، وهم شركاء عدونا في رؤيته السياسية لحل الصراع، ولهم معه علاقات دبلوماسية، وتواصل حياتي، وتعاون مالي، وتنسيق أمني، ومربط فرس الطرفين هو تصفية المقاومة.
إن المسئول عن مقتل عشرات الشباب الفلسطينيين غرقاً في البحر هو نفسه المسئول عن تعطيل اجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير، وهو المسئول عن تعطيل عمل المجلس التشريعي، وهو المسئول عن تهرب حكومة التوافق الوطني من القيام بواجبها في غزة.
لذلك فإن تقديم التعزية لمن ابتلعهم الموج لا تتم من خلال كلمات المواساة المألوفة، التعزية لضحايا لقمة العيش تكون من خلال التخلص من التبعية للكيان الصهيوني وأذنابه، والعودة إلى حضن الشعب، ومن خلال الاقتناع بنهج المقاومة الذي أثبت جدواه، ومن خلال طي صفحة التوسل للعدو ببعض الحقوق من خلال طاولة المفاوضات.
ملاحظة: الذي يقاوم العدو بسلاحه، ويضحي بنفسه وولده وبيته لا يخون شعبه، ولا يفرط بحقوقهم، الذي يقاوم يقدم الغالي، ومن يقدم الغالي لا ينتظر مقابلاً مادياً رخيصاً، بينما الذي لا يقاوم، ولا يعرف المقاومة، ولم تحدثه نفسه بالمقاومة، فإنه يلقي للبحر بكل شيء.